أكد الديبلوماسي الأميركي المخضرم إدوارد دجيرجيان الذي عمل مع ثماني إدارات أميركية ل «الحياة»، أن زيارة الرئيس دونالد ترامب المرتقبة إلى السعودية تعيد «الانخراط الأميركي الكبير مع الشركاء التقليديين لواشنطن في الخليج»، وذلك بعد سنوات من تركيز الرئيس السابق باراك أوباما على الملف الإيراني، وأضاف أن هناك الآن فرصة للتوصل إلى «صيغة فاعلة» أميركية-خليجية في اليمن. دجيرجيان الذي يدير معهد «جيمس بايكر للسياسة العامة» في جامعة «رايس»، قال ل «الحياة» في اتصال عبر الهاتف قبيل بدء ترامب زيارة السعودية (الجمعة المقبل) إن «اختيار الرئيس الرياض محطته الأولى يعكس نيته الانخراط مع شركاء أميركا التقليديين في الخليج والشرق الأوسط عموما»، وأضاف السفير السابق لدى سورية وإسرائيل، أن «قمتي ترامب مع مجلس التعاون الخليجي وقادة الدول الإسلامية مؤشر مهم إلى العمل مع الشركاء المسلمين لتهميش التطرّف ومحاربة داعش». وتابع أن «الكثير من دول الخليج اليوم، منذ تولي ترامب الحكم في 20 كانون الثاني (يناير) ترى فرص دعم قوية لشراء الأسلحة والانخراط الأميركي المباشر مع الشركاء». وزاد أن أوباما «صب معظم اهتمامه على الاتفاق النووي مع إيران، فشعر الشركاء في الخليج بأنهم مهمشون». ورأى أن «الحرب في اليمن باتت معقدة كثيراً والتشنج مع إيران مستمر، وكذلك تهديد داعش حتى بعد خسارتها أراضي في العراق وسورية. من هنا أهمية انخراط أميركا بهذا الزخم من دون التوهم بالوصول إلى حلول سحرية». إلا أن دجيرجيان تحدث عن «فجوة» الكلام الأميركي والفعل. وقال: «ليس هناك استراتيجيات متكاملة لدى دارة ترامب للتعامل مع التهديدات، ففي الملف الإيراني مثلاً، انتقد الرئيس عندما كان مرشحاً الاتفاق النووي، لكنه أدرك بعد انتخابه أن الاتفاق ليس مع أميركا ولم يتخذ قراراً بإلغائه»، وأضاف: «هذه الواقعية موجودة أيضاً لدى دول الخليج ، فكلها، مع إيران، تعيش في المنطقة ذاتها ولديها علاقات واتصالات، وأي مواجهة عسكرية في الخليج ستكون كارثية». ودعا إلى إيجاد «توازن والتصدي لأمور إشكالية في تصرف إيران الإقليمي خارج الملف النووي». وأكد أنه لا يتوقع أن «يخوض ترامب مواجهة عسكرية مع طهران إلا إذا انسحبت من الاتفاق النووي وطورت صواريخ باليستية تهدد وجود أميركا البحري في مياه الخليج». ولَم يستبعد «فكرة الخروج بتركيبة فاعلة (modus operandi) مع الشركاء الخليجيين خلال زيارة ترامب للتعاطي مع النزاع في اليمن وإعطاء الديبلوماسية فرصة فليس من حل عسكري هناك». وعن عملية السلام، وزيارة ترامب إسرائيل والأراضي الفلسطينية بعد السعودية، قال دجيرجيان إنه متفائل بحذر في التوصل إلى اتفاق، وأوضح أن « الجميع يعرف أطر الحل والنماذج المختلفة المطروحة، لكن الإرادة السياسية غائبه يمكن أن ينعشها ترامب». وانتقد فكرة حصر السياسية الأميركية بحوافز اقتصادية للفلسطينيين إذ «سبق العمل على الشق الاقتصادي والانتظار، لقد انتظرنا طويلا». وانتقد «استراتيجية السلام العربية كبديل للتسوية، مؤكداً أن «الغطاء الإقليمي لفض النزاع لا يكفي وحده، وليس هناك بديل من التسوية». وزاد أن ترامب بأسلوبه «غير التقليدي وخبرته التفاوضية قد يتمكن من إحداث اختراق، فالنافذة لم تغلق على حل الدولتين».