رصد مجلس الشورى عشرات الملاحظات على تقرير وزارة العدل، وعلى عملها وأداء قضاتها، لتكون أول وزارة «تخضع للمحاكمة وليس هي من تحاكم الناس»، إذ تقدم عضو المجلس القاضي الدكتور عيسى الغيث بمذكرة من 87 صفحة (حصلت «الحياة» على نسخة منها) تعرض 80 ملاحظة على أداء الوزارة. جاء ذلك، خلال مناقشة المجلس تقرير لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في شأن التقرير السنوي لوزارة العدل. وبدأ الغيث مذكرته قائلاً: «واجبي الشرعي والقانوني وموجبات القسم يفرض عليّ عدم كتمان ما وجدته من ملاحظات في تقرير وزارة العدل، بما يحقق المصلحة العامة للبلاد والعباد». وطالب الغيث بمسائلة وزارة العدل حول العدالة في الأحكام التي انتشرت عند الرأي العام ووسائل الإعلام الدولية والتقارير العدلية، مشيراً إلى بعض الأحكام ومنها تبرئة أحد الدعاة بعد وصفه المدعي المحامي بمحامي الزنادقة، والزندقة هو من التكفير والافتئات على الدولة عموماً والقضاء خصوصاً. وقال: «انتهت هيئة التحقيق والادعاء العام بقرار تبرئة الداعية باعتبار أن التكفير والسب والشتم والاعتداء من (الذم المقبول) من دون مسوغات شرعية، وتم تصديق الحكم وهذا مؤشر خطر في ميزان العدالة، ويثير الكثير من التساؤلات عن الفكر السائد في مرفق العدالة وسمعة القضاء السعودي محلياً وعالمياً، ويتسبب في تشويه سمعة الشريعة الإسلامية الغراء بدعوى أنها تجيز ذلك بما يخالف الشريعة والنظام والسوابق القضائية». وأضاف: «ما حدث لا يبشر بخير تجاه سمعة الوطن عالمياً، وفي ظل هذا التوجه لمثل هذه الأحكام الصادمة ومثله تبرئة من قذف المبتعثات والطبيبات واتهم الأهالي بالدياثة، والذي كفر أحد الممثلين بعينه فتم الحكم عليه بحكم مخفف وذلك بسجنه 45 يوماً فقط، ومع ذلك لم يتم تصديق الحكم من محكمة الاستئناف، وإنما تمت الملاحظة عليه والتوجه للقاضي بأن عليه الرجوع عن حكمه وتبرئة المدعى عليه، وذلك لمجرد كونه من أهل الصلاح على حد قول محكمة الدرجة الثانية». وأكد الغيث أن هذا مؤشر خطر للغاية، إذ اعتبر الرأي العام ذلك «شرعنة للتكفير»، ولم نجد لوزارة العدل أي تعليق ولا لمجلس القضاء أي تحرك بهذا الموضوع الخطر جداً. وتناولت بقية الملاحظات مواضيع خطرة عدلية عن قياس المؤشرات والشفافية وانهيار الأداء. وخلال الجلسة انتقد الدكتور أحمد الزيلعي إنتاجية القضاة ووصفها ب«المتدنية»، وقال إن إنتاجية القضاة قبل 30 عاماً أفضل من القضاة الحاليين، مشيراً إلى أنه على رغم تضاعف أعداد السكان وكثرة القضايا إلا أن الوزارة تدرس دمج بعض المحاكم ببعض في المحافظات وتقليصها، متسائلاً عن سبب الدمج إذا كان صحيحاً؟ إلا أن رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله آل الشيخ رد على مداخلته بأن وزارة العدل تحكم بالشريعة الإسلامية، مطالباً بعدم القدح في وزارة العدل والتأكد قبل مناقشة الإشاعات تحت قبة المجلس. وتقدم عضو الشورى عطا السبيتي بتوصية تعالج انخفاض معدلات القضاة في المملكة لعدد السكان عن المعايير العالمية، إذ تبلغ في الاتحاد الأوروبي 12.3 قاضي لكل 100 ألف من السكان، وتبلغ في المغرب 12، وفي الكويت 29، وفي مصر30، في حين تبلغ النسبة في المملكة 6.9 لكل 100 ألف. وطالب السبيتي بتلقي المرشحين من القضاة في مرحلة الدارسة الجامعية المبادئ الأساسية في الحاسب الآلي ليكونوا عند تخرجهم جاهزين للتعامل مع الأنظمة العدلية الإلكترونية، مشيراً إلى الحاجة إل التوسع في تقديم التدريب النوعي للقضاة وإشراك أكبر عدد ممكن من القضاة في هذه البرامج. وتابع: «موقع الوزارة في الإنترنت لا يتيح خدمات إلكترونية سوى خدمة واحدة هي خدمة «سجلاتي»، وهي خدمة محدودة لا تستجيب للطلب المتنامي على الخدمات الإلكترونية التي يحتاج إليها المواطنون والمقيمون وعلى الوزارة التوسع في هذه الخدمات». وذكر السبيتي أنه مضى على صدور الأمر الذي تضمن تولى مسؤولي الوزارة في ما دون الوزير تسيير العمل الإجرائي فيها بما يكفل منح الوزير مزيداً من الوقت في قيادة الوزارة لتحقيق أهدافها والتركيز على الخطط والاستراتيجيات المستقبلية أكثر من سنتين، ولا نزال ننتظر أثر ذلك في برامج الوزارة ومشاريعها. وأشار إلى أن الوزارة مثقلة بالكثير من المهمات والاختصاصات، وهي بحاجة ماسة إلى إعادة درس المهمات التي يمكن إسنادها للقطاع الخاص لتخفيف الضغط على الخدمات العدلية ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمستفيدين والإسهام في زيادة الشراكة مع القطاع الخاص.