بعد المطلقات والمعلقات، بدأت فئة جديدة من النساء اللائي وقعن ضحية رجل أو مجتمع أو ربما زواج ظالم، في الظهور إلى السطح، تسجلها مكاتب الضمان الاجتماعي المنتشرة، بشكل متزايد، وتتمثل في نساء «مهجورات» من أزواجهن. أو باختصار رجل غادر زوجته، كزوج هارب في مقطع من فيلم غربي، من دون سؤال أو طلاق أو حتى خبر في ورقة صغيرة. وأفصحت مصادر رسمية في وزارة الشؤون الاجتماعية ل«الحياة» عن تزايد أعداد المتقدمات من المهجورات للحصول على الضمان الاجتماعي، مؤكدة أن أعدادهن باتت كثيرة جداً في السنوات الأخيرة، على رغم أن بعضهن يقضين 30 عاماً من دون أن يعلمن أن من مسؤوليات الضمان التكفل بهن. وقالت إن المرأة المهجورة هي تلك التي يهجرها زوجها، فتظل سنين عدة بلا معيل لا تعرف شيئاً عن زوجها، مؤكدة في الوقت ذاته أن الضمان الاجتماعي يتعاون معهن ويستمع إلى شكاواهن ساعات عدة، تقديراً لحالاتهن الصعبة، ومن ثم يبدأ في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمساعدتهن. وأضافت: «يقف الضمان الاجتماعي كعادته مع العاجزين، بداية عبر سماع شكاواهم وحاجاتهم، وبات ملاحظاً أن أكثر المتقدمات إليه هن فئة «المهجورات»، مشيرة إلى أنه يطلب منهن كالعادة إثبات الحالة، ومن ثم يجري البحث الميداني وبناء عليه يقرر المساعدة اللازمة لهن. وحول أهمية البحث ميدانياً في حالات المتقدمات، أوضحت مصادر «الحياة» أن البحث مهم جداً في كشف حقيقة الحاجة للمتقدمات. وقالت: «نفاجأ أحياناً بعدم صحة معلومات المتقدمة، فتأتي إلينا سيدة وتقول إنها مهجورة، ونطلب أوراقها وحين نطالبها بمعرّف كونها امرأة محجبة وبلا هوية، تُفاجئنا بإحضار زوجها كمعرّف، فالبحث الميداني ضروري جداً لكشف مثل هذه الحالات التي لا تستحق فعلاً المساعدة، وأحياناً تذهب الباحثات إلى منزل إحدى المستفيدات فيعثرن على ملابس زوجها في المنزل». وأكدت أن الضمان الاجتماعي عموماً وصل بنسبة 90 في المئة إلى كل المستحقين، مشددة على أن القصور في الغالب يعود إلى عدم معرفة البعض بالضمان الاجتماعي. وقالت: «نحن ما زلنا نبحث عن المستفيد المتعفف الذي لا يسأل الناس على رغم أنه مستحق». وذهبت المصادر إلى جانب آخر من عمل الضمان الاجتماعي يتعلق بمساعدة الرجال المرضى، مشيرة إلى أن المعضلة التي يواجهها في هذا الشأن تتمثل في التحقق من التقارير الطبية الممنوحة للمستفيد. وقالت: «البعض يدعي المرض ويقدم تقارير تدعم زعمه، ونحن لا نستطيع شيئاً إلا إرساله إلى لجنة الكشف الطبي للخضوع للفحص الذي يحدد مدى عجزه وحاجته، لكننا حين نرسل التقارير التي يقدمونها إلى اللجنة تعود إلينا سليمة ومعتمدة». وأضافت: «حين نرسل مثلاً 180 تقريراً طبياً إلى اللجنة لتتحقق منها، وتعود إلينا كلها سليمة ومعتمدة فإن هذا أمر يدعو إلى التساؤل، ونحن لا نشكك أبداً في صدقية الشؤون الصحية، لكننا نرجو أن يكون هناك تدقيق أكثر منها، فهذه أموال زكاة، لا ينبغي أن تصرف إلا لمستحقيها، ونحن مؤتمنون عليها، لصرفها في أوجهها، لا لمنحها صاحب تقرير مزيف يريد راتباً من دون عمل». وأعلنت وجود وحدة نسائية خاصة بالتعامل مع المستفيدات، موضحة أن أنهن كن سابقاً يراجعن مكتب الضمان يومين في الأسبوع، أما اليوم فيمكنهن يومياً التقدم إلى سيدات مثلهن في مكتب الضمان النسائي طوال الأسبوع، وقريباً سنعزلهن تماماً في مكتب خاص بهن سيتم تخصيصه للنساء وأسر السجناء.