أقرّ وزير الدفاع التركي فكري إشيك أمس، بتأثير طرد عدد ضخم من الجنود والجنرالات المتهمين بالانتماء الى جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، والمتورطين بمحاولة الانقلاب الفاشلة، في أداء الجيش وجاهزيته، مشيراً إلى أن السلطات تُعدّ مرسوماً لتعيين طيارين جدد في سلاح الجوّ. في الوقت ذاته، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن 32 ديبلوماسياً رفضوا تنفيذ تعليمات بالعودة إلى أنقرة للتحقيق معهم، لافتاً إلى تلقي «إشارات إيجابية» من واشنطن في ما يتعلّق بطلب تسليم غولن المقيم في الولاياتالمتحدة منذ العام 1999. لكن الداعية تعهد تسليم نفسه للسلطات التركية، إذا دانته لجنة تحقيق دولية مستقلة. وكتب في صحيفة «لوموند» الفرنسية: «إذا ثبُت عُشر الاتهامات المنسوبة إليّ، أتعهد العودة إلى تركيا وقضاء أشد عقوبة» ممكنة. الى ذلك، ذكر إشيك أن السلطات «طردت 265 طياراً» منذ المحاولة الانقلابية، مضيفاً: «لدينا عدد كاف من الطيارين للحالات الطارئة، لكن العدد المتبقي منهم لا يكفي لأداء كل مهمات الجيش، الاعتيادية والروتينية، لذلك نعمل على تدبّر الأمر»، من خلال مرسوم لتعيين طيارين جدد. وأشار إلى طرد 3185 عسكرياً من مختلف الرتب من الجيش، لافتاً الى أن 162 ما زالوا هاربين بعد المحاولة الفاشلة، والأولوية لتوقيفهم، إذ «يشكّلون خطراً على الأمن والمجتمع، مع احتمال تنفيذهم عمليات إرهابية أو اغتيالات». ورجّح أن يكون الملحقون العسكريون الأتراك الثلاثة الذين فرّوا بعد محاولة الانقلاب، وهما اثنان كانا يعملان في اليونان وواحد في البوسنة، موجودين في إيطاليا. في غضون ذلك، أعلن جاويش أوغلو أن 32 من 208 ديبلوماسيين استدعتهم تركيا بعد محاولة الانقلاب، رفضوا تنفيذ التعليمات بالعودة إلى أنقرة للتحقيق معهم، متحدثاً عن معلومات أفادت بفرارهم إلى دول عدة. وذكر أن وزارة الخارجية بدأت تدابير قانونية في حقهم، وطلبت من الدول التي لجأوا إليها تسليمهم لأنقرة. وأشار الوزير إلى «إعداد وثائق» جديدة لإرسالها إلى واشنطن لتسليم غولن، وزاد: «بدأنا نتلقّى إشارات إيجابية من الولاياتالمتحدة. يدرك العالم بأسره من يقف وراء المحاولة الانقلابية». وكانت أنقرة أرسلت إلى واشنطن وثائق تدعم طلبها تسليم غولن، لكن إدارة الرئيس باراك أوباما تطالبها ب «أدلة» قضائية تثبت تورّط الداعية. هاكان شوكور في السياق ذاته، أعلنت رئاسة التعليم العالي طرد 5342 أستاذاً جامعياً، للاشتباه في علاقتهم مع جماعة غولن. كما طلب المدعي العام التركي اعتقال النجم السابق لكرة القدم هاكان شوكور، المقيم في الولاياتالمتحدة، والتحفظ على أمواله وممتلكاته، لاتهامه بتمويل جماعة الداعية وبأنه «عضو في مجموعة إرهابية مسلحة». وكان شوكور دخل البرلمان على لوائح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، في انتخابات عام 2010، لكنه وقف مع جماعة غولن ضد الحكومة، أثناء خلافهما عام 2013. واستقرّ شوكور (44 سنة) مع عائلته في ولاية كاليفورنيا العام الماضي، بعد إجراءات قضائية في حقه بتهمة «شتم» الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ونفى قبل أشهر أن يكون انتقل إلى الولاياتالمتحدة، لافتاً إلى أنه توجّه إليها ل «تعلّم اللغة الإنكليزية»، علماً أنه لعب في ناديَي غلطة سراي التركي وإنترناسيونالي ميلانو الإيطالي، ويُعتبر أبرز هداف في تاريخ كرة القدم في تركيا. وفي إطار التفاعل الاجتماعي السياسي بعد المحاولة الانقلابية، أطلق صحافيون وفنانون حملة دعم على مواقع التواصل الاجتماعي للفنانة صيلا التي ألغت الحكومة حفلاتها الغنائية، بعدما كتب على موقع «تويتر» منددة بالمحاولة الفاشلة، لكنها رفضت المشاركة في التظاهرات التي تنظمها الحكومة. ورفع مواطن قضية ضدها في إسطنبول، متهماً إياها بدعم الانقلابيين. دميرطاش في غضون ذلك، بدأت لجنة مصغرة لصوغ دستور جديد، عملها في البرلمان، إذ عقدت وفود أحزاب «العدالة والتنمية» الحاكم و «الشعب الجمهوري» اليساري الكمالي و»الحركة القومية»، اجتماعاً أُقصي عنه «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي. وتستهدف اللجنة وضع النقاط الأساسية لدستور جديد، وستبدأ من خلال وضع مسودة مشروع لإعادة بناء مؤسسات القضاء، من أجل ضمان استقلالها، سيُعرض على زعماء الأحزاب المعنية. وفي ما يتعلق بالشأن الكردي، طلب وكيل نيابة محكمة باكركوي في إسطنبول السجن خمس سنوات لرئيس «حزب الشعوب الديموقراطي» صلاح الدين دميرطاش والنائب في الحزب سري سريا أوندار، لاتهامهما بنشر «دعاية لجماعة إرهابية»، في اشارة إلى «حزب العمال الكردستاني»، والإشادة بزعيمه عبدالله أوجلان، خلال مؤتمر شعبي عام 2013، حين كانت عملية السلام جارية بين «الكردستاني» والحكومة التركية. وكان «حزب الشعوب الديموقراطي» الذي تتعمّد الحكومة استثناءه من أي عمل جماعي مع المعارضة، ندّد بشدة بالتفجيرات التي نفذها «الكردستاني» الأسبوع الماضي في ماردين جنوبتركيا، وطالب بوقف اللجوء الى السلاح والعودة إلى المفاوضات.