على هامش احتفال وزارة الثقافة والإعلام بمهرجان اليوم العالمي للطفل لعام 2010، الذي رعاه وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، وفي صورة جميلة ومعبرة له مع بعض الأطفال وعد هؤلاء الأطفال بمسرح وسينما، نأمل أن يتحقق في القريب العاجل، لأن مثل هذه الأمنية هي أقل ما يقدم لأطفالنا في بداية القرن ال"21". هذه أمنية أطفالنا التي وجدت من وعد بتحقيقها لهم، ولكن ماذا بشأن سينما لنا ككبار من رجال ونساء؟ إلى متى نشاهد ونحضر لدور السينما في الدول المجاورة لنا، إلى متى تقطع المسافات وتشد الرحال إلى البحرين أو دبي لمشاهدة آخر الأفلام العالمية والعربية؟ أعتقد أننا إذا كنا بالفعل نعمل على إخراج العائلة السعودية من منازلها وجعلها تتمتع بما يحويه هذا الوطن من مناطق جذابة للسياحة الداخلية، فإنني ممن يعتقدون أن وجود الترفيه مهم لجذب المواطنين إلى الداخل السعودي، ومن عناصر الجذب هذه وجود دور سينما ومسارح حقيقية، تعرض آخر ما أنتج في العالم من أفلام، وتعرض مسرحيات، كما في دول العالم الأخرى، وليس مسرحيات للنساء وأخرى للرجال، كما هي الحال لدينا، مرة باسم الخصوصية، ومرة باسم الدين، التي للأسف تجد المنظرين لها من بعض التيارات المتشددة التي تدفع المجتمع إلى الانغلاق والعزلة. إن السينما هي أحد أشكال الفن المؤثرة في ثقافات الشعوب، وتلعب السينما دوراً مهماً في تعزيز الهوية الوطنية، إضافة إلى الدور الترفيهي للسينما في المجتمعات، والسينما، كما هو معروف، هي صناعة متكاملة تدر المداخيل على الدول وعلى الشركات التي تملك هذه الصناعة، إضافة إلى الوظائف التي تخلقها السينما في أي مجتمع توجد فيه، ونحن في اعتقادي لسنا باستثناء. وعودة إلى واقعنا المحلي، فباعتقادي أن الإعلام التلفزيوني والسينما من الوسائل المهمة التي يمكن تفعيلها لنشر خطاب ثقافي في مجتمعنا، حتى نخلق ثقافة متسامحة ومنفتحة على العالم، فمن خلال السينما ومشاهدة أفلام من ثقافات متنوعة ومختلفة عن ثقافتنا، فإننا نقترب من فهم تلك الثقافات. لقد أوضحت بعض الدراسات المحلية أن 95 في المئة من مرتادي السينما في البحرين في أيام الإجازات المحلية هم من السعوديين، وأن الشركات التي تملك دور السينما هناك تحقق الملايين من الأرباح بسبب الزيادة في أعداد مرتاديها وغالبيتهم من أبناء المملكة، فأعتقد أنه يجب أن نفكر بشكل جدي بافتتاح دور للسينما في بعض الأسواق التجارية في بعض المدن الرئيسة، التي أعتقد في حال تم السماح لهم، بأنها ستكون مجالاً استثمارياً جاذباً جداً على المستوى الاقتصادي، أما أن نراوح مكاننا في هذه القضية فلن تُحل أزماتنا الاجتماعية، فأنا على يقين أن من يدورون في الشوارع بسياراتهم من دون وجهة محددة لمحاصرتنا لهم بلوحة للعوائل فقط سيجدون السينما وما تحتويه من مطاعم وأماكن ترفيه، وجهات مناسبة لهؤلاء الهائمين في الشوارع. إن العزل والفصل الاجتماعي والخطاب الديني والثقافي المتشدد سيولد صراعات أيديولوجية مع الأقليات الدينية في فضائنا الإقليمي ومع أصحاب الديانات الأخرى، الذي نشهد ضحاياه كل يوم في شوارع العواصم الإسلامية والعالمية. لخلق خطاب جديد منفتح على الآخر بكل أطيافه يسمح بمساحة من الحرية لجميع التيارات نحتاج وبشكل فعال وضروري أدوات لخلق وإحلال هذه الثقافة الجديدة، يأتي في مقدم تلك الأدوات السينما بشكلها الشعبي، واسعة الانتشار، وليست سينما النخب الثقافية التي تقدمها بعض الأندية الأدبية مشكورة التي تكون في الغالب أفلاماً وثائقية أو أفلاماً قصيرة، نريد سينما متنوعة، فيها الجاد وغير الجاد من أفلام ترفيهة من جميع الثقافات الأخرى، فنحن نكون ونبني الصور الذهنية عن الشعوب الأخرى مما نشاهده ونسمعه عن تلك الشعوب، فالسينما هي أداة مهمة في هذا المجال ويمكن استخدامها منا في تصحيح الصورة الذهنية عن شعوبنا في بعض الدول، وقد تكون أكثر فعالية من عقد مؤتمرات وإرسال وفود لتلك الدول للتواصل مع الآخر. إننا نأمل من وزارة الثقافة والإعلام، وعلى رأسها وزير شاعر ذو حس مرهف، أن يدفع بمثل هذه المشاريع التنويرية إلى الأمام، فيكفينا تردداً وخوفاً من أصحاب الصوت العالي الذين يريدون أن يبقى المجتمع مكبلاً ومتخلفاً، فالدول من حولنا لديها السينما الهادفة، والمسارح الجادة، والفرق الموسيقية التي تؤدي دوراً تنويرياً في منطقتنا، فنحن ذوو ثقل حضاري يجب ألا نتخلف عن الركب، ومكاننا الحقيقي يجب أن يكون دائماً في المقدمة. [email protected]