في وقت استمر الإقبال الكبير في جنوب السودان على التصويت في اليوم الثاني من استفتاء تقرير مصير الإقليم الذي ينتهي السبت المقبل، بات في حكم المؤكد أن نسبة المشاركة ستبلغ عتبة الستين في المئة المطلوبة لاعتماد النتائج، سواء كانت تأييداً للوحدة أو للانفصال، وهو الخيار الأكثر ترجيحاً. وشكّل المصوّتون صفوفاً طويلة جداً أمام خمسة مراكز زارتها «الحياة» في جوبا، عاصمة الجنوب، أمس، وإن لم يكن الإقبال على المستوى نفسه الذي شهده اليوم الأول. وعلى رغم عدم إعلان مفوضية الاستفتاء نسبة المشاركة، فإن مؤشرات جمعتها «الحياة» من مراكز اقتراع في العاصمة ومراقبين يتابعون الوضع في مدن أخرى، تؤكد أن النسبة بلغت نحو 30 في المئة. وعلى سبيل المثال، بلغ عدد من أدلوا بأصواتهم حتى بعد ظهر أمس في مركز جامعة جوبا حيث سجّل 5900 شخص أسماءهم، نحو ثلاثة آلاف شخص، بحسب كشوف عرضها مسؤول في اللجنة على «الحياة»، لكن في إحدى ضواحي العاصمة صوّت نحو ألفي شخص فقط من أصل 13 ألفاً سجلوا أسماءهم. وبعد اجتماع للرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر والأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي أنان مع رئيس مفوضية الاستفتاء في الجنوب شان ريك مادوت، أشاد المسؤولان الدوليان السابقان بسير الاستفتاء، وقال كارتر الذي يشارك مركزه في أعمال الرقابة: «لا تقارير عن انتهاكات أو تجاوزات أو أعمال عنف. ونستطيع تأكيد أن العملية تسير في شكل نموذجي». ودعا أنان إلى حل القضايا العالقة بين الشمال والجنوب، معتبراً أن هذه الملفات، بما فيها النزاع على منطقة أبيي الغنية بالنفط، «يمكن حلها خلال شهرين أو ثلاثة إذا توافرت النيات الحسنة». ولوحظ أن «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم الجنوب استُنفرت لتجاوز النسبة المطلوبة لتمرير نتائج الاستفتاء، عبر حض منظمات أهلية على حشد المسجلين للتصويت، وتخصيص حافلات صغيرة لنقل المصوتين إلى مراكز الاقتراع، يرافقهم أعضاء من الحركة. وقال جورج اتيم الذي رافق نحو 30 امرأة كان يراجع كشفاً بأسمائهن قبل أن ينتظمن في طابور المصوتين بفناء مدرسة حي جلابا شمال شرقي جوبا حيث أقيم مركز اقتراع: «هذه هي الدفعة الثالثة خلال ساعتين». وأضاف ل «الحياة»: «نساعد من لا يتمكنون من الحضور سيراً، ولا نوجّه أحداً إلى (تأييد) خيار بعينه». ونقلت وكالة «فرانس برس» من الخرطوم أمس عن مسؤول في لجنة الاستفتاء حول جنوب السودان إن نسبة المشاركة وصلت إلى 20 في المئة من الجنوبيين الأحد في اليوم الأول من الاستفتاء. وقال باولينا واناويلا اونانغو العضو في لجنة الاستفتاء خلال مؤتمر صحافي إن «نسبة الذين صوّتوا أمس (الأحد) في ولايات الشمال وصل إلى 14 في المئة فيما وصل في الجنوب إلى 20 في المئة». ودعي حوالى أربعة ملايين جنوبي من الجنوب السوداني والشمال والشتات للتصويت حتى 15 كانون الثاني (يناير) إما مع الانفصال عن الشمال أو البقاء في دولة موحدة. ولا بد من مشاركة 60 في المئة على الأقل من المسجلين في الاستفتاء لكي تعتمد نتيجته. ويبدو الانفصال محتوماً اثر هذا الاستفتاء الذي نص عليه اتفاق السلام الموقع عام 2005 بين الشمال والجنوب والذي وضع حداً لحرب أهلية استمرت اكثر من عشرين سنة وتسببت بوقوع مليوني قتيل.