يفر آلاف المدنيين من الموصل كل يوم منذ أن بدأت القوات العراقية تقدمها في آخر المناطق التي يسيطر عليها «داعش» الأسبوع الماضي مع نفاد الغذاء والماء وزيادة عدد القتلى جراء القتال. وأعلنت الأممالمتحدة أمس، نقلاً عن بيانات حكومية أن أكثر من 22 ألف شخص فروا منذ أن فتحت القوات جبهة جديدة شمال غربي المدينة منذ أسبوع، في محاولة لإخراج الإرهابيين منها نهائي. ففي اليومين الماضيين فقط فر أكثر من 11 ألف شخص عبر موقع في مخيم حمام العليل. وقالت أم عبد الرحمن (40 سنة) التي فرت من حي المشرفة ليل الثلاثاء إن «الإرهابيين يطلقون النار على الذين يحاولون الفرار، وسمح لبعض الرجال بالخروج مقابل اصطحاب عائلات المجرمين معهم». وكانت ملابس أحد الرجال الذين ينتظرون التفتيش في حمام العليل ملطخة بالدماء نتيجة حمله امرأة أصابها قناص. وانضم الفارون إلى أكثر من 600 ألف شخص خرجوا من الموصل على مدى سبعة أشهر منذ أن بدأت القوات العراقية هجومها على المدينة. وخرج نحو 400 ألف منهم من الشطر الغربي من المدينة التي يقسمها نهر دجلة. والإرهابيون محاصرون الآن في الطرف الشمالي الغربي الذي يضم المدينة القديمة وجامع النوري الذي كانت راية «داعش» السوداء ترفرف عليه منذ حزيران (يونيو) عام 2014. وقالت أم عبد الرحمن إن نحو عشر عائلات، بعضها أجبر على الخروج من مناطق أخرى من الموصل مع تقدم القوات، أفرادها مكدسون الآن في منازل الشمال الغربي. وأضافت: «لا يوجد ماء ولا طعام. القصف مستمر». وتابعت أن «الإرهابيين يضرمون النار في سيارات وشاحنات المدنيين لإثارة غطاء دخاني». قالت قطر الندى عبد الله (31 عاماً) إن الناس «يقتاتون على القمح المغلي فقط لأن مسلحي التنظيم يحتفظون بأي مواد غذائية أو مياه لأنفسهم». وأضافت «حتى القمح أصبح شحيحاً». وأفادت أم محمد (62 سنة) وهي تمسك علبة سجائر كانت تعد من الممنوعات تحت حكم «داعش»، بأن مسلحي التنظيم يخرجون الناس من منازلهم بالقوة لاستخدامهم في مواقع القتال. وأضافت أنها وأفراد أسرتها أحرقوا كل شيء بما في ذلك أحذيتهم لطهي الطعام بعد أن نفد الوقود. وتابعت: «رأينا الخوف والجوع والموت. أنا سيدة عجوز ولم أر شيئاً مثل ذلك من قبل». وسيطر الإرهابيون على الموصل في هجوم خاطف عبر شمال العراق وغربه عام 2014 لكنهم فقدوا الكثير من الأراضي التي سيطروا عليها مع تقدم القوات خلال العام الماضي. وبدأت الحملة لاستعادة الموصل ثانية كبريات المدن العراقية في تشرين الأول (أكتوبر). وحتى إذا انتزعت القوات السيطرة على الموصل، وهي آخر مدينة كبيرة يسيطر عليها «داعش» في البلاد، سيظل الإرهابيون يسيطرون على مساحات من الأراضي في العراق قرب الحدود السورية.