تستعد مدينة بنغازي (شرق) للاحتفال غداً، بالذكرى الثالثة لبدء الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر معركة «الكرامة» التي أطلقها الأخير ضد ميليشيات المتشددين، في حين ظهر جلياً الأثر السلبي لقرار الأممالمتحدة بحظر تسليح الجيش في عتاده وآلياته المنتشرة في شوارع المدينة. وشاهدت «الحياة» سيارات عسكرية ذات الدفع الرباعي متهالكة تابعة للقوات الخاصة البحرية ضمن قوة تأمين المدينة. وشوهد أيضاً رتل عسكري يتحرك في اتجاه منطقتي «الصابري» و «سوق الحوت» في وسط المدينة لجهة الشمال لدعم القوات التي تخوض اشتباكات ضد مسلحي تنظيمَي «داعش» و «القاعدة» ضم آليات عسكرية مصفحة تصفيحاً بدائياً، إذ لُحِمت بمقدمها متاريس حديد، وحملت سيارات دفع رباعي محطمة جزئياً، مدافع ورشاشات إطلاق سريع. وبدت آليات أخرى أقرب إلى كاسحات ألغام، لكن تصفيحها يظل غير مكتمل. وتجد عند جسر «19 / 3» في وسط بنغازي نُصب تذكاري لطائرة «ميغ» من طراز قديم، لكن المفارقة هي أنه النوع ذاته الذي يُستخدم في قصف معاقل المتشددين. وتدوي من حين لآخر أصوات القذائف المدفعية والجوية في أرجاء المدينة، وسط إطلاق نار متقطع، بينما يستعد الجيش لتنظيم عرض عسكري في الكلية العسكرية في منطقة توكرة (على بعد 70 كيلومتراً من قلب بنغاي). وانتشرت في شوارع بنغازي قوات كبيرة من الجيش والشرطة لتأمين الاحتفالات، وعُلقت لافتات ل»تمجيد» عملية «الكرامة» العسكرية، وصور للمجاهد عمر المختار والمشير حفتر، الذي أُلِّفت أغانٍ باسمه في بنغازي. وقال الناطق باسم الجيش العقيد أحمد المسماري إن العرض سيشهد مشاركة قوات المشاة والطائرات الحربية وفرق القفز بالمظلات من قوات الصاعقة، مضيفاً: «سندهش الجميع، وسنرد عملياً على كل مشكك في أن لدينا مؤسسة عسكرية نظامية». إلا أن اللافت هو أن آليات الجيش الذي يبسط سيطرته على المدينة، تبدو متهالكة مقارنة بسيارات الأمن الداخلي وحتى سيارات الإسعاف أو السيارات الخاصة من أبرز الماركات العالمية، التي لا تحمل لوائح تسجيل معدنية. وعزا ضابط في الجيش الليبي الأمر إلى أن «تلك الآليات دخلت المحاور (في إشارة إلى المناطق التي كانت تسيطر عليها التنظيمات المتطرفة)، وما زالت تشارك في الاشتباكات في محور الصابري وسوق الحوت». وقال مستشار الأمن القومي السابق خالد الترجمان إن «الجيش الليبي يقاتل بأسلحة عتيقة، يقاتل بطائرات عفا عليها الزمن، طائرات لا يوجد فيها حتى كرسي لإنقاذ الطيار. الطيارون في الجبهات يعلمون أن إصابتهم هي الإصابة الأخيرة، كما سلاح الهندسة خطأه الأول هو الأخير أيضاً»، مضيفاً أن «الجيش الليبي يحتاج إلى مختلف أنواع العتاد. يحتاج كل شيء، ذخائر وأسلحة نوعية وحتى أسلحة شخصية وبنادق كلاشينكوف التي يفتقدها»، لافتاً إلى أن جزءاً كبيراً من سلاح الجيش غُنِم من الإرهابيين الذين استولوا على ترسانة أسلحة قوات معمر القذافي، التي نُقل جزء منها إلى سيناء وجزء آخر إلى سورية وجزء ثالث إلى العراق. ودعا الدول العربية إلى كسر حظر تسليح الجيش الليبي من جانب واحد. وقال مدير المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية والأمنية في مصر خالد عكاشة، الذي يزور بنغازي ضمن وفد مصري لحضور فاعليات مهرجان ثقافي تنظمه مؤسسة «الأهرام» الصحافية، إن حظر تسليح الجيش الليبي إحدى السقطات الدولية، بما يمثله من تعنت غير مبرر، مضيفاً أنه «كان أجدر بالمجتمع الدولي تسهيل مهمة الجيش بمحاصرة توغل الجماعات الإرهابية، في ظل تنامي قدرات تلك الجماعات بشكل يفوق قدرات قوات الأمن الداخلي. هذا الحظر يضر بالجيش الليبي ويوفر ميزة نسبية للتنظيمات الإرهابية، كونها بالفعل تتلقى أسلحة متطورة مهرَبة».