الأمطار توقف الملاحة جواً وبحراً... وتخْلي المدارس و«تشل» الشوارع ظلل أربعاء «رمادي» مدجج بالمطر سماء مدينة جدة أمس، متطاولاً على القلوب قبل الشوارع، وطبع بصمته على كل شبر في جسد العروس الوجلة، إلا أنها نجت من «سواد» القتل والدمار الذي خلفته كارثة «الأربعاء» في العام الماضي، وإن لم تنعم ببياض الفرح الذي يحمله ماء «حديث عهد بربه». وإذ زفرت جدة أمس أنفاسها المخنوقة مع أول إشارة لانتهاء المطر بسلام نسبي، طاولت الأضرار التي خلفها حركة المرور والملاحة البحرية والجوية، وتسبب في إعلان حال الطوارئ في المدينة. ولم ينج من سياط الذكريات المؤلمة إلا عقول الأطفال الغضة التي اختارت البراءة والفرح. أعلنت مدينة جدة أمس (الأربعاء) حال طوارئ، إثر هطول أمطار غزيرة شلت الحركة الملاحية جواً وبحراً، وتسببت في تعطيل حركة المرور وإخلاء المدارس. وأوقفت إدارة ميناء جدة الإسلامي الحركة الملاحية في الميناء منذ ال11 صباح أمس (الأربعاء) حتى إشعار آخر. وقال مدير الميناء الكابتن ساهر طحلاوي ل«الحياة»: «إن ارتفاع سرعة الرياح إلى أكثر من 30 عقدة، إضافة إلى هطول الأمطار الغزيرة كانا كفيلين بدفع إدارة الميناء إلى تعليق الحركة الملاحية في شكل كامل في الميناء»، مؤكداً أنه «لن يتم استئناف الحركة الملاحية إلا في حال عودة الرياح إلى طبيعتها». وفيما أوضح المتحدث الرسمي للهيئة العامة للطيران المدني خالد الخيبري ل«الحياة» أنه تم تحويل وجهة ست طائرات كانت في طريقها إلى مطار الملك عبدالعزيز ثلاث منها دولية إلى المطارات المجاورة. وقال: «تشمل الرحلات الست، رحلتين إحداهما تابعة للخطوط السعودية والأخرى لطيران «ناس» كانتا قادمتين من الرياض، ووجهتا إلى مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز في المدينةالمنورة، ورحلة دولية للخطوط السعودية آتية من الخرطومووجهت إلى مطار جازان، ورحلتين تابعتين لطيران «ناس» كانت إحداهما مقبلة من الدمام والثانية من حلب، ووجهتا إلى مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز، وأخيراً وجهت رحلة تابعة ل«المصرية» للطيران إلى مطار الملك خالد». وكشف مصدر مسؤول في مطار الملك عبدالعزيز (فضل عدم ذكر اسمه) ل«الحياة» إيقاف جميع الرحلات المغادرة من مطار الملك عبدالعزيز الدولي وقت هطول الأمطار أمس، موضحاً أنه كان إجراءً احترازياً فقط. وعلى صعيد إجراءات الدفاع المدني للتصدي لمخاطر الأمطار، أكد المدير العام للدفاع المدني في محافظة جدة العميد عبدالله جداوي ل«الحياة» أن إدارته أنهت إخلاء مدارس غرب جدة باكراً، مشيراً إلى أن إدارة الدفاع المدني وبالتنسيق مع إدارة التربية والتعليم في جدة فضلتا خيار الانصراف الباكر للطلاب، تفادياً لأي مشكلات، إذ أخلي الطلاب كافة قبل الساعة 12 ظهراً. وأفاد العميد جداوي أن غرفة عمليات الدفاع المدني تلقت بلاغات عدة عن تعرض مركبات لأعطال متنوعة، وتم حلها بالتنسيق مع إدارة المرور، مؤكداً توجيه إدارته خطابات عدة إلى الجهات الحكومية كافة بأخذ الحيطة والحذر، مشيراً إلى أن تحذيرات الدفاع المدني أطلقت بناء على تحذيرات من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة. وتواصلاً لحال الطوارئ التي عمت جدة خشية الأمطار، أكد المدير العام لمرور جدة العميد محمد حسن القحطاني ل«الحياة» أن تجمع المياه في منطقة وسط جدة وعدداً من المحاور سبب شللاً في الحركة المرورية، لافتاً إلى تفعيل دور غرفة العمليات المشتركة للعمل على حل هذه المشكلة. وأوضح العميد القحطاني أن طرق الأندلس والملك فهد وفلسطين إضافة إلى منطقة سوق الأمير متعب، كانت أكثر المناطق التي شهدت ارتفاعاً في منسوب المياه المتجمعة، إضافة إلى عبارة السامر التي اضطرت إدارته إلى إغلاقها نظراً إلى الارتفاع الكبير في منسوب المياه المتجمعة فيها، مشيراً إلى أن خروج الطلاب مع أولياء أمورهم من المدارس أدى إلى تعطل الحركة المرورية في طرقات جدة الرئيسة كافة، مبدياً استياءه من «السائقين الذين يخرجون للطرقات الرئيسة في هذه الأوقات. فقط من أجل الترفيه، فيزيد وجودهم من معاناة حركة السير في جدة». وعلى صعيد استعدادات صحة جدة، أبلغ المدير العام للشؤون الصحية في منطقة جدة الدكتور سامي باداود «الحياة» بإعلان حال التأهب والاستنفار الكاملين في كل المستشفيات والمراكز الصحية في جدة، موضحاً أن صحة جدة رفعت استعداد الفرق الطبية والإسعافية. وقال: «إن خطة الطوارئ في مثل هذه الظروف ترمي إلى حصر الأسرّة الشاغرة في المستشفيات كافة، إضافة إلى معرفة طاقة وحدة الدم الحالية في كل مستشفى». مضيفاً: «إن كل الفرق والمستشفيات في حال استعداد تام، للتحرك عند الحاجة». من جهتها، باشرت إدارة تعليم جدة مهمة صعبة في إخلاء مدارس المحافظة كافة من الطلاب تدريجياً، إذ أكد المدير العام لتعليم المحافظة عبدالله الثقفي منح مديري المدارس الصلاحيات التي تخولهم التصرف في مثل هذه الحال من دون انتظار توجيهات الإدارة، حسب ما تقتضيه سلامة الطلاب. وفي السياق ذاته، قال مدير بلدية أم السلم (شرق جدة) المهندس عبدالله العجمي ل«الحياة»: «إن مواقع عدة شهدت تجمعات للمياه في منطقته، كان أبرزها حي السالمية بالقرب من الخط الموازي لطريق الحرمين الذي تسبب ارتفاع منسوب المياه فيه إلى إغلاقه». وفيما أكد مدير بلدية ذهبان وعسفان المهندس عبدالله الغامدي أن الأمطار لم تتسبب في أي تجمعات للمياه في نطاق بلديته، أشار إلى استعداد الناقلات والمضخات التي وفرتها الأمانة لمواجهة أي طارئ.