شارك الناخبون في فرنسا بفتور ملحوظ أمس، في الدورة الأولى للانتخابات البرلمانية التي تستكمل الأحد المقبل، ويأمل الرئيس إيمانويل ماكرون بأن تسفر عن غالبية قوية لمصلحته تسمح له بتنفيذ إصلاحات اقتصادية واجتماعية تعهد بها. وتأتي الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس النواب الذي يضم 577 مقعداً بعد شهر من فوز ماكرون المصرفي السابق البالغ من العمر 39 سنة، برئاسة ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. وتوقعت الاستطلاعات أن تسفر الانتخابات الاشتراعية الفرنسية تجديداً واسع النطاق للوجوه الذي ستتوزع على مقاعد الندوة البرلمانية نتيجة انهيار مواقع اليمين واليسار التقليديين وانبثاق حركة «الجمهورية الى الأمام» التي أسسها ماكرون، قوة رئيسية على الساحة السياسية. وتأتي هذه الانتخابات في ختام حملة خلت بخلاف حملة الانتخابات الرئاسية من الخضات والتقلبات وشق في إطارها مرشحو «الى الأمام» طريقهم بهدوء مستفيدين من الزخم الذي أحدثه فوز ماكرون بالرئاسة. وتنافس في الانتخابات 7877 مرشحاً من مختلف الاتجاهات على 577 مقعداً نيابياً في ظل نسبة إقبال بدت منخفضة عند منتصف يوم أمس، إذ سجلت 19.24 في المئة من الناخبين في مقابل 21 في المئة في الوقت ذاته في انتخابات عام 2012. وصبت الأحزاب التقليدية جهدها على امتداد الحملة على إنقاذ ما أمكن من مواقعها من دون أن تتمكن من استعادة ثقة الناخبين الذين خبروا أداءها وعدم جدواها في إيجاد حلول لمشكلاتهم المعيشية والاقتصادية. أما اليمين المتطرف الذي نافست مرشحته مارين لوبن في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية ماكرون، فهو لم يحقق رهانه في التحول إلى قوة المعارضة الرئيسية ولم ينجح في جذب أصوات الخائبين من القوى التي تناوبت على حكم البلاد في العقود الماضية. كذلك لم يستفد اليسار الراديكالي من التقهقر والتجزئة في صفوف الحزب الاشتراكي، ما جعله يقلص طموحه والسعي الى الحصول على ما يلزم من الأصوات لتشكيل كتلة نيابية. وخاض مرشحو «الى الأمام» وهم بغالبيتهم الساحقة أشخاص من المجتمع المدني غير المجربين سياسياً، حملة ديناميكية على الأرض لم تعكرها شبهة المحسوبية التي أثيرت حول وزير التجانس المناطقي ريشار فران ولا التهويل حول أخطار الخطط الإصلاحية لقانون العمل التي يحملها ماكرون وتداعياتها على معيشة العاملين. وأدلى ماكرون بصوته برفقة زوجته بريجيت في دائرتهما الانتخابية في لوتوكيه حيث لم يدل بأي تصريح، بل اكتفى بمصافحة المشرفين على مركز الاقتراع والمواطنين الذين تجمعوا لتحيته أمام المركز. ونقلت وكالة «رويترز» عن منير محجوبي وزير الدولة في حكومة ماكرون أثناء جولة لحشد التأييد في دائرته الانتخابية شمال باريس: «نريد غالبية كبيرة كي نستطيع العمل وتغيير فرنسا خلال السنوات الخمس المقبلة». وتوقعت استطلاعات الرأي حصول حزب «الجمهورية إلى الأمام» وحليفه حزب «الحركة الديموقراطية» الذي يمثل اليمين الوسط على ما لا يقل عن 30 في المئة من الأصوات مع حصول حزب «الجمهوريين» المحافظ وحلفائه على نحو 20 في المئة وحزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف على نحو 17 في المئة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن هذه النتيجة ستتحول إلى غالبية ساحقة في الجولة الثانية.