دعا الخبير المصرفي والأكاديمي العراقي عصام المحاويلي إلى إعادة الثقة بالمصارف الخاصة العراقية والعمل على معالجة المشكلات التي تعاني منها نتيجة ضعف ثقة المودعين، ما يتطلب تفعيل دورها في النشاط المصرفي المتنوع، خصوصاً في مجالات الاستثمار والتنمية، بما يجعلها قادرة على استقطاب ودائع المواطنين في شكل يجعلهم بعيدين من وسائل الترويج لاستثمار أموالهم في مصارف غير عراقية، وتحديداً إيرانية. وأكد في مقابلة مع «الحياة» أن «بعض المصارف غير العراقية تمنح فوائد على المبالغ التي تودع لديها، أعلى من تلك التي تمنحها المصارف العراقية، ما يُغري المواطنين العراقيين لإيداع أموالهم لديها». وقال إن «القطاع المصرفي العراقي الخاص يحتاج إلى توفير الحماية اللازمة له من خلال تأمين قدر أكبر من ثقة المواطنين العراقيين بالقطاع وتشجيعهم على الاستثمار فيه». وأشار المحاويلي إلى أن «ضعف الثقة بالقطاع المصرفي العراقي دفع بالكثير من أصحاب الأموال والمستثمرين إلى استثمار أموالهم في دول الجوار التي تتميز باستقرار الوضع المالي ومنح مصارفها تسهيلات كبيرة للمودعين لديها، ما زاد نسبة تحويلات أموال العراقيين إليها، خصوصاً الأردن، على رغم أخطار هذه الظاهرة على الاقتصاد العراقي، ما يستدعي من المعنيين درس أي مخاوف تهدد الاقتصاد العراقي وتفاديها، نتيجة استمرار خروج الأموال العراقية». وشدد على ضرورة «تشجيع المصارف العراقية على منح فوائد منافسة لمودعيها، والعمل على إبعاد القطاع عن أي ممارسات ذات صلة بالربا وتبييض الأموال والتوجه نحو الاستثمارات التي تلامس حاجات الواقع العراقي في قطاعات التنمية المختلفة». وأضاف أن «تقديرات البنك المركزي العراقي تشير إلى أن هناك نحو 77 في المئة من الكتلة النقدية مخزنة لدى أصحابها بدلاً من أن تكون لدى المصارف العراقية، ما يستدعي درس الأسباب والتداعيات على نشاط القطاع المصرفي الذي يعد الذراع المالية للاقتصاد العراقي، إضافة إلى أهمية تعزيز السيولة المصرفية التي تعتبر أحد المرتكزات الأساس للسيولة التي يحتاجها المصرف». وأكد المحاويلي «ضرورة معالجة ما بات يعد تحدياً أمام العديد من المصارف، وتحديداً الحفاظ على حقوق المودعين القانونية والشرعية تجاه المصرف، ووضع المعادلة الضرورية للمصرف لمجابهة طلبات السحب والإقراض من دون أن يقع في هاوية شح السيولة». وأوضح أن «هذه الهاوية تلامس سمعة المصرف المالية والاعتبارية، ما يتطلب من المركزي العراقي متابعة مثل هذه الأخطار وتداعياتها على حقوق أصحاب الودائع، كما أن المركزي مطالب بالإسراع بتحديد أي معلومات تصل إليه تتعلق بعدم تلبية طلب سحب من أي مصرف لمعرفة الحقيقة قبل أن تستفحل، وبالتالي تكون نتائجها وخيمة على مسيرة المصرف وثقة المواطنين به». واقترح المحاويلي أفكاراً تساعد في معالجة الكثير من الأخطاء التي شابت أداء المصارف الخاصة أخيراً، منها وضع آلية محددة لإقراض رؤساء مجالس إدارة المصارف الخاصة من قبل مصارفهم، كما على البنك المركزي فرض قيود صارمة في مراقبة الودائع عند المصارف، وألا يسمح بأي تجاوز للنسب التي يقررها عندما يمنح أي مصرف قروضاً، إضافة إلى كشف أي تجاوزات قد تحصل على أرصدة المواطنين. وكانت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي عزت خروج الأموال العراقية من البلد إلى فشل السياسات المصرفية العراقية وطالبت بالتحري عن أسباب تلك الظاهرة، فيما حذرت من تداعياتها الخطيرة على الاقتصاد الوطني. وقالت عضو اللجنة ماجدة التميمي في تصريح إن «فقدان الثقة بالمصارف العراقية، بعد إفلاس الكثير منها وعدم إعادة أموال المودعين، اضطر الكثير من أصحاب الأموال إلى اللجوء إلى المصارف الإيرانية»، مطالبة ب «إعادة النظر بعمل المصارف العراقية والسياسة المصرفية لاستعادة ثقة المواطنين بها». وأضافت أن «خروج الأموال العراقية إلى دول الجوار يشكل خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني، خصوصاً أن البلد يمر بضائقة مالية»، عازية إخراج العراقيين أموالهم إلى دول الجوار واضطرار الحكومة للاقتراض من البنك الدولي، إلى «فشل السياسة المصرفية وعدم اعتمادها على المعايير الدولية، وعدم مراقبة البنك المركزي لعمل المصارف».