80 ألف ريال فقط كانت كافية لموظفة في قطاع التعليم لتشتري بها طقماً من الألماس، يرفع من «برستيجها» أمام نظيراتها، ويكفل تصنيفها ضمن الطبقة الراقية (الهاي كلاس). لا شيء يمكن أن يثني (م.ع) عما تسعى إليه، فلا إمكاناتها المادية، ولا كثرة التزاماتها، ستثنيها عن اقتراض المبلغ من البنك، حتى وإن كان ما سيترتب من فوائد بنكية سيثقل عاتقها، ويجعلها تعيد فرز أولوياتها وحاجاتها، في سبيل المظاهر والتفاخر لكسب رضا الآخرين أولاً وتفعيل ثقتها بنفسها ثانياً. تقول الموظفة (م.ع) وهي إدارية في إحدى المدارس «ليس لدي استعداد أن اظهر بصورة أقل ممن هم حولي، حتى لو اضطرني ذلك للاستدانة». وأوضحت أن نظرة المجتمع تغيرت، وأصبح المظهر الخارجي معياراً أساسياً من شأنه تصنيف مدى رقي صاحبه، مضيفة: «على رغم أني أسكن في منزل بالإيجار، ولم أمتلك أنا وزوجي منزلاً بعد، فضلاً عن كثرة متطلبات أبنائي، إلا أن اعتياد الكثير من معارفي وزميلاتي الاستعراض بعقود الألماس والتحدث عن أسعارها في الحفلات والمناسبات، وازدراء من هم اقل منهم حالاً، دفعني غصباً لأن أكون واحدة منهم». في حين فضلت صديقتها (س.ع) دفع مبلغ من المال تأميناً لأحد أقاربها من بائعي المجوهرات في مقابل استئجار طقم من اللؤلؤ أربع ساعات فقط. ومن مبدأ «بنتهم مو أحسن من بنتنا» اضطرت أم عبدالله التشاجر والتلاسن مع زوجها والضغط عليه ليأخذ سلفة من أخيه لا تقل عن 200 ألف ريال لتغطية تكاليف عرس ابنتها، ربعها ذهب أجراً ل «طقاقة شهيرة» وربع آخر لمنظمة الحفلة ومساعداتها وإكسسوارات الطاولات والكوشة، في حين أنفقت النصف الثاني من المبلغ لعمل «بوفيه مفتوح» وتغيير بعض ديكورات قاعة الأفراح، بينما اكتفى أهل العريس باستئجار القاعة ذاتها بمبلغ 70 ألف ريال ليصبح المجمل 270 ألفا، ليكون بذلك عرس ابنتها نسخة طبق الأصل من حفلة زفاف ابنة عمتها التي لا يزال المدعوون يتحدثون عن كلفته وروعته، على حد قولها. أما أبو عبدالله فيقول: «على رغم أن خلافي مع زوجتي بهذا الخصوص أسهم في تطليقي لها طلقة واحدة، إلا أن عنادها وإصرارها على إقامة حفلة زواج بهذا المستوى، اضطرني إلى الخضوع لرغبتها حفاظاً على الأسرة». وأضاف: «مع أني راتبي لا يتجاوز 8 آلاف ريال، وأعول أسرة مكونة من خمسة أفراد، إلا أن أم عبدالله ضربت بكل ذلك عرض الحائط، واختزلت تفكيرها بما سيقوله الناس عن زيجة ابنتها، في حين أن ابننا عبدالله اشترك في جمعية ب30 ألف ريال، ليتمكن عبرها السفر إلى الخارج في إجازة الصيف. وبفضل نجوم هوليوود أولاً، ومختلف الماركات التي تروج لها عارضات الأزياء ثانياً، ووجودنا في بيئة دراسية مكتنزة بأسماء عائلات تنتمي إلى الطبقة الارستقراطية ثالثاً، حملت منى الطالبة في إحدى الجامعات الأهلية (19 عاماً) أسرتها فوق طاقتها، وكبدتها ما لا تطيق، فحقيبتها الشخصية ب9 آلاف ريال، ومعطفها ب3 آلاف وحذاؤها بألفي ريال. لكن منى بحسب ما تزعم استطاعت من خلال بعض الجلود الفاخرة استعادة ثقتها بنفسها وكسبت رضا من حولها فترة من الوقت بعد أن أصبحت على أتم الاستعداد لخوض منافسة الماركات مع نظيراتها من الطالبات، إلا أن تضاعف المسؤولية المادية على عاتق والدها وفشلها في مجاراة زميلاتها طوال سنوات الدراسة، دفعها إلى التحويل إلى جامعة حكومية تعيش فيها بنات جنسها بمستوى اقتصادي معتدل. تقول: «انبهرت لحظة دخولي الجامعة الأهلية من انتماء نسبة لا بأس بها من الفتيات إلى طبقات ثرية، لم تتأخر في ارتداء كل نفيس واقتناء كل ما خف وزنه وغلا ثمنه، وهو ما اضطرني إلى تقليدهم فترة من الوقت، إلا أن تضاعف الضغوط المادية على والدي وتحمله رسوم الجامعة وتكاليف كمالياتي، وعجزي عن مجاراة أزياء نجوم هوليوود دفعني إلى أخد قراري والالتحاق بجامعة حكومية». وما بين سيارة كاملة المواصفات وجهاز «الآي باد» وهاتف جوال «آي فون» واقتناء ساعة فاخرة، استطاع خريج المرحلة الثانوية وائل محمد الذي ينتمي إلى عائلة ثرية أن يحقق حلمه في جذب اهتمام من حوله به، بدلاً من اكتراثه بتحقيق أمنية والدته بالالتحاق بكلية الهندسة والتأسي بخاله المهندس. ونظراً لوفاة والده في مرحلة المراهقة، فشلت جهود والدته في تحوير اهتمامه بالمظاهر إلى اهتمام بمستقبله الدراسي. عن ذلك تقول أم وائل: «على رغم ما أبذله من جهد في نصحه ورجائه أن يستثمر ثروة والده بدلاً من تبديدها في الثانويات، إلا أن كل ما أفعله ذهب أدراج الرياح». وأضافت: «أن تدليل والده له ومساهمته غير المباشرة في تهميش فكره واحتكاكه برفاق ينتمون إلى الطبقة نفسها، ويميلون إلى الاهتمامات نفسها، جعل كل همه تغيير إكسسوارات السيارة كل عام، بما لا يقل عن 30 ألف ريال، أما الأجهزة الالكترونية فلا يتأخر بتغييرها خلال بضعة أشهر تبعاً لما تمليه عليه أحدث صيحات السوق».