عادات وتقاليد مميزة في بعض مناطق السعودية لا تزال مستمرة، وإن طرأت تغييرات على بعضها، ومنها «الشعبنة» في الحجاز، وفي الشرق وأماكن أخرى يمثل «يوم القرش» أهم تقاليد استقبال شهر الصيام وتوديع الأكل، إضافة إلى اقتناء الأواني الجديدة، وعادات أخرى تبرز أهمية خلال هذا الشهر في حياة الناس. ففي الحجاز تسجل الليالي العشر الأخيرة من شعبان حضوراً لافتاً ونقاشات واسعة بين أهالي المنطقة، لإحياء إحدى هذه الليالي ب«الشعبنة»، والتي يجتمع فيها الأقارب والجيران والأصدقاء لقضاء ليلة كاملة بقصد زيادة الارتباط الاجتماعي بين الأسرة والأقارب، وإدخال الفرح والسرور، وهو تقليد يقصد منه توديع شعبان لاستقبال رمضان. و«الشعبنة» عادة قديمة لدى أهالي الحجاز، وأخذت تسميتها من الشهر نفسه، وهي من العادات التي لا تزال باقية أمام المتغيرات المجتمعية التي طرأت على مر الأجيال، إلا أنها صمدت بثوابت في المجتمع المكي خصوصاً والحجازي عموماً، فاستمرت على مدى تعاقب الأجيال لدى الأسر الحجازية. وفي منطقتي الشرقية وحائل، يبرز «يوم القرش»، وهو تقليد قديم يكون في اليوم الأخير من شهر شعبان، ويعتبر يوماً لتوديع الأكل والشراب نهاراً، خصوصاً وجبتي الإفطار والغداء، ويقام أيضاً مع أفراد العائلة، إذ تقوم النساء بتجهيز أطباق متنوعة. ويبدأ «يوم القرش» في عيون المياه التي يرتادها الناس للسباحة، ليرتدوا بعدها الثياب الجديدة أو النظيفة، لاستقبال ضيف على قدر عال من الأهمية، وتجتمع العائلات في المزارع وهي المكان المحبب، أو في منزل العائلة الكبير، وتغسل النساء المنازل وتنظفها ويعددن الطعام الجماعي لتوضع مائدة كبيرة تحوي أطباقاً شعبية محلية متنوعة. أما الآن فتنتشر إقامة «القرش» في الاستراحات ويعد يوماً للأكل يختلف عن بقية الأيام. وفي جازان، تقوم الأسر قبل شهر رمضان بشراء الأواني الفخارية التقليدية التي تستخدمها النساء في إعداد الأكلات الشعبية التي تزين موائد الإفطار الجازانية. ومن أبرزها القدر الحجري، والمغش، والتنور، والحيسية، والجبنة، والجرة، والمجمر وغيرها من الأواني الفخارية الأصيلة التي تغني ربّات البيوت عن الأواني العصرية. وتتحول الكثير من المطابخ الجازانية في رمضان إلى متاحف مصغرة للإبداعات الفخارية الأصيلة، وأوضح علي فاضل (بائع) أن «غالبية الأسر تفضل شراء الأواني الفخارية، لأن إعداد الطعام فيها مختلف كلياً عن الأواني العادية». وتغيير الأواني من العادات التي تسبق رمضان عند غالبية المناطق، إذ لا يكاد يخلو بيت من تجديد أو تغيير في الديكور، خصوصاً الفوانيس والسفر الرمضانية أو الأواني المنزلية، واقتناء ما يناسب الأكلات الشعبية المعروفة في رمضان، مثل: السمبوسة، واللقيمات، والشوربة وأنواع المعجنات. وأرجعت مها الشطيب إقبال ربات البيوت على شراء الأواني في رمضان خصوصاً إلى أن «الأسرة تأكل خلال 11 شهراً أطعمة متكررة في وجباتها اليومية الثلاث فلا تحتاج لتغيير أوانيها، بينما في رمضان تتنوع وتزيد هذه الأطعمة وتحتاج إلى أواني تقديم مبتكرة تناسب شكل ونوع كل وجبة»، مبينة أن ألوان أواني المطبخ تضفي لمسة خاصة على طاولة الطعام. وقالت خالدة الحسينان إن «عادة شراء الأواني كل عام في رمضان لها وقع خاص ونكهة مختلفة في وجدان ربات البيوت»، مضيفة أن غالبية النساء يتبادلن في حيّهن أطباق الإفطار والسحور التي تتطلب أواني خاصة تعبر عن الاحتفاء بشهر رمضان.