قطر دولة «صغيرة» في كل شيء... في المساحة، وفي عدد السكان، والقوة العسكرية، حتى اسمها لا تتجاوز حروفه عدد أصابع اليد الواحدة، هكذا «كان» ينظر إليها العالم منذ فترة قصيرة! و«كان»، كما يعلم النحويون، «فعل ماضي»، وفي «العام 2010» انقلب التاريخ رأساً على عقب، وتغيرت نظرة العالم بأكمله تجاه «الكبيرة» قطر، عندما فاجأت الجميع وفازت بشرف استضافة كأس العالم عام 2022، بفضل فكر جعل من «المستحيل» واقعاً، وحوَّل «الإعجاز» إلى «إنجاز» سُجل باسم دولة «قطر»، وباسم «رياضييها» على وجه الخصوص! لن أكتب لكم عن حجم هذا الإنجاز، ولن أتحدث لكم عن حجم «العاطفة» التي انتابتنا كعرب بعد فوز الملف القطري، لأنهما أشبعا طرحاً، والجميع كتب عنهما طيلة الأيام الماضية، بل سأسأل: ماذا تعلمنا من تجربة الشقيقة قطر؟ وماذا غيّر فينا الملف القطري كشعب عربي؟ أيقنا أن الفكر العربي وُلد من جديد، متمثلاً في فكر الأمير حمد بن جاسم آل ثاني، وحينما يُولد الفكر العربي سيجبر الجميع على الهتاف والتصفيق، مهما اختلفنا معهم، تماماً مثلما فعل الأمير عندما أشار بيديه للحضور وأجبرهم على التصفيق لقطر الكبيرة! كما غيّر الملف القطري فينا كعرب نظرتنا تجاه المرأة العربية، وأصبحنا نؤمن أكثر بأنها شريكة للرجل في مختلف مجالات الحياة، وقادرة على صناعة النجاح، تماماً كما وقفت «الشيخة موزة المسند» أمام أعضاء «الفيفا» وخاطبتهم بلغة إنكليزية غلب عليها الإلحاح المستمر بمتى؟ متى...؟ ومتى...؟ لتسجل بذلك اسمها شريكة للرجل في عملية صناعة النجاح! تعلمنا أيضاً أن عنصر الشباب «قوة» للبلد، وقادر على تحقيق المستحيل، وتحويل الأحلام إلى واقع مهما بلغت وتعدت حدودها، متى ما وجد «الأجواء» التي تساعده في ذلك، ليفخر بعد ذلك بما صنعه، وتأخذ «الدموع» طريقها على خديه، كما أخذت دموع الشيخ محمد بن حمد آل ثاني طريقها بعد إعلان فوز الملف القطري بشرف استضافة كأس العالم 2022! أخيراً... تعلمنا أنه متى ما آمنا بأفكارنا وأحلامنا وطموحنا، فنحن قادرون على تحقيق المستحيل، ومنافسة الكبار مهما بلغوا من الفكر والحجم والقوة! طارق الروقي الرياض [email protected]