واشنطن- «نشرة واشنطن» - تستخدم الحكومة الأميركية سلطاتها التنظيمية الفيديرالية لكبح انبعاث غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري. وركزت انتباهها على معامل توليد الطاقة ومعامل تكرير النفط، وهما وراء زهاء 40 في المئة من الانبعاثات في الولاياتالمتحدة. وخلال السنتين المقبلتين ستلجأ الوكالة إلى تدابير مختلفة بمقتضى قانون «الهواء النظيف» الفيديرالي لخفض الانبعاثات من المعامل، وهي تدابير جديدة لإصدار التراخيص للصناعات الكثيفة التلويث، على أن يتبعها تبنّي معايير محددة في خصوص غازات الدفيئة، كي تتقيد بها معامل إنتاج الطاقة ومعامل تكرير النفط الأميركية. وينوي بعض أعضاء الكونغرس (مجلس النواب) الطعن بالقواعد الجديدة التي يقولون إنها ستلحق أذى بشركات، وتقضي على فرص العمل في فترة الضائقة الاقتصادية. ورفع بعض الولايات عدداً من الدعاوى القضائية ضد الوكالة، لكن من غير المؤكد إذا كانت هذه الشركات ستنجح في تعطيل السياسات الجديدة. ويتوقع بعض أبرز الخبراء القانونيين أن يتغلب رأي الحكومة الفيديرالية، حتى مع تولي الكونغرس الجمهوري الجديد مهامه الشهر الجاري، عبر استخدام الرئيس الأميركي حق النقض. ويشير آخرون إلى أن المحاكم تسمح لهيئات الحكومة الفيديرالية بتفسير سياساتها الخاصة وتنفيذها، وأن الطعون القانونية في نظم وقواعد «وكالة حماية البيئة» قد تراوح مكانها. وأعلنت الوكالة أنها ستقترح حدوداً لغازات الدفيئة المنبعثة من معامل توليد الطاقة في تموز (يوليو) المقبل وفي معامل تكرير النفط في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وستصدر النظم النهائية في العام التالي، وستحدد المعايير الجديدة مستويات الملوّثات التي سيجوز لتلك الصناعات أن تبعثها في الهواء بموجب قانون «الهواء النظيف»، وهو القانون الفيديرالي الذي يمنح «وكالة حماية البيئة» صلاحيات حماية جودة الهواء في الولاياتالمتحدة. وأعلنت الوكالة أن المعامل والمصانع الجديدة، وأخرى في طور التوسيع، يجب أن تقدم حساباً بما ينبعث منها من غازات الدفيئة بدءاً من الشهر الجاري، في حال تجاوزت الغازات المنبعثة من عملياتها 75 ألف طن. أما الصناعات التي تنظّم وفقاً لقانون «الهواء النظيف»، فعليها استخدام تكنولوجيات متفوّقة تكون آخر ما توصل إليه العلم للحدّ من الانبعاثات، في حال باشرت عمليات جديدة أو أدخلت تعديلات على معاملها الحالية. وبدءاً من تموز المقبل، أي منشأة تنطلق منها غازات دفيئة تزيد كميتها على 100 ألف طن ستحتاج إلى ترخيص. وأعلنت الوكالة أن قواعد مَنح التراخيص ستؤثر مبدئياً على 1450 معملاً أميركياً. وأتاحت العملية الصارمة للحكومة الفيديرالية وحكومات الولايات تاريخياً أن تخفض أنواعاً أخرى من التلوث الهوائي. وتدعو الخطة إلى استخدام هذه العملية إلى جانب معايير تلويث جديدة لضبط غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري والتغيّر المناخي. وقضت المحكمة الأميركية العليا عام 2007 بأن ل «وكالة حماية البيئة» الحق في تنظيم انبعاثات غازات الدفيئة بمقتضى قانون «الهواء النظيف»، في حال ارتأت أن تلوثاً من هذا القبيل يهدد صحّة الإنسان. وأتاح قرار المحكمة لحكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن تمضي قدماً بإقرار معايير جديدة خاصة بالانبعاثات من السيارات بدءاً من الشهر الجاري، وفي العام المقبل، معايير خاصة بالمصانع. لكن الكونغرس لم يستطع حتى الآن إقرار تشريع شامل حول المناخ، كما أن مسؤولي الحكومة الفيديرالية يعتقدون أن أميركا يمكنها أن تقطع شوطاً طويلاً نحو هدفها بخفض الانبعاثات بنسبة 17 في المئة، دون ما كانت عليه في العام 2005، بحلول عام 2020، عبر قوانين فيديرالية لخفض غازات الدفيئة. وقالت مديرة الوكالة ليزا جاكسون إن هذه المعايير ستساعد الشركات الأميركية على جذب صناعات من القطاع الخاص، للارتقاء في استهلاك مصادر الطاقة النظيفة التي ستجعل الشركات الأميركية أكثر تنافسية، وتُوجد فرص عمل محلية. وأعلن مسؤولون في تكساس، وهي الولاية التي رفضت تحديث عملياتها الخاصة بإصدار التراخيص بموجب قانون «الهواء النظيف»، أن تلك القواعد ستؤذي الصناعة النفطية الضخمة في الولاية. ولجأت الولاية إلى المحاكم في مطلع العام الجاري، وانضمت إليها ولايات عدة تساورها مشاغل ومخاوف مشابهة. وكانت الحجة الأساسية التي ساقتها تلك الولايات، أن «الوكالة تبني قواعدها الخاصة بالانبعاثات على أساس معلومات مغلوطة». لكن مثل تلك الحجة قد يصرف النظر عنها، لأن المحاكم الفيديرالية لا تفسّر عادة المعايير التي تحكم السياسات التي ترسمها الهيئات الفيديرالية، ك «وكالة حماية البيئة»، بحسب إيرون شيميرينسكي استاذ القانون الدستوري وعميد كلية إيرفين الحقوقية التابعة لجامعة كاليفورنيا، وهي لا تقرر بنفسها إذا كانت الغازات الدفيئة تسبب تسخين جو الأرض، أو إذا كان هذا يشكل تهديداً لصحة البشر. ويتوقع أن يكون الكونغرس قادراً على إبطال قوانين الوكالة حول الانبعاثات، بحسب أستاذ القانون في جامعة «ييل» والاختصاصي في السياسات البيئية دوغلاس كايسر، الذي قال: «بمقدور الكونغرس أن يحاول تعديل قانون الهواء النظيف لإبطال مفعول قرار المحكمة العليا لعام 2007، لكن يمكن للرئيس أوباما استخدام الفيتو لنقض محاولة من هذا القبيل. ويذكر ان أي إجرء يرمي إلى وقف اندفاع «وكالة حماية البيئة» لخفض الانبعاثات ستكون له تبعات دولية بالنسبة للولايات المتحدة في مفاوضات المناخ العالمية، قد تدفع دولاً أخرى لاتخاذ تدابيرها التنظيمية الخاصة.