أعلن المصرف المركزي العراقي أول من أمس، فرض وصايته المالية والإدارية على مصرف «الوركاء» الخاص، أحد أكبر المؤسسات المالية الخاصة، عازياً ذلك إلى نقص في سيولة المصرف. ويعد قرار الوصاية على «الوركاء للاستثمار والتمويل»، العائد إلى عائلة سعد البنية التي تمتلك سلسلة شركات في العراق وأوروبا وآسيا والولاياتالمتحدة ودول خليجية وعربية، خامس وصاية يفرضها «المركزي»، المسؤول عن السياسة النقدية منذ صدور قانون المصارف الأهلية عام 1991، إذ سبق وفرض وصاية على «المصرف العراقي الإسلامي» ثم مصرف «البركة» و «إيلاف» و «البصرة الأهلي». وكانت «الحياة» حصلت على وثيقة رسمية صادرة من المركزي، اعترف فيها بأن وزارة المال كانت السبب الرئيس لتدهور عمل المصارف الأهلية بعدما قرّرت سحب الودائع الحكومية منها عام 2009. وطالب «المركزي» مصرف «الوركاء» بتسديد 800 بليون دينار (600 مليون دولار) خلال شهر، ما أدى إلى جفاف السيولة في المصرف الذي يمتلك 128 فرعاً ويشغل أكثر من 900 موظف. واعترف نائب محافظ المركزي مظهر محمد صالح، بخطأ وقعت فيه الحكومة عبر وزارة المال حين أصدرت القرار، وحدّت من نشاط المصارف الأهلية التي اقتصرت أعمالها على شراء العملة الأجنبية من البنك وبيعها للزبائن، فيما سارع الزبائن المودعين إلى سحب ودائعهم من المصارف الأهلية، خوفاً من حدوث أي طارئ يقود إلى فقدان أموالهم. وقال: «هذا القرار اتخذ فجأة ولا نعلم لماذا، لكننا كجهة مسؤولة عن مراقبة السياسة النقدية نقف في صف حماية المواطنين وودائعهم، وسنفرض الوصاية في حال تأكدنا من وجود تلكؤ أو تقصير من أي مصرف»، كاشفاً أن «نسبة السيولة المتبقية لدى مصرف الوركاء هي 13 في المئة، بينما يجب أن يكون الحد الأدنى 30 في المئة». ولفت إلى أن «عراقيل حالت دون حصول الوركاء على قرض من مصرف الرافدين على رغم موافقة وزير المال، وطالبنا بالإسراع في إعطائهم القرض ليتسنى لهم الوفاء بمطالبات سحب الودائع». وطالب المصارف الأهلية العراقية بالإسراع بتقوية مواقفها عبر الاندماج أو إيجاد شركاء دوليين، مؤكداً أن «الوركاء» اتفق مع البنك البريطاني «ستاندر تشارترد» على الشراكة، لكن القوانين ومشاكل مالية حالت دون ذلك. وقال مسؤول في رابطة المصارف الأهلية: «الرابطة تبحث مع المصرف المركزي في حل هذه الإشكالية ورفع الوصاية عن مصرف الوركاء»، مؤكداً أن «الجميع يعترف بوجود تعثر في عمل الوركاء بسبب قرار الحكومة سحب ودائعها، لكن كان على المركزي معالجة الموقف وفق آليات مطبقة عالمياً، فعندما يواجه أي مصرف في أي دولة أزمة ما، نجد أن الحكومة تتحرك لدعمه، وهذا ما حصل أخيراً في الولاياتالمتحدة حين قررت الحكومة منح القطاع المصرفي 700 بليون دولار لتجاوز الأزمة المالية». وأكد أن «مصرف الوركاء لم يعلن إفلاسه، وبحسب الأرقام المتوافرة فالموجودات تغطي مطلوباته وتزيد، لكن توقف المقترضين عن التسديد ومشاكل القرارات الحكومية تسببت في قلة النقد لديه»، مشيراً إلى أن «قرار الوصاية غير قانوني، لأنه لم يطبق الشروط الواجبة للوصاية، وكان يجب أن يبدأ المركزي بحلول أخرى، وللأسف منح قانون البنك المركزي لعام 2004 صلاحيات واسعة للأخير، وقراراته المفاجئة ستترك آثاراً سلبية على القطاع المصرفي». وشدّدت عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية نورة البجاري على أن الكثير من القرارات الحكومية المتعلقة بالقطاع الاقتصادي تتناقض مع توجهات حكومية أخرى، وأظهرت السوق العراقية في صورة مضطربة، ما سيحد من جذب أموال المستثمرين الأجانب. وتساءلت في تصريح إلى «الحياة» عن موقف الحكومة مستقبلاً حين ستؤدي قراراتها غير الداعمة للقطاع المصرفي الخاص، إلى عزوف الزبائن عن إيداع أموالهم في المصارف الحكومية والأهلية، ما سيقلص حجم السيولة النقدية فيها».