بدأ الحديث مبكراً مصحوباً بتساؤلات عدة وعلامات استفهام، مع عودة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى زعامة حزب «العدالة والتنمية بدلاً من رئيس الوزراء بن علي يلدرم عن حقيقة دور الأخير حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019. وفي حالة فريدة في الحياة السياسية التركية، بات يلدرم يشغل منصبه من دون أن يسيطر على حزبه. لكن هذه الحالة تكون موقتة غالباً مثلما حصل مع عبدالله غل لمدة خمسة أشهر عام 2003 قبل رفع الحظر عن ممارسة أردوغان، زعيم الحزب حينها، العمل النيابي ويعود إلى البرلمان ويترأس الحكومة في آذار (مارس) من السنة ذاتها. ولا يبدو أن منصب نائب زعيم الحزب الذي استحدث من أجل يلدرم، سيكون واضح الأبعاد والصلاحيات، على رغم أنه سيستمر في قيادة الكتلة البرلمانية والالتقاء بأعضائها أسبوعياً في البرلمان. لكن البعض لا يستبعدون أن يخرق أردوغان البروتوكولات ويأتي إلى البرلمان بصفته زعيماً للحزب وليس رئيساً في حال استدعت الضرورة. ويجد كثيرون صعوبة في التأقلم مع تزعم الرئيس أردوغان حزبه في النهار ويجتمع بأعضائه ويُعيد هيكلته وربما يقدم تشكيلة حكومية جديدة، ثم يعود رئيساً في المساء ويوقع هو نفسه على طلبه بصفته زعيم الحزب الحاكم من أجل تغيير تشكيلة الحكومة، التي سيبقى يلدرم على رأسها إذا تغيرت، مع احتمال إجراء تعديلات كبيرة عليها قريباً. الرئيس أردوغان بدأ عودته بقوة إلى الحزب بتشكيل لجنة مركزية جديدة ضمت وزير الداخلية سليمان صويلو، ذا الجذور اليمينية والقومية، بسبب «نجاحاته» في التصدي لحزب العمال الكردستاني وجماعة فتح الله غولن عبر مئات من حملات الاعتقال والمداهمات والتفتيش، فيما بدأ الحديث عن احتمال تولي العسكري القومي السابق ليفينت غولطاش رئاسة الاستخبارات بعد تقسيمها إلى خارجية وداخلية. في المقابل، أطاح أردوغان النائب يس أقطاي، الناطق باسم الحزب الذي يعتبر حلقة الوصل الرسمية العلنية بجماعة الإخوان المسلمين، في وقت زادت الشبهات أخيراً في شأن وجود علاقة سرية بينه وبين جماعة غولن. ووعد أردوغان بإعطاء محاربة جماعة غولن أولوية في سياساته المستقبلية، إلى جانب محاربة تنظيم «داعش» وحزب العمال الكردستاني. وهو رفض تحديد تاريخ لرفع حال الطوارئ، ووعد بتغيير كثير من كوادر الحزب من أجل الإفساح في المجال للشباب، كما رفع سقف التحدي السياسي قائلاً: «لن نركز من الآن فصاعداً على الفوز فقط في الانتخابات، بل على كسب أكثر من 50 في المئة من الأصوات. ومن يريد أن يحكم تركيا يجب أن يفوز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية معاً». وفيما لم يشر أردوغان إلى القمة الإسلامية- الأميركية التي اعتذر عن حضورها بسبب انشغاله بمؤتمره الحزبي، وجّه مجدداً رسائل تحدٍّ إلى الاتحاد الأوروبي قبل أيام من القمة الأوروبية وتلك لحلف الأطلسي (ناتو) التي سيحضرها، إذ عاد أردوغان إلى تهديد الاتحاد قائلاً: «إما أن يغيروا سياساتهم معنا أو ليذهب كل واحد في طريقه».