يحمل شهر أيار (مايو) ذكرى جميلة للجداويين، إذ شهد ميلاد نافورتهم الأطول عالمياً، وعلى مدار ثلاثة عقود تحولت إلى علامة فارقة ل«عروس البحر الأحمر»، ومعلماً بارزاً يقصده الزوار لالتقاط أجمل الصور، ولكن نوافير أخرى ظهرت في مدن أخرى، واستقطبت الجمهور بعروضها التفاعلية. يرجع تاريخ افتتاح «نافورة الملك فهد» التي أكملت عامها ال32 إلى العام 1985، عندما أراد الملك فهد بناء نافورة بمثابة «هدية» إلى أهل جدة، على أن يكون طولها 120 متراً في ذلك الوقت، وتتزين بها حديقة قصر السلام مقر الحكومة في جدة، لكن العاملين فكروا في تحويلها إلى عمل فريد من نوعه تتميز به المدينة، ويترك ذكرى جميلة لدى سكانها وزوارها، وتقرر أن تكون النافورة «الأكبر عالمياً». واستغرق بناء النافورة ثلاثة أعوام، وبدأت عروضها منتصف الثمانينات، ويصل ارتفاعها إلى 10.233 قدماً، لتكون أطول من الهرم الأكبر في مصر و«برج إيفل» الفرنسي وتمثال «الحرية» الأميركي، وتستخدم ثلاث مضخات عملاقة تدفع 625 ليتراً من المياه في الثانية، بسرعة 375 كيلومتراً في الساعة، وكانت النافورة الأولى في العالم التي تقام في المياه المالحة. وصممت على طراز نافورة «Jet d»Eau» السويسرية الشهيرة، وبنيت قاعدتها على شكل مبخرة عربية، مصممة لتحمل آلاف الأطنان من المياه الساقطة، وتضاء ب500 كشاف عالي الإضاءة، ولا تتوقف عن العمل إلا في أيام قليلة كل سنة لإجراء الصيانة. واستمتع الجداويون خلال الاحتفالات باليوم الوطني للمملكة ال84، بتشغيل عروض الليزر على النافورة لمدة 20 ساعة متواصلة، ومثّل ذلك حينها حدثاً فريداً، وحاز على إعجاب السكان والزوار الذين يرون في نافورتهم «إحدى عجائب الدنيا». إلا أن أمانة جدة أعلنت قبل أيام، أنها أوشكت على الانتهاء من بناء 14 نافورة جديدة، موزعة على امتداد كورنيشها الشمالي ضمن مشروعها لتطويره، إذ أنجزت منه نسبة 72 في المئة. وتنتشر النوافير في مدن سعودية أخرى وتزين متنزهاتها، ويحرص المواطنون والمقيمون على الاستمتاع بالعروض الراقصة والأغاني الشعبية (الشيلات)، وغيرها من العروض التي تعيد لهم ذكريات جميلة. وحطمت مدينة الهفوف (محافظة الأحساء) رقماً قياسياً ب«أكبر نافورة تفاعلية في العالم» يتجاوز طولها 73 متراً في متنزه الملك عبدالله البيئي، وتتوسط بحيرة مساحتها 13 ألف متر مربع، تتراقص فيها المياه على أنغام الأناشيد الوطنية والشيلات، وتقدم عرض ليزر في وسطها، بكلفة 10 ملايين ريال. وشهدت الرياض قبل ثلاثة أعوام افتتاح نافورة الملك عبدالله في الملز، ويتجاوز ارتفاعها 110 أمتار، ومزودة بتقنيات عالية تضم أجهزة ليزر تفاعلية، وأخرى لتغيير أشكال واتجاهات المياه، ونظام للضباب يحيط بها، وشاشات تلفزيونية مائية. وتملك منطقة نجران واحدة من أجمل النوافير الراقصة في حديقة الملك سعود، وهي نافورة تفاعلية أنشئت قبل ثلاثة أعوام، وتعمل وفق نظام إلكتروني، ولاقت إعجاب سكان المدينة. وشهدت مدينة الطائف قبل عامين، افتتاح نافورتها التفاعلية على مساحة 13 ألف متر مربع في متنزه الردف العام، والذي يعد أحد أكبر المشاريع السياحية والترفيهية، وتتيح مدرجاته للزائرين الاستمتاع بعروض النافورة الملونة وبشاشة عرض على الماء. إلا أن النوافير لم تكن مصدر سعادة دوماً، إذ شهدت منطقة الحدود الشمالية حادثة مأسوية قبل يومين، إثر وفاة مواطن وجد مشنوقاً على نافورة في رفحاء، اتضح فيما بعد أنه كان برفقة ثلاثة مواطنين، وقرر الصعود أعلى النافورة المكونة من ثلاث طبقات خرسانية، إلا أن حبلاً التف حول عنقه ما تسبب في وفاته، وأظهرت التحقيقات أن الأشخاص كانوا في حال «غير طبيعية».