أبلغت الحكومة السودانية وفداً من مجلس السلم والأمن الأفريقي تمسكها بخروج البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي «يوناميد» من دارفور لاستتباب الأمن وتراجع العنف في الإقليم، مؤكدةً استعدادها لأداء مهماتها عقب خروج البعثة، بينما بدأ الوفد الأفريقي جولةً في الإقليم أمس للاطلاع على الأوضاع الأمنية والإنسانية هناك. وكشفت معلومات أن مواقف السودان من جهة والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من جهة ثانية، ما زالت متباعدة في شأن خروج بعثة «يوناميد» من دارفور، إذ ترى المنظمتان أن الأوضاع في دارفور تتطلب استمرار البعثة سنوات أخرى، بينما تطالب الحكومة بمغادرتها في أقرب وقت ممكن. وتنتشر بعثة «يوناميد» في دارفور منذ مطلع العام 2008، وهي ثاني أكبر بعثة حفظ سلام في العالم، ويتجاوز عدد أفرادها 20 ألفاً من الجنود وأفراد الشرطة والموظفين، من مختلف الجنسيات، بموازنة سنوية بحدود 1.4 بليون دولار. وانتقل وفد كبير من مجلس الأمن والسلم الأفريقي أمس، من الخرطوم إلى دارفور وزار الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وأجرى مشاورات مع حاكم الولاية عبدالواحد يوسف الذي أكد للوفد استقرار الأوضاع الأمنية والإنسانية وعودة قسم كبير من النازحين إلى قراهم وممارستهم حياتهم الطبيعية، كما أبلغ الوفد بتراجع معدل العنف والمواجهات العسكرية والاشتباكات القبلية. وسيزور الوفد الأفريقي اليوم، زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور التي يقع فيها جبل مرة معقل متمردي «حركة تحرير السودان» فصيل عبدالواحد نور، كما سيتفقد مخيمات النازحين في نيرتيتي وشنقلي طوبايا قبل أن يختتم زيارته غداً. وكان وفد مجلس الأمن الأفريقي أجرى محادثات مع الجانب السوداني الذي رأسه وكيل وزارة الخارجية، عبدالغني النعيم. وقال الناطق باسم الخارجية قريب الله خضر، إن النعيم أبلغ الوفد الأفريقي «استعداد الأجهزة الحكومية لأداء مهماتها الدستورية في دارفور عقب خروج بعثة «يوناميد» من الإقليم. وتتمسك الحكومة السودانية بضرورة مغادرة قوات حفظ السلام المختلطة لإقليم دارفور، استناداً إلى تحسن الأوضاع الأمنية وانحسار المواجهات المباشرة بينها وبين حركات التمرد، مستشهدةً أيضاً بتراجع وتيرة العنف القبلي. وعلى رغم تلك المبررات التي ظلت الخرطوم تسوّقها أمام المجتمع الدولي، إلا أن مجلس الأمن مدّد لقوات حفظ السلام سنةً تنتهي في نهاية حزيران (يونيو) المقبل، ويشترط مجلس الأمن إنهاء النزاع في الإقليم بالتوقيع على اتفاق سلام مع كل الفصائل المسلحة وعودة النازحين الى مناطقهم. في المقابل، أثنى وفد المجلس الأفريقي على التعاون بين الحكومة والمجلس، إضافة إلى الدعم والتسهيلات الكبيرة التي تقدمها الحكومة إلى «يوناميد»، مؤكداً وقوفه بقوة إلى جانب السودان ودعم جهود الخرطوم لإحلال السلام والاستقرار فيه، وذلك تحقيقاً لشعار «حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية». وتُعد زيارة مجلس الأمن والسلم الأفريقي الرابعة من نوعها منذ نشر القوات المشتركة لح`فظ السلام بدارفور. إلى ذلك، تبنى مجلس الأمن قراراً بتمديد ولاية القوات الدولية الموقتة في منطقة أبيي (يونيسفا) المتنازع عليها ل6 أشهر تنتهي في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ودعا القرار الذي صاغته الولاياتالمتحدة، دولتي السودان وجنوب السودان إلى الالتزام بتنفيذ اللجنة المشتركة. وحذّر القرار الدولتين من أن «تمديد ولاية البعثة سيكون آخر تمديد من نوعه ما لم يبدِ الطرفان، من خلال أعمالهما، التزاماً واضحاً بتنفيذ الآلية والتحقق منها وتقديم ضمانات قوية لذلك». ونص قرار مجلس الأمن على «تخفيض الحد الأقصى لقوام القوات المأذون به إلى 4791 فرداً» من الحد الأقصى السابق البالغ 5326 فرداً. وأكد أنه «يجوز للقوة الأمنية الموقتة مصادرة الأسلحة في منطقة أبيي وتدميرها، وأن تراقب نقل الأسلحة ومصادرتها وتوثيق ذلك والإبلاغ عنه في إطار التقارير الدورية التي يقدمها الأمين العام للمجلس». وتأسست قوة «يونيسفا» في حزيران (يونيو) 2011 وتنتهي ولايتها الحالية في منتصف أيار (مايو) الجاري، وهي مكلّفة برصد الحدود دائمة التوتر بين السودان وجنوب السودان، ويُسمح لها باستخدام القوة لحماية المدنيين والعاملين في مجال المساعدة الإنسانية في أبيي.