عندما أعلنت جامعة الملك سعود رؤيتها التطويرية الجديدة منذ أربع سنوات «ريادة عالمية من خلال شراكة مجتمعية لبناء مجتمع المعرفة» فإنها تعني بكلمة مجتمع المعرفة (بناء مجتمع المعرفة الذي يقود إلى تحقيق اقتصاد معرفي)، وهي عندما أعلنت ذلك لم تعلنه إلا بعد أن وضعت في خطة عملها برامج ومبادرات جديدة تخدم هذا التوجه، وبالفعل أطلقت مبادرات نستطيع القول إنها أسست منظومة من المبادرات خلال الأربع سنوات الماضية مستثمرة في ذلك قوة الجامعة في بعض المجالات العلمية والبحثية. وتأسست تلك المبادرات بناءً على حاجات التنمية الوطنية، وبدأت قبل إطلاق المبادرات بالتعرف على ماهية المعرفة التي نريدها بالمملكة؟ وللإجابة عن هذا السؤال درست موصفات هذه المعرفة وطبيعتها وربطها بالأولويات الوطنية وبالتالي أطلقت المبادرات (معهد الملك عبدالله لتقنية النانو، معهد الأمير سلطان للتقنيات المتقدمة، مركز الأمير نايف للعلوم الصحية، مركز الأمير سلمان لريادة الأعمال، برنامج كراسي البحث، برنامج الملكية الفكرية، وادي الرياض للتقنية، برنامج الطاقة، مركز التصنيع المتقدم، حاضنة الرياض للتقنية، برنامج الاستقطاب، برنامج التوأمة العالمية) ثم أسست بعد ذلك شركة وادي الرياض التي تحتضن مخرجات هذه البرامج وتوظفها إلي مشاريع اقتصادية استثمارية مثل الشركات الناشئة أو تقنيات منتجة تضيف للاقتصاد الوطني. وجامعة الملك سعود ماضية حالياً، بحسب ما أعلنه مديرها الدكتور عبدالله العثمان في تحويل 10 في المئة من براءات الاختراع التي يملكها منسوبوها إلى استثمارات، متوجهة بذلك نحو تحقيق اقتصاد المعرفة الذي لا ينضب ويعد هدفاً استراتيجياً لدول العالم الأول، ونحن هنا في هذا التقرير نتحدث عن هذه المنجزات التي تعد منجزات وطن ومنجزات قيادة ومنجزات جامعة، ونسلط الضوء على بعض منها: مركز الأمير نايف لأبحاث العلوم الصحية برعاية النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، تم مساء الثالث من كانون الثاني (يناير)2010، تم تدشين مركز الأمير نايف بن عبدالعزيز لأبحاث العلوم الصحية، ليكون صرحاً شامخاً ورقماً مهماً في مجالات أبحاث العلوم الصحية المتقدمة على مستوى العالم، وخلال مدة زمنية قصيرة استطاع البرنامج بالعمل المتواصل والجهد الدءوب أن يسطر بأحرف من نور سلسلة من الإنجازات العالمية منها استقطاب علماء بارزين في علوم المناعة، وإنشاء وتجهيز المختبر الوطني المختص بأبحاث علوم المناعة والربو في كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي. برنامج الملكية الفكرية وبراءات الاختراع قام برنامج الملكية الفكرية وترخيص التقنية خلال السنوات الأربع الماضية بإيداع أكثر من 138 براءة اختراع لأعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك سعود في مكاتب براءات الاختراع المختلفة، سجلت منها 40 براءة اختراع، ونشر 31 طلب براءة، وأودع 67 طلب براءة. هذه الأرقام تمثل قفزة هائلة ونقلة نوعية بالنظر إلى السابق، إذ إنه منذ العام 1990 وحتى العام 2006 كان متوسط الإيداع لبراءة الاختراع لا يتعدى 1,4 براءة في السنة الواحدة، أما خلال فترة الأربع سنوات من 2006 حتى 2010، فتضاعف متوسط الإيداع إلى أكثر من 20 ضعفاً، إذ بلغ متوسط الإيداع 28,25 براءة في السنة، مع استئثار عامي 2009، 2010 بالنصيب الأكبر من البراءات. كما أن الجامعة لديها حالياً أكثر من 90 طلب براءة اختراع في المراحل النهائية للصياغة تمهيداً لإيداعها في مكاتب براءات الاختراع في دول متعددة. براءات الاختراع لأعضاء هيئة التدريس يلاحظ تميز أعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك سعود بأن براءات الاختراع الخاصة بهم موزعة على مكاتب براءات اختراع مختلفة محلياً وعالمياً، وهذه المكاتب على سبيل المثال لا الحصر تشمل المكتب السعودي والمكتب الخليجي والمكتب الأميركي والمكتب الأوروبي والمكتب الكندي والمكتب الكوري والمكتب السنغافوري، والمكتب الإسباني، والمكتب الألماني، إذ يعتبر تعدد دول الحماية إحدى الاستراتيجيات المتبعة لتسويق هذه البراءات كمرحلة لاحقة على الحماية. توزيع البراءات في 12 مجالاً طبياً وهندسياً وتقنياً وتحلية المياه والطاقة، ولم تقتصر البراءات على مجال تقني بعينه، وإنما اهتمت بعديد من المجالات التقنية التي تخدم الصناعة، وبالتالي المجتمع، إذ اشتملت مجالات هذه البراءات على مجالات الهندسة والنقل والمرور والخرسانة والمجالات الطبية والصيدلانية وطب الأسنان، وكذلك مجالات الطاقة والترشيد في استهلاكها، والطاقة المتجددة، ومجالات استخدام تقنيات النانو والبوليمرات، إضافة إلى أن جامعة الملك سعود أولت اهتماماً خاصاً بالابتكارات المتعلقة بتطبيقات الحاسب الآلي، وأمن المعلومات لدرء التحايل على التدابير التقنية الحديثة ومنع التعدي عليها. براءات الاختراع تمهيد لشركات ناشئة تولي الجامعة حالياً اهتماماً كبيراً بتسويق هذه الاختراعات، إذ وقّعت جامعة الملك سعود مذكرة تأسيس شركة برمجيات جامعة الملك سعود، كما وقّعت الجامعة أخيراً مذكرة تفاهم بين شركة وادي الرياض وشركة كريستل العالمية لاستثمار براءة اختراع عمِل على تطويرها فريق علمي مشترك من الجامعة ومن شركة كريستل العالمية تسهم في دعم وتطوير صناعة الأسمنت وخفض كلفة البناء. مركز التصنيع المتقدم يسعى مركز التصنيع ليكون مركزاً هندسياً رائداً، يُعرف على أنه هيئة متخصصة في التصميم والتطوير والتصنيع المتقدم. ويمكن أن يسهم المركز في نقل ونشر تقنيات صناعة المنتجات الاستراتيجية كصناعة السيارات في المملكة من خلال الجمع بين التصميم المتقدم وطرق التمثيل والمحاكاة المتكاملة، التي يتم التأكد منها باستخدام الأجهزة وتسهيلات الاختبارات الحديثة، وكان للمركز الجهد الأكبر في تصنيع أول سيارة في المملكة «غزال 1». ويقدم المركز خدمة فريدة في مجال التصميم والتطوير لتلك الصناعات في منطقة الخليج. وسيساعد بما لديه من تنوع واسع وقدرات وخبرات والتزام في دفع التقنية إلى حدودها القصوى والحصول على منتجات مبتكرة جديدة ومنافسة. ويمثل المركز مصدراً للمعلومات والتعليم، ليس فقط لطلاب الجامعة، وإنما للمهندسين العاملين في الصناعة ويقدم المركز للصناعة والمعاهد التعليمية معلومات على مستوى عالٍ، تساعد في معرفة التقنيات الحديثة والمستجدات في مجال منظومات المنتجات الاستراتيجية. وإلى جانب تقديم المركز للنتائج التقنية والحلول وكونه مصدراً تعليمياً وتدريبياً متقدماًً، فإن المركز يساعد في بناء صناعة للمنتجات الاستراتيجية في المملكة ويؤهلها للمنافسة في تحديات الاقتصاد العالمي المتزايد. وتمثل الجهود في هذا المركز تعاوناً وثيقاً وفريداً في البحث والتعليم الذي لا يركز فقط على الطلاب والأكاديميين والمجتمع، ولكن أيضاً يقدم الفائدة إلى الصناعة والاقتصاد في المملكة بصورة عامة. كراسي البحث العلمي بدأت كراسي البحث العلمي تحقيقاًً لرؤية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده نحو تطوير التعليم العالي، ولاسيما في مجال البحث العلمي، ولتعزيز توجهات الوطن نحو التحول لمجتمع المعرفة، فأطلقت الجامعات السعودية برنامجاً لكراسي البحث وتهدف إلى تحقيق التميز في مجال البحث والتطوير واقتصادات المعرفة بما يسهم في تبوء المملكة مكانة عالمية مميزة في الإبداع والابتكار، فضلاً عن تعزيز الشراكة المجتمعية. وكرسي البحث مرتبة علمية تسند لباحث مميّز في مجال تخصصه على الصعيدين الوطني والدولي ويزخر رصيده البحثي بإسهامات نوعية وكمية عالية في مجال الاختصاص. وقد حددت جامعات مدة كرسي البحث بأربع سنوات من تاريخ إنشائه ويجوز تمديد مدة عمل الكرسي لفترات أخرى. حاضنة الرياض للتقنية في الجامعة قصة نجاح مصطلح الاحتضان مصطلح اقتصادي جديد نسبياً، وتعد حاضنة الرياض للتقنية حاضنة للتقنية أنشأتها جامعة الملك سعود، لإنشاء وتشجيع ودعم بيئة الابتكار وروح المبادرة، إذ ترمي إلى اختيار الكيان، وإنشاء وتسريع النمو والنجاح من خلال برنامج شامل لتقديم المساعدة للمشاريع التجارية التي من شأنها تحفيز النشاط الاقتصادي، وإيجاد فرص عمل مميزة تعزز مجالات التقنية، وتهدف الحاضنة لأن تصبح واحدة من أفضل حاضنات التقنية في العالم، ولديها فريق متخصص من ذوي الخبرة وتشمل مسؤوليته إدارة العمل اليومي للحاضنة ووضع وتنفيذ خطط الحاضنة الرئيسية والتنمية الاستراتيجية، وبالنسبة إلى أنشطة الحاضنة، منذ نشأتها في حزيران (يونيو) 2008، وحتى الآن بلغ عدد الطلبات المقدمة لها نحو 150 طلباً، تم احتضان عدد 17 منها، تخرج منهم بالفعل طلبان تم تحويلهما لوادي الرياض للتقنية هما نظام النداء الآلي الإلكتروني، جهاز ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية (المرشد)، وهناك أربعة طلبات أخرى جاهزة للتخرج وهي نظام التبريد الجاف للهواء مع التحكم في الرطوبة، جهاز تسخين المياه الفوري، بلك البناء المبتكر، مشروع الخيمة السعودية. كما تم تحويل ما يقارب عدد 43 طلباً من أفكار طلبة جامعة الملك سعود إلى مركز الابتكار في الجامعة، وما تبقى من أفكار نحو 90 طلباً ما زالت في مرحلة ما قبل الحضانة. شركة وادي الرياض أسست جامعة الملك سعود شركة وادي الرياض، لتحقق رؤية القيادة في دخول المملكة إلى «اقتصاد المعرفة»، الذي يعنى ب«تحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية، من خلال تحويل الاختراعات التقنية إلى منتجات قابلة للاستثمار لتداولها والمتاجرة بها، وتحويلها من حيز الأفكار إلى قيم اقتصادية ومادية، وهو الأساس الذي يُبنى عليه الاقتصاد المعرفي». وتؤكد خطط التنمية في المملكة أهمية تطوير موارد الاقتصاد الوطني وتنويعها، وفي هذا الصدد أكدت الخطة التاسعة للتنمية أن يكون الاقتصاد المعرفي مبدأً رئيسياً في توجهات الاقتصاد الوطني لتشجيع البحث والتطوير والابتكار وتعزيز قدراتها، واعتمدت من أهدافها الاستراتيجية تشجيع تأسيس المشاريع الريادية المتوسطة والصغيرة ودعمها وتوفير فرص نجاحها. الجامعة تدعم الشركات الناشئة أطلق رئيس الاستخبارات العامة الأمير مقرن بن عبدالعزيز، شركة تقنية النداء لصاحبها المهندس خالد بن سعيد الزهراني، أحد خريجي كلية الهندسة في جامعة الملك سعود، ومبتكر نظام النداء الإلكتروني لطلاب وطالبات المنشآت التعليمية، وهي أول شركة استثمارية قائمة على البحث والابتكار في وادي الرياض للتقنية بجامعة الملك سعود، وتسلَّم السجل التجاري الخاص بالشركة، كما تشرف بالسلام على سموه الكريم أول موظفين سعوديين في الشركة. وتتولى شركة تقنية النداء إدارة وتطوير نظام النداء الإلكتروني للمنشآت التعليمية، والذي يخدم القطاع التعليمي في ضبط وتنظيم آليات دخول وخروج الطلاب والطالبات من المدارس وتوثيقها، وتطوير البيئة المدرسية لتكون إلكترونية، وحفظ نظامها، وتهيئة آلية تواصل إلكتروني موثوقة بين ولي الأمر والمدرسة والطالب، وتم تسجيل براءة اختراع للنظام في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجارٍ تسجيلها في مكتب براءات الاختراع في دول مجلس التعاون الخليجي.