تزايدت الدعوات في أوساط الحكومة الباكستانية ومؤيديها ل «تنظيف» أجهزة الأمن من العناصر ذات الانتماء الديني، بعد اغتيال رجل الأمن مالك ممتاز حسين قادري حاكم إقليم البنجاب سلمان تيسير باطلاق 29 رصاصة عليه في سوق كوسار بإسلام آباد أول من امس. ويفاقم ذلك أزمة الحكم الحالية التي نتجت عن انسحاب حزب «الحركة القومية المتحدة» من الائتلاف الحكومي، اذ يثبت عمق مشكلة الإرهاب في البلاد. وتفاخر قادري أمام قناة تلفزيون باكستانية بقتل الحاكم تيسير «لأنه مهرطق»، في وقت أبدى أكثر من ألفي مستخدم لموقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي «إعجابهم» بالقاتل وب»الصفعة» التي وجهها إلى الليبراليين المناهضين لأسلمة النظام في باكستان. واعترف قادري أمام لجنة التحقيق بأنه أبلغ زملاءه عزمه على قتل حاكم البنجاب، بسبب معارضة الأخير قانون التجديف والردة المعمول به في باكستان لمعاقبة كل من ينتقص من الديانة الإسلامية، ومطالبة الحاكم بإلغاء القانون ب «اعتباره ظالماً لا يحترم حرية الرأي»، خصوصاً انه يؤيد عقوبة إعدام مرتكب هذه الجريمة سواء أكان مسلماً، أو انتمى إلى الأقليات غير المسلمة التي لا تتجاوز نسبتها 3 في المئة من مجموع السكان. كما أقرّ قادري باستبعاده من الجهاز السري للشرطة في إقليم البنجاب لدواعٍ أمنية، موضحاً أنه متشدد لا علاقة له بأي جماعة دينية سياسية أو مسلحة في باكستان، لكنه إستاء جداً من مواقف حاكم البنجاب ومعارضته العلنية لقانون التجديف، ودفاعه عن المرأة المسيحية آسيا بيبي التي اتهمت بالانتقاص من القرآن الكريم، ودانتها محكمة في البنجاب بالإعدام. وأكد قادري أنه غير نادم على جريمته، وأن باقي الحراس عرفوا نياته، بعدما أبلغهم ألا يطلقوا النار عليه في مقابل إلقائه السلاح بعد تنفيذ عملية الاغتيال، وهو ما جعل أجهزة الأمن توقف حراس حاكم البنجاب جميعهم وأفراد عائلة منفذ العملية لاستجوابهم. في غضون ذلك، أشادت قيادات الجماعات الدينية المدافعة عن قانون التجديف في باكستان بتنفيذ قادري الاغتيال، وتوعدت كل من يصلي على جثمان حاكم البنجاب، فيما رفض كبار رجال الدين في الإقليم حضور مراسم الدفن التي أقيمت في المقبرة العسكرية بلاهور، ما دفع «حزب الشعب» الحاكم إلى مطالبة أحد أعضائه أفضل جشتي بأداء صلاة الجنازة. وأعلن واجد شمس الحسن السفير الباكستاني في لندن والمقرب من الرئيس آصف علي زرداري أن الحكومة الباكستانية يجب أن تعيد النظر في أجهزتها الأمنية، وطرد العناصر التي يشك في انتمائها لتيارات دينية، وإلغاء قانون التجديف الحالي الذي «قتل كثيرون بسببه في باكستان». الجنرال حميد غل المدير السابق للاستخبارات الذي أسف لاغتيال حاكم البنجاب، لمّح إلى احتمال استخدام السلطات والأميركيين ما حصل ذريعة لإطلاق حملة تصفية لعناصر الأمن المشكوك في انتمائها الديني، وهو ما نفذته رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو خلال ترؤسها حكومتين في التسعينات من القرن الماضي، من أجل ارضاء الإدارة الأميركية التي أرادت تصفية العناصر الإسلامية بعد مقتل ضياء الحق. وفيما تحاول جهات مقربة من «حزب الشعب» إيجاد أدلة على إمكان تورط أحزاب وجماعات دينية تقليدية أو مسلحة باغتيال حاكم البنجاب، اتهمت المعارضة الحكومة بالمساهمة غير المباشرة في النهاية المأساوية لتيسير عبر منعه من إبداء معارضة علنية لقانون التجديف الذي تظاهرت الجماعات الدينية في باكستان مرات دفاعاً عنه، وآخرها الأسبوع الماضي، في دليل على قوة دفاع هذه الجماعات عن القانون الذي تعتقد بأنه يفرض إسلمة الدولة التي نص عليها الدستور.