(رويترز) - يقدم تعيين رئيس جديد للاتحاد للطيران فرصة للناقلة الخليجية كي تعيد النظر في استراتيجيتها التوسعية بعد انهيار «أليطاليا» التي تملك حصة أقلية فيها مما يبرز العوائق الكبيرة التي تعترض النمو العالمي للشركة. وتقرر تعيين راي جاميل رئيساً تنفيذياً موقتاً هذا الأسبوع، بعد أيام من طلب «أليطاليا» الحماية من الدائنين، إذ تبلغ ديون الشركة 3.3 بليون دولار. وسيحل جاميل محل الرئيس المخضرم للشركة جيمس هوغان. كانت استراتيجية هوغان هي شراء حصص أقلية في الكثير من شركات الطيران. وعادة ما يتمثل مسار نمو شركات الطيران في الدخول على مسارات المنافسين. لكن في الاتحاد الأوروبي، الذي يعمل في الأساس كما لو كان دولة واحدة في ما يخص الطيران، لا يمكن للأجانب تملك حصة أغلبية في شركة طيران. وفي «أليطاليا» كان غياب السيطرة الكاملة يعني عدم قدرة الاتحاد على التعامل بفعالية مع المشكلات العمالية. ومنذ 2011، أنفقت الاتحاد المملوكة لحكومة أبوظبي بلايين الدولارات لشراء حصص أقلية في شركات من أوروبا إلى أستراليا في الوقت الذي كانت تسرع فيه الخطى كي تلحق بمنافسيها الإقليميين طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية. و«أليطاليا» ثامن أكبر رهان مرتفع القيمة للاتحاد. لكن الاستثمار البالغة قيمته 650 مليون يورو (609 ملايين دولار) انتهى إلى حالة يرثى لها بعد أن رفض موظفو الشركة بأغلبية كبيرة أحدث خطة لإعادة هيكلتها ولتصبح استراتيجية هوغان الأوسع نطاقاً محل تدقيق. وحالياً أصبح مستقبل الاستثمار الرئيس الآخر للاتحاد، في اير برلين، محل شك أيضاً في الوقت الذي تواصل فيه الناقلة الخليجية إجراء مراجعة استراتيجية بدأت العام الماضي. وعلى نحو مماثل لأليطاليا، تتكبد الناقلة الألمانية خسائر ضخمة، وقالت قبل أسبوعين إنها تسعى إلى العثور على شريك جديد، وهو ما قد يشمل مستثمراً جديداً. وقال متحدث باسم الاتحاد إن مراجعتها مستمرة، لكنه امتنع عن التعليق عن الكيفية التي قد تتغير بها الاستراتيجية أو أثر انهيار «أليطاليا» على الخطط العالمية. لكن مصدراً كبيراً في الناقلة الخليجية قال إن هناك دروساً مستفادة من الاستثمار الإيطالي، وإنها ستضطلع بدور في صياغة الاستراتيجية المستقبلية. أساليب متناقضة سمحت الاستراتيجية التي تبنتها الاتحاد لها بخفض التكاليف عبر توحيد بنود مثل شراء الطائرات، في الوقت الذي تقدم فيه شبكة أكبر، تقول الشركة إنها تضم 600 وجهة وأكثر من 700 طائرة. وقال ويل هورتون كبير المحللين لدى سي.ايه.بي.ايه الأسترالية لاستشارات الطيران إن النهج الذي اتبعه هوغان «تجاه الشراكات لم ينجح لكن القليل من مبادئه يظل صالحاً». وفي بعض الأوقات جرت مقارنة مساعي الاتحاد للنمو عبر حصص الأقلية مع استراتيجية «القنص» الفاشلة التي اتبعتها الخطوط الجوية السويسرية سويس اير في التسعينات. وأسهمت عمليات الشراء الكثيرة التي قامت بها سويس اير، واستحواذها في المعتاد على حصص في شركات طيران متداعية، في تكبدها خسائر ضخمة مما أوقف نشاطها في نهاية المطاف عام 2001 لتباع إلى لوفتهانزا الألمانية في 2005. ورفض هوغان على الدوام المقارنة، قائلاً إن ما تفعله الاتحاد يختلف عن الخطوط السويسرية وإن الشركة أظهرت أن بإمكانها السيطرة على التكاليف. وأظهرت الاتحاد ومنافسوها نمواً استثنائياً لكنهم يتعرضون لضغوط متنامية بسبب تباطؤ اقتصادات الخليج الناجم نسبيا عن انخفاض أسعار النفط. واختارت الاتحاد ومنافسوها استراتيجيات مختلفة لتجنب المعضلة التنظيمية التي تحكم الملكية الأجنبية وكي يواصلوا التوسع عالمياً. ودخلت الخطوط القطرية، كغيرها من شركات الطيران الأخرى، في واحد من ثلاث تحالفات عالمية. ومنحها هذا ولوجاً إلى حقوق النقل الجوي لشركات طيران أخرى من دون خرق قواعد الملكية، لكنه يسمح بسيطرة محدودة على تخطيط المسارات والتكاليف. وعلى النقيض من ذلك تعمل طيران الإمارات التي مقرها دبي وحدها في الأساس وهو نهج يمنحها السيطرة على شبكتها وتكاليفها، لكنه يعني أيضاً أنها تتحمل جميع المخاطر. وأظهرت نتائج أعمال أكبر شركة طيران في الشرق الأوسط انخفاضاً في الأرباح السنوية يوم الخميس للمرة الأولى في خمس سنوات. ولكونها الأحدث من بين شركات الطيران الثلاث الكبرى في الشرق الأوسط، تطلعت الاتحاد التي تأسست قبل 14 عاماً إلى اللحاق واتباع مسار ثالث يعتمد على شراء حصص في شركات طيران أخرى كي توسع نطاق عملها. مخاوف إيطالية حين أنقذ هوغان «أليطاليا» في 2014 بعد مفاوضات استمرت لأشهر، لقي تشجيعاً من رئيسي وزراء إصلاحيين هما انريكو ليتا وماتيو رينتسي. وزار ليتا أبوظبي للمساعدة في إبرام الاتفاق. وقال ستيفانو دي تشيزاري الطيار لدى «أليطاليا»: «حينما جاءت الاتحاد في 2014، اعتقدنا هذه المرة أن الأمر سينجح أخيراً، هذا ما كان عليه الأمر». لكن مسؤولين إيطاليين كباراً في القطاع يقولون إن «أليطاليا» استهانت بالتعقيدات السياسية في البلاد وأزمة العمالة المزمنة. وقال تنفيذيون ومسؤولون واتحادات عمال في إيطاليا في مقابلات مع «رويترز» إن إثارة استياء عمال «أليطاليا» كانت ضمن سلسلة من الخطوات الخاطئة التي أنهت حلم الاتحاد الإيطالي. ويقول كثيرون إن الاتحاد قللت من شأن النمو الكبير لشركتي الطيران منخفض الكلفة ريان اير وايزي غيت. ومع افتقارها إلى حصة أغلبية، فإن نفوذ الاتحاد للطيران كان محدوداً على رغم أنها أكبر مساهم منفرد بحصة تبلغ 49 في المئة. وعلى رغم جاذبية السوق السياحية الإيطالية المهمة، فإنها اضطرت لمشاهدة منافسي «أليطاليا» وهم يجنون المكاسب. وأبلغ وزير الصناعة الإيطالي كارلو كاليندا البرلمان الأسبوع الماضي: «لا شك في أن فكرة إدارة الشركة من أبوظبي كانت خطأ فادحاً للغاية». وقال متحدث باسم الاتحاد للطيران إن «أليطاليا» عانت من مصاعب مالية على مدى عشرات السنين، وإن استثمارها لقي ترحيباً كاملاً في إيطاليا. وأضاف أن الاتحاد تعتقد أن الخطة الجديدة لإعادة الهيكلة التي وضعتها إدارة «أليطاليا» كانت ستعالج مشكلاتها. «اير برلين» في ألمانيا أيضاً ترى الاتحاد للطيران أن «اير برلين»، أول استثماراتها في 2011، هي الباب لدخول غير مقيد إلى سوق لها حقوق نقل جوي محدودة بها. لكن «اير برلين» تكبدت خسائر بلغت مستوى قياسياً عند 782 مليون يورو في 2016. وفي الوقت الحالي تواصل الاتحاد للطيران تقديم التمويل. وتقول «اير برلين» إن الاتحاد للطيران منحتها تسهيل قرض آخر بقيمة 350 مليون يورو وخطاب دعم لمدة 18 شهراً على الأقل. لكن مصادر في القطاع تقول إن الاتحاد للطيران قد تتخارج من «اير برلين» عبر السعي لإبرام اتفاق مع «لوفتهانزا الألمانية» التي ترغب الاتحاد بشدة في العمل معها. وقال كارستن سبور الرئيس التنفيذي للوفتهانزا يوم الجمعة إنه أجرى محادثات مع أبوظبي في شأن مستقبل «اير برلين»، لكن الأمر بيد الإمارة لحل مشكلة ديون «اير برلين» البالغة 1.2 بليون يورو، والتي تمنع أيضاً «لوفتهانزا» من شرائها. وقال جون ستريكلاند استشاري الطيران في بريطانيا: «اير برلين وأليطاليا أثبتتا أنهما تحديان صعبان للغاية».