قال محققون في جرائم حرب تابعون للأمم المتحدة إن الضربات الجوية المكثفة التي يشنها «التحالف الدولي» دعماً ل «قوات سورية الديموقراطية» في معركتها ضد «تنظيم داعش» لاستعادة محافظة الرقة، تسببت في «خسائر مذهلة في أرواح المدنيين». في موازاة ذلك، أبدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قلقها من استخدام «التحالف الدولي»، بقيادة أميركا مادة الفوسفور الأبيض خلال العمليات العسكرية في سورية والعراق. وقال باولو بينيرو رئيس لجنة التحقيق لمجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة إن الاتفاقات العشرة بين الحكومة السورية والجماعات المسلحة لإجلاء المدنيين والمسلحين من مناطق محاصرة بما في ذلك شرق حلب «تصل في بعض الحالات إلى جرائم حرب» لأن المدنيين ليس أمامهم «خيار». وحذرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، من تدهور وضع المدنيين النازحين من مدينة الرقة شمال سورية. وقال المتحدث باسم المفوضية، أندريه ماهيسيتش، إن خطة الاستجابة المشتركة بين الوكالات لنازحي الرقة تلقت 29 مليون دولار من أصل 153 مليون مطلوبة لتغطية الاحتياجات الأساسية للنازحين. ويقدّر عدد النازحين من محافظة الرقة بما يزيد على 400 ألف شخص، 100 ألف منهم نزحوا في شهر أيار (مايو) الماضي وحده. وتتوافر لدى المفوضية مواد إغاثية ل 50 ألف نازح من أصل ال 400 ألف، وفق ما قال ماهيسيتش، بما فيها من خيم وحزم إيواء طارئة إضافية إلى المنطقة. وجاء في تقرير المفوضية «وسط القتال العنيف الدائر في مدينة الرقة وما حولها، تدعو المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تعزيز إمكانية الوصول المستدام لعشرات الآلاف من المدنيين، الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية». وأكدت المفوضية سعي الوكالات الإنسانية الى إيجاد السبل الأكثر فاعلية لإيصال المساعدة إلى الأشخاص الأكثر حاجة إليها في منطقة الصراع، حيث تنتشر الألغام والذخائر غير المنفجرة. ويعد إيصال المساعدات الانسانية الى الرقة أمراً بغاية الصعوبة كونها تتواجد في منطقة شبه صحراوية معزولة، كما لا يدخل عبر الحدود التركية والعراقية المغلقة في معظم الوقت سوى جزء بسيط جداً من الدعم. وتقول منسقة الطوارئ في منظمة «أطباء بلا حدود» بوك ليندرز «هناك إمدادات، ألا أنها لا تزال محدودة جداً فيما حاجات السكان كبيرة جداً». وتغلق تركيا المعابر الحدودية بينها وبين مناطق سيطرة الأكراد في شمال سورية. اما المعبر مع العراق الذي يبعد 300 كيلومتر شمال شرقي الرقة، فلا يزال مفتوحاً، إلا أن الحركة عليه بطيئة، وفق ما يقول مسؤولون محليون. وتعمد الأممالمتحدة بين الحين والآخر الى ايصال المساعدات جواً من دمشق الى القامشلي شمال شرقي الرقة في عملية «معقدة ومكلفة». إلا أن هذا الأمر يبقى غير كافٍ لتأمين احتياجات السكان، وفق ما يقول المتحدث الإقليمي لمكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية دايفيد سوانسون. وتأمل الأممالمتحدة حالياً بنقل المساعدات الانسانية من حلب (شمال) الى القامشلي، لتقطع بذلك مسافة تبلغ أكثر من 400 كيلومتر، لكنها لا تزال في حاجة الى اختبار سلامة الطريق، وفق سوانسون. وفي مخيم في بلدة عين عيسى، 50 كيلومتراً شمال الرقة، يقول نازحون جدد إنهم ينامون على الأرض في العراء من دون فراش أو حتى خيم فوق رؤوسهم. ويشرح بول دونيهي من «لجنة الانقاذ الدولية» أن «الوضع الأمني غير المستقر في شكل كبير» يعد مصدر قلق آخر للمنظمات الانسانية في المنطقة. ويوضح «هناك الكثير من الألغام والعبوات الناسفة، فضلاً عن أخطار أن يشن «داعش» هجمات»، مشيراً الى «تقارير حول مقتل مدنيين فارين جراء غارات التحالف» الدولي. ويعتقد على حد قوله إن «أكثر من نصف سكان الرقة قد يفرون من المدينة في نهاية المطاف، ولكن يبقى هؤلاء عرضة للألغام وقناصة داعش وللغارات الجوية». من ناحيتها، أبدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قلقها من استخدام «التحالف الدولي» الفوسفور الأبيض خلال العمليات العسكرية حالياً في سورية والعراق. وقالت المنظمة إن «استخدام الفوسفور الأبيض بالضربات المدفعية من قبَل التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة يثير أسئلة خطيرة حول حماية المدنيين». وأكدت أن «القوات الأميركية تستخدم الفوسفور الأبيض في الموصل في العراق، وفي الرقة معقل داعش في سورية. لكن سبب استخدام قوات التحالف غير واضح». وأشارت «هيومن رايتس ووتش» إلى تسجيل مصور من الموصل في 3 حزيران (يونيو) الجاري يظهر استخدام قذائف أرضية تحتوي على الفوسفور الأبيض. بينما نشرت حملة «الرقة تذبح بصمت» في 8 حزيران، تسجيلًا قالت إنه يشير إلى قصف مدينة الرقة بالفوسفور الأبيض.