تسبب هطول أمطار غزيرة في محافظة جدة أمس (الأربعاء) في شل الملاحة الجوية والبحرية وحركة المرور وإخلاء المدارس. وذكرت إدارة الدفاع المدني أنها تلقت بلاغات عن تعرض مركبات لأعطال متنوعة. وأدت الأمطار إلى انهيار قاعة للأفراح. لكن لم ترد أنباء عن وقوع خسائر في الأرواح أو أضرار كبيرة في الممتلكات. وتجمعت المياه في عدد من الطرق الرئيسية وسط جدة، وهو ما أعاق انسياب المرور. ووفرت «أمانة جدة» آليات لشفط المياه. وأعرب كثير من السكان عن شعور بالهلع من استعادة أمطار وسيول عام 2009. في غضون ذلك، جاءت قسوة هجوم الثلوج على أوروبا، جاءت هذا العام مفاجئة ومرهقة، لكن الغريب أن بلاد الثلوج الدائمة بدت وكأنها فوجئت بها أيضاً. فروسيا التي قادها «الجنرال ثلج» من نصر إلى آخر على غزاتها، وأرهق جيوش نابليون وهتلر في عهود مضت، وردّها على أعقابها، بدت هذا العام عاجزة أمام اجتياح الثلوج، وكأن سلاحها الأمضى على مر الزمان خانها وانقلب عليها. المطارات معطلة منذ ايام، وعشرات الألوف تكدسوا فيها بانتظار الفرج. التيار الكهربائي انقطع عن مئات الألوف من المنازل وترك مناطق كبيرة تتجمد برداً. أكوام الثلوج غطت مدناً بأكملها بينها موسكو وأظهرت مدى تدهور خدمات تنظيف الشوارع والمرافق العامة. والأسوأ أن انقطاع التيار أصاب شبكة النقل العام المعتمدة على الباصات والقطارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية، ووصل الى إشارات المرور التي توقفت عن العمل في العاصمة لبعض الوقت، مضيفة تهديداً جديداً إلى مخاطر التنقل في الشوارع مع ارتفاع حاد في معدلات حوادث السير. وبدا أن العجز عن مواجهة الموقف لا يختلف كثيراً عن مشهد روسيا الصيف الماضي، عندما التهمت نيران حرائق الغابات بلدات وقرى بأكملها، وغطت سحب الدخان موسكو ومدناً أخرى لأسابيع طويلة. في الحالين بدت موسكو غير مستعدة لمواجهة تقلبات الطبيعة، ومع ارتفاع أصوات تدعو الى إجراء مراجعة جدية ومحاسبة المقصرين عن أداء واجباتهم، فإن الأهم من ذلك أن هجوم الطبيعة بنوعيه كشف تدهور أحوال البنى التحتية التي أصابتها الشيخوخة ولم تتعرض لعمليات تحديث جدية منذ انهيار الدولة السوفياتية. ثمة عبارة دائمة الترديد تلخص في شكل واضح أحوال البلاد، مفادها بأن روسيا ما زالت تعيش على امجاد الدولة العظمى في السابق... وليس المقصود الأمجاد العسكرية والقدرات النووية وصناعات الفضاء المتطورة فحسب، بل تنسحب العبارة على كل مناحي الحياة، ولا سيما ما يتعلق بالمرافق الأساسية للبنى التحتية التي باتت بحاجة ماسة إلى إعادة بناء وتحديث، ليس فقط لمواجهة تقلبات الطبيعة، بل ولتجنب كوارث جدية باتت محدقة. ولا يكاد يمر شهر من دون أن تقع حوادث مأسوية تدل الى تدهور حاد في أوضاع البنى الأساسية. من انفجارات أنابيب إمداد الغاز الى المجمعات السكنية التي غدت «ظاهرة طبيعية جداً» الى آلاف الحوادث في المصانع والمناجم، وصولاً الى الطرق والشوارع - المسؤولة بحسب مراكز مختصة - عن ثلث حوادث السير التي تقتل سنوياً في روسيا قرابة 40 الف نسمة. وتشير دراسة حديثة إلى حاجة روسيا الماسّة إلى مد الوف الكيلومترات من الشوارع الحديثة، ولتحديث شبكة السكك الحديد الضخمة، التي بني الجزء الأعظم منها قبل نحو نصف قرن. وبحسب تقديرات وزارة الطوارئ المسؤولة التي راكمت خبرة كبيرة في مواجهة الكوارث اليومية منذ سنوات، تعاني غالبية المجمعات السكنية في الإقليم الفيديرالي المركزي الذي يضم العاصمة ومدناً أجرى، من وصول نسبة الشيخوخة والترهل في تمديدات المياه والمجاري والتدفئة وشبكات الكهرباء إلى 70 في المئة، وهو ما يعني أنها معرضة يومياً للإصابة بأعطال خطرة. أربعاء «رمادي» مدجج بالمطر: لا أسود أبكى جدة... ولا أبيض أسعدها شريط ذكريات «الأربعاء الأسود» يقتحم أذهان أهالي « العروس»