قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح اليوم (الإثنين)، إن أسواق النفط تستعيد توازنها بعد سنوات من فائض في المعروض، لكنه لا يزال يتوقع تمديد اتفاق قادته «منظمة البلدان المصدرة للنفط» (أوبك) لخفض الإنتاج خلال النصف الأول من العام ليشمل 2017 بالكامل. وانخفضت أسعار النفط اليوم مبددة المكاسب التي حققتها في وقت سابق من الجلسة، إذ طغت الأدلة على ارتفاع أنشطة الحفر الأميركية على الحديث عن تمديد تخفيضات المعروض لكبار مصدري «أوبك». وبحلول الساعة 12:46 بتوقيت غرينيتش انخفض خام «برنت» 37 سنتاً إلى 48.73 دولار للبرميل بعدما ارتفع إلى المستوى الأعلى خلال الجلسة عند 49.92 دولار للبرميل في وقت سابق. ونزل الخام الأميركي الخفيف 30 سنتاً إلى 45.92 دولار للبرميل مقارنة مع المستوى الأعلى خلال الجلسة البالغ 46.98 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لكلا الخامين أكثر من عشرة في المئة في الشهر الأخير على رغم خطوات «أوبك» ومصدرين آخرين من بينهم روسيا للحد من المعروض من أجل تقليص الإمدادات في النصف الأول من هذا العام. والجهود التي تقودها «أوبك» تقوضها زيادة الحفر في الولاياتالمتحدة التي تطلق طفرة في إنتاج النفط الصخري قد تعوض أي فراغات تتركها المنظمة. وتجتمع «أوبك» في 25 أيار (مايو) الجاري، إذ من المتوقع أن تناقش تمديد تخفيضات الإنتاج حتى نهاية 2017 على رغم أن محللين يقولون إن تمديداً لستة أشهر قد لا يكون كافياً. وقال روبن بيبر المحلل الفني لدى «بي في أم أويل أسوسيتس» للسمسرة في لندن، إن «السوق في حال شديدة الخطورة... الاتجاه العام لا يزال نزولياً وما يحدث مجرد تصحيح». وتعهدت «أوبك» ومنتجون آخرون من بينهم روسيا خفض الإنتاج حوالى 1.8 مليون برميل يومياً خلال النصف الأول من العام لدعم السوق. إلا أن الإمدادات التي ما زالت مرتفعة أدت إلى انخفاض الأسعار إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل. وفرض ذلك ضغوطاً على «أوبك» لتمديد خفض الإنتاج ليشمل العام بأكمله. وقال الفالح في العاصمة الماليزية كوالالمبور خلال مناسبة للقطاع اليوم: «بناء على المشاورات التي أجريتها مع الأعضاء المشاركين أنا واثق من تمديد الاتفاق للنصف الثاني من العام». وقال الفالح أن هبوط الأسعار في الآونة الأخيرة يرجع إلى موسم انخفاض الطلب وأعمال صيانة مصافي النفط، وكذلك نمو الإنتاج من خارج «أوبك» خصوصاً في الولاياتالمتحدة. وارتفع إنتاج الولاياتالمتحدة من النفط بما يزيد على 10 في المئة منذ منتصف 2016 إلى 9.3 مليون برميل يومياً، قرب مستويات إنتاج روسيا والسعودية وهما من كبار المنتجين. ولكن الفالح قال أن الأسواق تحسنت من المستويات المنخفضة المسجلة في العام الماضي، حين هبطت أسعار النفط دون 30 دولاراً للبرميل. ويتوقع الوزير السعودي نمو الطلب العالمي على النفط بمعدل يقترب من مستوى العام الماضي. وأوضح أن نمو الطلب الصيني على النفط يجب أن يماثل مستويات العام الماضي بفعل قوة قطاع النقل، في حين من المنتظر أن يسجل الطلب من الهند مستوى نمو جيد. وفي السياق نفسه، قالت ناطقة باسم وزارة الطاقة الروسية إن أحد الخيارات التي تبحثها روسيا ومنتجون كبار للنفط في العالم يتمثل في تمديد خفوضات إنتاج الخام بعد 2017. وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قال في وقت سابق اليوم، إن بلاده تؤيد تمديد خفوضات إنتاج النفط التي ينفذها منتجون كبار لمدة أطول. من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة «بتروناس» الماليزية للنفط المملوكة للحكومة اليوم، إن الشركة ستدعم أي تمديد لخفوضات إنتاج الخام التي تنفذها «أوبك» ومنتجون من خارج المنظمة. وقال وان ذو الكفل وان اريفين للصحافيين في مؤتمر آسيا للنفط والغاز في كوالالمبور: »إذا كان هناك تمديد للترتيب، بالطبع نحن ملتزمون مواصلة خفض الإنتاج». وكانت «بتروناس»، التي تساهم بحوالى ثلث الإيرادات المرتبطة بالنفط والغاز في ماليزيا، حذرت العام الماضي من أن أسعار النفط ستظل غير مستقرة وأنها ستبقي على توقعات «متحفظة» لعام 2017. وأوضح ذو الكفل إن الشركة تتطلع إلى تنويع بعض الأصول في إطار مراجعة دورية لأنشطتها، وانها قد تتخارج من بعض الأصول إذا لاحت فرصة. ومن المرجح أن ينبع معظم النمو المتوقع في الطلب على النفط على مدى الأعوام ال 25 المقبلة من آسيا، في الوقت الذي ينمو فيه عدد سكان المنطقة مع تقدم دول مثل فيتنام والفيليبين لتصبح ضمن أكبر 20 اقتصاداً في العالم. وقال الوزير السعودي إن آسيا ستساهم أيضاً بحوالى ثلثي الطلب العالمي على الغاز بحلول ذلك الوقت. وأضاف أن الاستثمارات العالمية في التنقيب والإنتاج تراجعت هي الأخرى مما قد ينتج فجوة كبيرة بين العرض والطلب في السنوات القليلة المقبلة. وقال: «التقديرات المتحفظة تتوقع أننا سنحتاج إلى تعويض 20 مليون برميل يومياً ناتجة من نمو الطلب والانخفاض الطبيعي خلال الأعوام الخمسة المقبلة». وأضاف: «هذا هو مبعث تخوفي... نتجه صوب مستقبل يتسم باختلالات بين العرض والطلب». وللمساعدة في تلبية الطلب، تعتزم شركة «أرامكو السعودية» الحكومية للنفط استثمار سبعة بلايين دولار في مشروعات تكرير وبتروكيماويات مع «بتروناس» الماليزية. وقال الفالح إن مشروع «أرامكو السعودية» مع برتامينا الإندونيسية لتوسيع مصفاة «سيلاكاب» سيدخل في مرحلة التصميم الهندسي الأساسي في النصف الثاني من هذا العام. وهون الوزير من أهمية الحديث عن أن زيادة الطاقة البديلة ربما تقلل من استهلاك الوقود الأحفوري، قائلاً إن الطاقة المتجددة تظل تواجه عقبات مثل أسعارها الباهظة. ولا يتوقع الفالح أن يبلغ الطلب على النفط ذروته في وقت قريب.