شهد العام الجاري ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة الانتهاكات ضد حرية الصحافة والصحافيين الفلسطينيين العاملين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتمثلت هذه الانتهاكات في اعتداءات ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأخرى ارتكبتها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية والحكومة المقالة في قطاع غزة، بعضها ناجم عن الانقسام الداخلي. وسجل «التجمع الإعلامي الفلسطيني» في تقرير عن هذه الانتهاكات خلال العام الجاري أكثر من 130 اعتداء اسرائيلياً ضد الطواقم الإعلامية والصحافيين أثناء أدائهم عملهم في تغطية الأحداث ومتابعتها، أبرزها اعتقال أكثر من 30 صحافياً وإخضاعهم للتحقيق ومصادرة معداتهم الصحافية. وتركزت اعتداءات قوات الاحتلال على استهداف الطواقم الإعلامية خلال المسيرات الأسبوعية المناهضة لجدار الفصل العنصري في قرى نعلين وبلعين والنبي صالح (قرب رام الله وسط الضفة الغربية) وبيت أُمّر (شمال مدينة الخليل جنوب الضفة). وذكر «التجمع الإعلامي» في تقريره أن قوات الاحتلال استهدفت المصورين الصحافيين مراراً بقنابل الغاز والرصاص المعدني، ما أدى الى إصابة أكثر من 53 منهم. وأضاف أن الصحافيين والطواقم الإعلامية في مدينة القدسالمحتلة كانوا هدفاً مباشراً لقوات الاحتلال، خصوصاً أثناء تغطية المواجهات والصدامات في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وبلدة سلوان وأحيائها، التي أطلقت عليهم قنابل الصوت والغاز، ما أدى إلى إصابة أكثر من 20 صحافياً مقدسياً. واعتقلت قوات الاحتلال 7 صحافيين في القدسالمحتلة وحققت معهم، كما استدعت اثنين آخرين للتحقيق معهما على خلفية عملهما الصحافي. وأشار التقرير الى أن العام الجاري شهد انتهاكات واعتداءات على الحريات الإعلامية على خلفية الانقسام الداخلي بين حركتي «فتح» و»حماس» في الضفة والقطاع، حيث ارتكبت الأجهزة الأمنية الفلسطينية انتهاكات صارخة بحق الإعلاميين. ورصد «التجمع الاعلامي» أكثر من 95 انتهاكاً تركز معظمها في الضفة، إذ بلغ عددها أكثر من 60، مقابل 35 انتهاكاً في القطاع. وفي الضفة تمثلت الانتهاكات في اعتقال الصحافيين واستدعائهم وإغلاق مكاتبهم وتهديدهم ومنعهم من أداء عملهم الصحافي وتغطية الأحداث. كما شهد العام الجاري سابقة خطيرة تمثلت بتقديم صحافيين فلسطينيين الى القضاء العسكري، إذ حكمت محكمة عسكرية فلسطينية في شباط (فبراير) الماضي بالسجن الفعلي وغرامة مالية على الصحافي طارق أبو زيد، من مدينة جنين، بتهمة عمله مراسلاً ل «قناة الأقصى» الفضائية التابعة لحركة «حماس»، تبعه في تموز (يوليو) الماضي حكم على الصحافي عامر أبو عرفة من مدينة الخليل بالسجن الفعلي ثلاثة أشهر وغرامة مالية. ورصد «التجمع» اعتقال أكثر من 30 صحافياً، اعتقل بعضهم مرات عدة. وفي قطاع غزة سجل «التجمع» اعتقال عدد محدود من الصحافيين من جانب جهاز الأمن الداخلي، لكن سرعان ما كان يتم حل مشاكلهم بعد تدخل القوى السياسية والمؤسسات الصحافية. وحذر «التجمع» من «خطورة» استمرار مسلسل الانتهاكات ضد الصحافيين، مطالباً بتوفير الحماية والسلامة للطواقم الصحافية، خصوصاً التي تعمل في مدينة القدسالمحتلة. كما دعا المؤسسات الحقوقية والدولية التي تعنى بحقوق الصحافيين، خصوصاً اتحاد الصحافيين العرب والنقابات الصحافية العربية ومنظمة «مراسلون بلا حدود» والاتحاد الدولي للصحافيين، الى التدخل لفضح جرائم الاحتلال الممنهجة في حق الصحافيين الفلسطينيين. وعبّر عن رفضه سياسة الملاحقة والاعتقال السياسي وتعذيب الصحافيين الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية، ولفت إلى «الخطورة البالغة» لمثول عدد من الصحافيين أمام محاكم فلسطينية في قضايا تتعلق بالانقسام الداخلي. واعتبر «التجمع» الصحافيين الفلسطينيين بمثابة «كتيبة متقدمة للدفاع عن الحقوق الفلسطينية»، داعياً الى تحريم ملاحقتهم والزج بهم في السجون ووضع حد لهذه الملاحقة كي يقوموا بدورهم في ملاحقة جرائم الحرب الإسرائيلية، وطالب بإطلاق كل الصحافيين المعتقلين ووقف سياسة الاعتقال السياسي وعدم الزج بهم في الخلافات السياسية. كما شدد على أن عدم وجود دور فاعل لنقابة الصحافيين أسهم في شكل كبير في تمادي الانتهاكات ضد الصحافيين والمؤسسات الإعلامية، داعياً الى استنهاضها كي تمثل كل المجتمع الصحافي الفلسطيني وتعيش همومه من دون استثناء.