احتفل أقباط مصر بعيد الميلاد في أجواء حزينة وإجراءات أمنية مشددة، بعد هجوم تعرضت له كنيسة في الإسكندرية الأسبوع الماضي، وحصد أرواح 23 منهم، فيما اقتربت أجهزة الأمن المصرية، على ما يبدو، من تحديد هوية المشتبه به الأول في تفجيرات كنيسة القديسين بعدما تلقت عدداً من البلاغات تفيد بهوية صاحب صورة وزعتها الشرطة لمنفّذ الهجوم المفترض. وأشارت مصادر أمنية إلى أن المعلومات الواردة والتي تم التأكد من صحتها تفيد أن صاحب الصورة هو «شاب في مطلع العشرينات يقطن في إحدى مدن دلتا النيل، وهو جامعي وعاطل من العمل، وأفيد أنه متغيب عن منزل أسرته منذ نحو عام». وتقدم رئيس الحكومة المصرية الدكتور أحمد نظيف بالتهنئة إلى أقباط مصر ومسلميها أمس، وقال: «إننا جميعاً نحتفل بميلاد السيد المسيح؛ لأننا كمسلمين نؤمن بالمسيح عليه السلام ونحتفل بميلاده لأن هذه المناسبة تجمعنا جميعاً مع بعضنا»، مشيراً إلى أن «الحادث الأليم الذي تعرضت له كنيسة القديسين في الإسكندرية آلمنا جميعاً، وألقى بظلاله على العيد هذا العام»، معرباً عن اعتقاده ب «أننا أثبتنا لأنفسنا وللعالم الوقوف صفاً واحداً تجاه هذا الحادث». وجاء حديث رئيس الحكومة بعد لقائه رأس الكنيسة القبطية البابا شنودة الثالث لتقديم التهنئة بعيد الميلاد، مشيداً بالروح التي سادت بين المصريين عقب حادث الكنيسة والتي شوهدت سواء من خلال التضامن على شبكة الإنترنت أو في الشوارع أو برامج التلفزيون أو الصحف، معتبراً أن «هذا التكاتف والتضامن يعد أول وسيلة لمحاربة الإرهاب، وسوف نحاربه». وقال نظيف: «إنني أعتبر أن اليوم عيد لكل المصريين، ورب ضارة نافعة، وإن ما نراه اليوم مزيد من التقارب بين جميع المصريين. ولا نفكر أن هذا مسيحي وهذا مسلم، ويجب أن نكون جميعاً ضد التطرف». وفي شأن مطالب الأقباط باستصدار قانون ينظم بناء دور العبادة، أقر رئيس الحكومة بغياب الحرية الكاملة في بناء الكنائس، مشيراً إلى أن «هناك تنظيماً ينظّم بناء دور العبادة، ونحن نضع قيوداً على بناء المساجد والكنائس ... وعلينا أن نتأكد أن هناك من دور العبادة ما يكفي». وقال البابا شنودة: «إننا نقدر مشاعر التضامن الشعبي الذي حدث عقب الجريمة والتي خففت مشاعر الحزن عنا»، مؤكداً أن المصريين لن يخافوا التهديد و «لم أفكر أبداً في إلغاء الاحتفال بعيد الميلاد؛ لإنه إحياء لذكرى دينية عزيزة على قلوبنا». وكان بابا الإسكندرية البابا شنودة الثالث استهل كلمته في اختتام قداس عيد الميلاد، والتي ألقاها أمام عدد من الوزراء والمسؤولين الذين جلسوا في الصف الأول في الكنيسة إلى جوار علاء وجمال مبارك، نجلي الرئيس المصري، بتقديم العزاء «لأبنائنا في الإسكندرية بعد استشهاد عدد كبير من الأبرياء». كما أعرب عن تعازيه «لأولادنا في نجع حمادي بعد مرور سنة على استشهاد أشخاص منهم» في إشارة إلى مقتل ستة أقباط لدى خروجهم من قداس عيد الميلاد في اليوم نفسه من العام الماضي. وفي طلب ضمني بضرورة الإسراع في الوصول إلى مرتكبي اعتداء الكنيسة وتقديمهم للمحاكمة، وجه البابا شنودة «الشكر إلى الرئيس مبارك على عبارته التي قال فيها إن دماء أبنائنا ليست رخيصة». وتحدث رأس الكنيسة القبطية بعد ذلك عن تعاليم السيّد المسيح التي تدعو إلى أن «نحب الخير ونحب الغير»، داعياً شباب الأقباط إلى «الهدوء». br / وحرص عدد كبير من رجال الدولة على المشاركة في القداس وتوجيه التهنئة إلى البابا شنودة في مقدمهم ممثل للرئيس مبارك وعلاء وجمال نجلا الرئيس المصري ورئيس ديوان رئيس الجمهورية الدكتور زكريا عزمي ورئيسا البرلمان بغرفتيه الشعب الدكتور أحمد فتحي سرور، والشورى صفوت الشريف، وعدد من الوزراء والمحافظين والسفيرة الأميركية مارغريت سكوبي. فيما كان لافتاً حضور شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ووزير الأوقاف الدكتور محمود حمدي زقزوق حيث إنها المرة الأولى التي يقومان بها بحضور القداس. وجرت مراسم الاحتفال بالميلاد وسط إجراءات أمنية مشددة؛ حيث قامت أجهزة الأمن بتعزيز وجودها بالشوارع والميادين، وشددت من إجراءاتها حول الكنائس بوجود خبراء المفرقعات والكلاب البوليسية ورجال البحث الجنائي، ووضعت السلطات المحلية متاريس وحواجز حديدية حول الكنائس وحواجز لمنع وقوف أي سيارات على الإطلاق.