بدأ في الخرطوموجوبا أمس تنفيذ حملة أمنية وإدارية لنقل صناديق وبطاقات اقتراع استفتاء إقليمجنوب البلاد المقرر الأحد المقبل، واستخدمت الطائرات والسيارات وحتى الدواب في نقل البطاقات في بعض المناطق الوعرة. وشهدت جوبا عرضاً عسكرياً لتأمين العملية، على أن تشهد الخرطوم اليوم عرضاً مماثلاً. ومن المنتظر أن يزور الرئيس عمر البشير، الثلثاء المقبل، جوبا عاصمة الجنوب في زيارة ربما تكون الأخيرة له إلى الإقليم قبل أن يصبح دولة مستقلة، في وقت لمح حزب المؤتمر الوطني الحاكم إلى إمكان انضمام زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي إلى الحكومة عقب الاستفتاء. وتعهدت وزارة الداخلية في الجنوب ردع أية جهة تخطط لزعزعة الأمن خلال مرحلة الاستفتاء، وأعلنت أن الشرطة بدأت انتشاراً واسعاً أمس سيتضمن نشر 60 ألف عنصر في ولايات الجنوب العشر. وحذّر وزير داخلية الجنوب قير شوانق أي شخص أو جهة تفكّر في تخريب عملية الاستفتاء، وقال ل «الحياة» هاتفياً إن قوات الشرطة ستردع كل من يحاول زعزعة الأمن، مؤكداً أن عملية الاستفتاء ستمضي بهدوء، مستبعداً وقوع أعمال عنف، وقلل من الحوادث المحدودة التي وقعت خلال أعياد الميلاد. وعمدت مفوضية الاستفتاء إلى نقل المعدات في وقت مبكر عن الوقت المحدد لبدء الاقتراع وذلك بهدف التغلب على صعوبات لوجستية وأمنية، بجانب ظروف الطبيعة ورداءة الطرق في بعض المناطق. وأكد رئيس مكتب مفوضية الاستفتاء في جوبا شون ريدج شروع إدارة العمليات بمكتب جوبا في إرسال بطاقات الاقتراع إلى كافة الولاياتالجنوبية. وقال ل «الحياة» إن هناك طائرات عمودية تتبع الأممالمتحدة تساعد في نقل البطاقات للمناطق النائية، فضلاً عن استخدام السيارات والدواب للتغلب على بعض الصعوبات بسبب الأمطار، موضحاً أن عملية التأمين من صميم عمل حكومة الجنوب. وأشار إلى أنه بحلول يوم الأحد المقبل ستكون كل مراكز الاقتراع جاهزة لاستقبال الناخبين حتى في المناطق النائية. وستبدأ المفوضية أيضاً في توزيع البطاقات والصناديق في الولايات الشمالية غداً الاثنين. واستبعدت مصادر رسمية وجود تهديد أمني من حركة متمردي «جيش الرب» الأوغندية في بعض مناطق الجنوب، نظراً إلى اعتماد هذه الميليشيا الأوغندية على شن عمليات متفرقة أشبه بحرب العصابات للحصول على المؤن والعتاد. ونفت المصادر أن تكون مراكز الاقتراع هدفاً لهذه المجموعة. لكنها قالت إن أكثر ما يقلق المفوضية المعوقات الناتجة من الأمطار والسيول. كما قللت حكومة الجنوب من الحديث عن انتشار مرض الحمى الصفراء، وقالت وكيلة وزارة الصحة أوليفيا لومورو إنها أكملت كافة التحوطات لمنع انتشار الحمى الصفراء في الإقليم بعدما وردت إليها معلومات مؤكدة بوجود المرض في شمال أوغندا، الجارة الجنوبية لجنوب السودان. وأكدت عدم تسجيل أي إصابة حتى الآن بالوباء، وشددت على المسافرين براً وجوداً بعدم الدخول إلى جنوب السودان إلا بعد الحصول على بطاقة التطعيم الحمى الصفراء، ونصحت المواطنين باستخدام الوسائل العازلة للبعوض. اكتمال الاستعدادات للإستفتاء وأكدت الاممالمتحدة أمس اكتمال كافة الاجراءات لاستفتاء تقرير المصير لسكان جنوب السودان في موعده المحدد في التاسع من الشهر الجاري. وقال مبعوث الأممالمتحدة الى السودان هايلي منغريوس إن طرفي اتفاق السلام الشامل، حزب «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، أبديا خلال السنوات الست الماضية التزاماً بتنفيذ الاتفاق السلام و «قطعا أكثر من مرة بعدم العودة إلى الحرب مرة أخرى مهما كانت الظروف». وأوضح منكريوس في كلمة وجهها إلى الشعب السوداني لمناسبة مرور 55 عاماً على استقلال بلادهم أن «أكثر من 100 ألف جنوبي عادوا من شمال السودان للجنوب خلال الشهرين الماضيين للمشاركة في الاستفتاء مع توقعات بعودة مزيد من الجنوبيين خلال الأيام المقبلة». كما أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الاستفتاء في جنوب السودان انها «أكملت نشر أفرادها في مراكز الاقتراع في ولايات الجنوب العشر». وقال رئيس البعثة نيال مكين إن «فرق مراقبي الاتحاد بدأت في نشر التوعية بين موظفي مفوضية الاستفتاء والوكالات الحكومية في الشمال والجنوب وكذلك وسط المراقبين المحليين». الى ذلك اقترح أكاديميون على شريكي الحكم في السودان «المؤتمر الوطني» «والحركة الشعبية»، منح الجنسية للقبائل التي تعيش في المناطق الحدودية بين شمال السودان وجنوبه، إذا صوّت مواطنو جنوب السودان لصالح الانفصال. وأشار مشاركون في ندوة عن تداعيات الاستفتاء على المجموعات السكانية في مناطق الحدود بين شمال البلاد وجنوبها إلى أهمية منح مقاعد برلمانية في جنوب السودان وشماله لتمثيل المجموعات القبلية في المناطق الحدودية. وأكد عميد مركز البحوث والدراسات الأفريقية عبدالرحمن أحمد عثمان أن سكان شمال الجنوب وجنوب الشمال يجب إعطاؤهم الجنسية والتمثيل في البرلمان، على أن يكون ذلك التمثيل متماثلاً بين الشطرين لرعاية مصالح هذه القبائل. وأفاد أن هذه الرؤية ستجعل الثقافة تنساب بين الشمال والجنوب في حال قضى الاستفتاء المرتقب بانفصال الجنوب عن الشمال. وقال أكاديميون في الندوة إن القبائل التي تعيش على خط الحدود يقدر عددها بنحو أربعين. وفي سياق متصل كشف وزير الإعلام كمال عبيد أمس ان تهديد المعارضة بإطاحة حكم البشير يخفي تحته حواراً بين «المؤتمر الوطني» ومعارضين بارزين ذكر منهم زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي والناطق باسم تحالف المعارضة فاروق أبوعيسى، موضحاً أن المهدي وافق على التعامل مع حزبه لتوحيد الجبهة الداخلية عقب الاستفتاء. وكان الرئيس البشير وجّه ليل الجمعة لمناسبة مرور 55 عاماً على استقلال البلاد، دعوة إلى الأحزاب المعارضة للمشاركة في حكومة تتمتع بقاعدة شعبية واسعة من أجل توحيد الجبهة الداخلية، قائلاً «أدعو القوى والأحزاب السياسية وقادتها لتوحيد قلوبهم وأذهانهم وراء هدف واحد هو تدعيم أسس الأمة واستقلالها» بعيداً عما وصفه ب «التدخل الأجنبي». وتعهد البشير قبول نتيجة استفتاء الجنوب وحدة أو انفصالاً، مؤكداً أن لا نكوص عن هذا العهد ولا تردد أو تراجع فيه. وطمأن البشير مواطنيه بأنه لن يسمح بأي انفلات أمني يعكر صفو المواطنين، مشيراً إلى أنه تم اتخاذ أقصى درجات الاستعداد ترتيباً وتأميناً لإجراء الاستفتاء، وأكد أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها قبل الاستفتاء وبعده لتبرهن أن لا ظروف استثنائية ستنجم عن التطورات التي ستتبعه، كما يشاع.