لم يعد «صك الإعسار» لإثبات الإفلاس فقط، بل تعدى الأمر ذلك إلى ما هو أبعد، فهو بالنسبة للغارقين في الديون «طوق النجاة»، أو «مفتاح سحري» للتحرر من قيود الديون المتراكمة، والهرب من مأزق المكوث وراء القضبان مدداً طويلة. يستسهل بعض الأشخاص عملية «الدين»، والحصول على مبالغ مادية متى ما تطلب ذلك، اعتماداً على الخروج من مأزق المطالبة بما تحصل عليه، في ظل وجود ثغرات قانونية أوجدت تلك الفرص لهم. وبات ما يسمى «صك الإعسار» سيناريو متعارفاً عليه في عمليات نصب واحتيال على الكثير من المواطنين عن طريق النظام، من خلال شراء سلعة ذات أسعار خيالية لا يستطيع الشخص المشتري الوفاء بها. وسجل عدد من المحاكم السعودية صدور أعداد كبيرة من صكوك الإعسار، التي أخرجت الكثير من مأزق السجن بسبب مطالبات مالية كبيرة، إلا أنها انخفضت خلال الفترة الأخيرة، بسبب التعديل في بعض الأنظمة المعمول بها. مصادر في المحكمة العامة في محافظة جدة، أكدت انخفاض «صكوك الإعسار» الصادرة أخيراً، مقارنة بالفترة الماضية، مشيرة إلى أن لجان الإصلاح وبعض المتبرعين المحبين لأعمال الخير أسهموا في انخفاضها كثيراً، إذ يتم تسديد المبالغ خصوصاً الصغيرة منها فوراً قبل طلب إصدار طلب الحصول على صك الإعسار للتخلص من مديونية. وتواجه المحاكم مشكلات كبيرة من المطالبين بصكوك الإعسار، خصوصاً في ظل بعض الشكاوى التي وصلت إليها، والتي تكشف عن نصب واحتيال يمارس من بعض الحاصلين على صكوك الإعسار مسبقاً، إذ يقوم البعض بالحصول على مبلغ مالي كبير من أحد الأشخاص، ثم يبدأ بالمماطلة وعدم التسديد، إضافة إلى التهديد بامتلاكه صك إعسار، يستطيع من خلاله الامتناع عن التسديد في ظل حماية النظام لهم. ويطالب متضررون ومستثمرون ورجال أعمال بإعادة النظر في آلية استخراج تلك الصكوك، وبحث كل حالة تريد إثبات الإعسار على حدة، وألا تعمم لمجرد إفلاسه، إضافة إلى وضع الاعتبار في القصد الجنائي في طالب صك الإعسار، والتفريق في حجم المبالغ بين شخص وآخر، واختلاف مدد السجن بحسب المبالغ. وكان مجلس الشورى أعلن في وقت سابق انه سيدرس منع وإلغاء إصدار صكوك الإعسار، حتى لا تستغل وتكون باباً لكل من أراد أن يأكل أموال الناس بالباطل، وتقديم الحلول التي تحفظ أموال الناس وتعيد الثقة بالاستثمار.