اعترضت بكين على منح المنشق الصيني ليو شياو باو جائزة نوبل للسلام جزاء كفاحه الطويل في سبيل «حقوق الإنسان الأساسية. لذا، بادرت مجموعة من الدول، ومنها روسيا، الى مقاطعة حفل تسليم الجائزة في أوسلو لأسباب مختلفة. وليو شياو باو شارك مع رفاقه في تظاهرات ساحة تيان ان مين في 1989، وساهم في إعداد «شرعة 08» الذائعة الصيت، والداعية الى إطاحة احتكار الحزب الشيوعي الصيني السلطة والارتقاء الى نظام يرسي التعددية الحزبية في الصين. وبكين، وهي لا تتساهل في مثل هذه المسائل، أصدرت حكماً بسجنه 11 سنة في كانون الأول (ديسمبر) 2009، واتهمته بالسعي في «تقويض سلطة الدولة وخلع النظام الاشتراكي». والحق ان استخدام مدفعية «جائزة نوبل» جاء رداً على فشل مساعي الدول الغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان في حمل بكين على التراجع عن قرارها. والرد الصيني لم يتأخر. فجمّدت المفاوضات التجارية مع الدول المشاركة في حفل تسليم الجائزة، وهددت الدول هذه بعواقب لا يستهان بها. ولم تسمح الصين للمنشق الصيني بالذهاب الى أوسلو لتسلم الجائزة. فهي لا تريد أن تبدو وكأنها تصدع بالتدخلات الخارجية في شؤونها. وترى بكين ان بعضهم يحاول استخدام قضية شياو باو لتغيير سياستها الداخلية التي تخدم مصالح شعبها وتعزز وحدتها وتطورها. ويظهر منح المنشق الصيني جائزة نوبل للسلام، من غير لبس، عدم رضى الغرب عن انتهاك الصين حقوق الإنسان. ويرمي الغرب الى إجبار الصين «الصاعدة» والبارزة اقتصادياً على «الاكتواء بنيرانها الداخلية» وتوجيه اهتمامها نحو مشكلاتها الداخلية والتخلي، على الأقل موقتاً، عن التدخل في المسائل الجيوبوليتيكية . فنمو الاقتصاد الصيني الجامح يحمل القيادة الصينية على تعزيز دورهاعلى الساحة الدولية «لاحتلال مكانة تحت الشمس». لذا، تسعى الصين في حيازة حصة راجحة في أسواق المواد الأولية وتصريف السلع في العالم. ولا يقتصر دعم الغرب القوى المناوئة لبكين على المنشقين السياسيين، بل يشمل المنظمات الانفصالية، وأبرزها تلك الناشطة في التيبيت واقليم شينغيانغ. ولكن محاولات تقسيم الصين من طريق دعم المؤسسات المعارضة للنظام على الطريقة السوفياتية لم تفلح. ومثل هذه المحاولات لن يكتب لها النجاح، في وقت تفتقر الصين الى قيادات سياسية مثل بوريس يلتسين وميخائيل غورباتشيف. والقيادة الصينية متراصة الصفوف، الى حد ما. وهي لا ترغب في إفلات زمام الأمور من أيديها، وتنتهج سياسة حكيمة. فهي تستثمر مبالغ ضخمة في تطوير مناطق الأطراف، وتسحب، تالياً، ورقة مهمة من أيدي الانفصاليين . ويبدو أن محاولات الغرب دعم القوى المعادية للحزب الشيوعي الصيني، هي عثرة صغيرة لا تعوق ارتقاء الصين دولة عظمى بارزة في العالم. وردت بكين على «وخزة الغرب»، وأنشأت جائزة سلام بديلة من جائزة نوبل، وأطلقت عليها اسم كونفوشيوس. ومنحت الجائزة هذه لنائب الرئيس التايواني السابق، ليان تشجان، لسعيه في تقارب الصين مع تايوان. فالصين ترفض تدخل الغرب في شؤونها الداخلية ونفوذها الدولي يتعاظم. * صحافيان، عن «برافدا» الروسية، 15/12/2010، إعداد علي ماجد