بعد أربعة أيام من المحادثات، انتهت المفاوضات السورية- السورية التي تستضيفها الأممالمتحدة في جنيف أمس، بدون مؤشرات على حصول تقدم كبير يساهم في التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة منذ ست سنوات. وعقد رئيس وفد المعارضة إلى جنيف نصر الحريري مؤتمراً صحافياً في ختام المفاوضات مساء أمس قال فيه إنه لم يحصل اختراق جدي في الجولة الحالية وهي السادسة، لكنه قال إن من مصلحة المعارضة إبقاء مسار جنيف حيّاً وعدم توقفه. وشرح أن المعارضين حاولوا في المفاوضات الحالية الدفع بمسار الانتقال السياسي وتسريع العملية السياسية. وأقر بأنه كانت هناك بعض الاعتراضات من داخل صفوف وفد المعارضة، لكنه قلل منها، مؤكداً أن «الهيئة العليا للمفاوضات» ستعالج أي اعتراضات وتجد حلاً لها. وكان ستيفان دي ميستورا مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى سورية قد وعد بجولة جديدة من «المحادثات الجادة» بجدول أعمال يركز على إجراء انتخابات جديدة ووضع دستور جديد وإصلاح نظام الحكم ومكافحة الإرهاب. لكن لم تتقدم المحادثات كثيراً، بعدما تحفظ وفدا النظام والمعارضة على مقترح للمبعوث الأممي بآلية استشارية متعلقة بدستور جديد. واقترح دي ميستورا إنشاء «آلية تشاورية» تكون برئاسته لتجنب حدوث فراغ في السلطة في سورية قبل إقرار دستور جديد. ورفضت الحكومة السورية الاقتراح الذي أثار أيضاً سلسلة من التساؤلات من جانب المعارضة، وهو ما دفع دي ميستورا للقول إنه «سيمضي قدماً إلى ما وراء» هذه المناقشات لبدء مجموعة جديدة من اجتماعات الخبراء مع كل جانب. وأشار بيان للأمم المتحدة إلى «جزء مبدئي من اجتماعات خبراء يتعلق بالقضايا القانونية والدستورية المتصلة بالمحادثات السورية». وأفادت «الهيئة العليا للمفاوضات» بتعليق 8 كتل من الفصائل العسكرية مشاركتها في الوفد التفاوضي الرئيسي في جنيف. وأصدرت كتلة الفصائل العسكرية المتكونة من «جيش اليرموك» و «حركة تحرير الوطن» و «تحالف قوات الجنوب» و «جيش أحرار الشام» و «الجبهة الشامية» و «فيلق الشام» و «جيش الثورة» و «فرقة السلطان مراد»، بياناً قالت فيه إنها علّقت مشاركتها في الوفد التفاوضي الرئيسي. وأفادت الكتلة في بيانها بأن تعليق مشاركتها يعود أولاً إلى «عدم وضوح المرجعية والتخبط في اتخاذ القرار»، بالإضافة إلى «عدم وجود استراتيجية تفاوضية». كما أشارت إلى أن العلاقة بين «الهيئة العليا للمفاوضات» وبين الوفد المفاوض الرئيسي لا تصب في مصلحة الثورة، وفق ما جاء في نص الوثيقة. وكان نصر الحريري قال إن الوفد عقد جلسة مع خبراء الفريق الأممي بحثت الإجراءات الدستورية والقانونية التي تخدم عملية الانتقال السياسي وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي. وأوضح الحريري أنه تمت مناقشة كيفية الانتقال السياسي وأمور فنية أخرى. وتابع أن الوفد قدم تقارير إلى المبعوث الأممي عن الأوضاع الإنسانية، ركزت على ملف المعتقلين، بخاصة عمليات الاعتقال المستمرة التي لم تتوقف، واعتقال الشباب من المناطق المهجرة وإرسالهم مع المفرج عنهم إلى جبهات القتال. وفي مؤتمر صحافي عقب المحادثات اول من أمس، قال الحريري «دورنا هو تخفيف معاناة شعبنا ولكن التأخر في حل المأساة السورية هو مسؤولية المجتمع الدولي الذي تساهل في دعم الانتقال السياسي». وتابع «هدفنا تحقيق الحرية لشعبنا السوري وهذا سيتم تحقيقه عبر العملية السياسية التي تجري هنا في جنيف». ودعا روسيا إلى أن تتوقف عن دعم النظام السوري، قائلاً «الرهان على نظام قاتل فاشي مستبد هو رهان خاسر والرهان الحقيقي على الشعب السوري». وعن مسار المحادثات، قال الحريري إن الجلسة الأولى كانت جلسة تقنية استمراراً لجلسات سابقة ضمن إطار تحقيق الانتقال السياسي مع خبراء في الأممالمتحدة وذلك لتعجيل العملية السياسية. وتابع: «لا يمكن الفصل بين اللقاءات الرسمية واللقاءات التقنية، وإلا ستطول العملية التفاوضية كثيراً». وسلم وفد المعارضة دي ميستورا مذكرتين الأولى حول المعتقلين والثانية حول دور إيران. وكان رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري قد قال للصحافيين إن «اجتماعات الخبراء» كانت مبادرة من وفد النظام السوري، موضحاً أنه يأمل في أن «تساعد الخطوة في دفع عملية جنيف بوجه عام نحو الجدية التي يتمناها الجميع»، مستطرداً «أن الدستور هو حق حصري للشعب السوري الذي لا يقبل أي تدخل أجنبي فيه». يُذكر أنه إلى جانب وضع دستور جديد، ركزت مفاوضات جنيف على ثلاثة محاور أخرى، هي مكافحة الإرهاب، ونظام الحكم، وتنظيم الانتخابات. لكن لم يتحقق أيّ تقدّم في هذه المحاور منذ تحديد هذه المواضيع الأربعة بالجولة السابقة في آذار (مارس) الماضي. وقال الناطق باسم المعارضة يحيى العريضي لوكالة «رويترز» إن وفد النظام يريد أن يحرف الانتباه بعيداً عن الانتقال السياسي. في غضون ذلك، التقى رئيس «الائتلاف الوطني» رياض سيف المبعوث الأميركي مايكل راتني أمس الجمعة في جنيف، بحضور عضوي الهيئة السياسية هادي البحرة وحواس خليل. ونقل «الإئتلاف» عن سيف مطالبته الجانب الأميركي بالضغط على روسيا من أجل دعم العملية التفاوضية نحو الأمام للوصول إلى حل سياسي وفق القرارات الدولية، و «تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية لا دور فيها لبشار الأسد (الرئيس السوري)». وقدم رئيس «الائتلاف» شرحاً لخطة عمله في المرحلة المقبلة و «خطة إصلاح الائتلاف الوطني ليتمكن من الارتقاء بعمله ولعب دور أكبر في الدفاع عن الثورة السورية». كما تم التأكيد، وفق ما جاء في تقرير عن اللقاء أوردته «شبكة شام»، «على دور المجلس الوطني الكردي في سورية وتمثيله في الائتلاف بموجب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين وكذلك التأكيد أن أي حل سياسي يجب أن ينطلق من التنوع على قاعدة الشراكة الوطنية ووحدة سورية أرضاً وشعباً».