تدخل بريطانيا انتخابات حساسة الخميس المقبل، على وقع ثالث اعتداء إرهابي تتعرض له خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، ما دفع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى التعهد بالحزم مع ما وصفته ب «كثير من التسامح مع المتشددين» في المملكة المتحدة. وبعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، برقية عزاء ومواساة لتيريزا ماي، إثر العمل الإرهابي الذي وقع في لندن. وقال الملك سلمان في برقيته: «علمنا بنبأ العمل الإرهابي الذي وقع في لندن، وما نتج عنه من ضحايا وإصابات، وإننا، إذ ندين بكل شدة هذا العمل الإجرامي المشين، لنعرب لدولتكم ولأسر الضحايا ولشعب المملكة المتحدة الصديق باسم شعب وحكومة المملكة العربية السعودية وباسمنا عن أحر التعازي وصادق المواساة، مع تمنياتنا للمصابين بالشفاء العاجل، ومؤكدين أهمية الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب والقضاء عليه». وبدت أجهزة الأمن البريطانية أكثر ميلاً إلى استخدام الحزم والقوة لتفادي سقوط ضحايا، الأمر الذي عكسته كثافة إطلاق النار لتعقب المهاجمين الثلاثة وتصفيتهم فيما كانوا ينهالون طعناً وذبحاً على رواد الحانات والمقاهي في سوق «بورو ماركت» الملاصق لجسر لندن (لندن بريدج)، حيث استخدم المهاجمون شاحنة مقفلة (فان) لدهس مارة على الجسر ليل السبت– الأحد. وأسفر الاعتداء عن سقوط 7 قتلى وحوالى 50 جريحاً بينهم أجانب، إضافة إلى بريطاني أصيب بطلقة طائشة خلال التصويب على أحد الإرهابيين. وبعد ليل صعب خيّم فيه الذعر وتقطعت السبل برواد المنطقة المستهدفة بعد إغلاق الشوارع ومحطات المترو وتوقف الباصات وانتشار عناصر الشرطة المدججين بالسلاح في الطرقات، انتقل مسرح الأحداث نهار أمس، إلى منطقة باركينغ شرق العاصمة حيث سجل إطلاق نار وتفجير لدى دهم الشرطة مجمعاً سكنياً في شارع كينغز رود، بحثاً عن مشبوهين على علاقة بهجمات «لندن بريدج». وأعلنت الشرطة مطاردة أحد المشبوهين وإطلاق النار عليه لدى محاولته الفرار من المجمع، وأكدت اعتقال 12 شخصاً بينهم أربع نساء على علاقة باعتداء ليل السبت، واقتيادهم للتحقيق. كما أكدت تنفيذها تفجيراً محكماً بعد عثورها على طرد مشبوه في شقة تعرضت للدهم. وأفاد ساكن في المجمع بأن أحد منفذي اعتداء لندن بريدج يسكن في شقة داخله. وأضاف أن المهاجم يعمل في ناد رياضي ويتحدث الإنكليزية «بلكنة لندنية»، ما يذكر بمنفذ هجوم وستمنستر بريدج خالد مسعود البريطاني الذي اعتنق الإسلام. وظهرت صورة للإرهابي ممدداً أرضاً بعد قتله برصاص الشرطة، ما بدا أنه حزام ناسف يرتديه، لكن الشرطة أعلنت لاحقاً أن الحزام مزيف وليس حقيقياً. كما بدا الإرهابي حليق الرأس ولديه لحية طويلة نسبياً، ما يشير إلى علامات التشدد الإسلامي. كذلك الأمر بالنسبة إلى الموقوفات في مجمع باركينغ، واللواتي أظهرت صورهن أنهن كن يرتدين خلال اقتيادهن إلى سيارات الشرطة أغطية للرأس مع ثياب فضفاضة تخفي معالمهن، فيما ارتدت إحداهن برقعاً. وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية استئناف الحملات الانتخابية اعتباراً من اليوم، وذلك لإجراء الاستحقاق في موعده المحدد الخميس، الأمر الذي أجمع عليه المسؤولون، خصوصاً رئيس بلدية لندن صادق خان. وقالت زعيمة المحافظين في بيان نقلته وسائل الإعلام: «حان الوقت لكي نقول لقد طفح الكيل». وأضافت: «ليس بوسعنا ويجب ألا ندعي أن الوضع يمكن أن يستمر على ما هو عليه»، داعية إلى استراتيجية معززة لمكافحة الإرهاب قد تشمل أحكاماً أطول بالسجن لبعض الجرائم وقواعد جديدة في مجال الفضاء الإلكتروني. ووصف صادق خان الاعتداء في وسط لندن بأنه عمل «جبان»، في الوقت الذي دعا جاستن ويلبي كبير أساقفة كانتربري إلى الوحدة. وقال خان إن الشرطة «تتبع عدداً من الخطوط في تحقيقها». وقال ويلبي إنه يرغب في أن يركز الشعب البريطاني على «الالتزام بالعدالة وعدم اتخاذ موقف مناهض لأي طائفة». وعمدت الشرطة إلى تعزيز الأمن في ويمبلي حيث أقيمت مباراة للكريكيت بين الهند وباكستان، كما شددت الإجراءات في مانشستر التي أقيمت فيها حفلة موسيقية تحدياً للهجوم الإرهابي الأخير قبل نحو أسبوعين. وقوبل هجوم لندن بموجة تنديد في أنحاء العالم، خصوصاً أن بين ضحاياه أجانب. وأعلن رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، أن أحد مواطنيه قتل في لندن ليل أول من امس، فيما أصيب أستراليان وفرنسيان.