دخلت الجماعات السلفية في اليمن للمرة الأولى على خط تداعيات «أزمة الجنوب» وتصاعد الدعوات المطالبة بانفصاله عن الشمال، فدعت الى اصطفاف وطني واسع لحماية الوحدة اليمنية باعتبارها «فريضة شرعية» ودانت كل ما يؤدي الى الإضرار بأمن اليمن واستقراره، وطالبت بوقف التدخل الاجنبي في شؤونه. واختتمت أمس أكثر من 35 جمعية ومركزاً إسلامياً ومؤسسة سلفية خيرية من مختلف محافظات اليمن «الملتقى السلفي العام» الذي استمر يومين تحت شعار «الوحدة اليمنية والتحديات الراهنة: رؤية شرعية واقعية». وأكد البيان الختامي للملتقى ضرورة «حماية الوحدة اليمنية باعتبارها فريضة شرعية وضرورة حياتية»، ودان «دعوات الانفصال والتفرق وكل ما يؤدي إلى الإضرار بوحدة اليمن وأمنه واستقراره»، لكنه أوصى في المقابل الحكومة اليمنية ب «تبني خطة شاملة ومتكاملة لإصلاح أجهزتها ومؤسساتها كافة بتعيين الأكفاء الأمناء، وإحالة الفاسدين والمخلّين بواجبات وظائفهم إلى القضاء تجسيداً لمبدأ الثواب والعقاب». وطالب الملتقى ب «إصلاح الجهاز القضائي وفق الأحكام الشرعية وضمان استقلاله وتفعيله لتسريع البت في قضايا الناس وإقامة العدل، وإنصاف المظلومين، وإحالة جميع السجناء خارج نطاق القانون إلى القضاء». ودان البيان «التدخل الأجنبي في شؤون اليمن بصوره وأشكاله كافة وتجريم التعاطي مع الأجندات الخارجية كافة التي تضر باليمن ومصالحه»، وطالب ب «الوقوف صفاً واحداً في مواجهة المد الرافضي» في البلاد، داعياً في الوقت ذاته إلى «عقد لقاء موسع يضم السلطة مع أهل الحل والعقد من فئات الشعب كافة لتدارس الأوضاع الراهنة وإيجاد الحلول اللازمة لها، وتغليب مبدأ الحوار بين جميع الأطراف المتنازعة». وفي ما يتعلق بالموقف من المطالب الحقوقية، طالب سلفيو اليمن السلطة ب «إنصاف المتضررين من أبناء المحافظات الجنوبية وأبناء محافظة صعدة»، وأكدوا رفضهم «جميع أعمال العنف التي تؤدي إلى زعزعة أمن واستقرار البلاد من أي جهة كانت». وطبقاً لمنظمي الملتقى الذي خلا من العنصر النسوي، فإن اللقاء كان يهدف إلى «مناقشة تداعيات الأحداث الراهنة وآثارها على مستقبل اليمن ووحدته وثوابته الإسلامية والوطنية وتقديم رؤية شرعية واقعية لعموم الأمة»، فضلاً عن «المساهمة في تعميق وترسيخ الوحدة اليمنية»، و «تجسيد مبدأ المشاركة والحوار لحل القضايا والأزمات الراهنة. وظهرت بعض الخلافات بين التيارات السلفية خلال المؤتمر الصحافي في ختام الفعالية، حيث اعلن رئيس فرع «جمعية الحكمة» بمحافظة إب الشيخ محمد المهدي استعداده لحمل السلاح مع الرئيس علي عبدالله صالح دفاعاً عن الوحدة ضد كل من يدعو للانفصال إذا اقتضى الأمر، فيما أكد رئيس فرع «جمعية الإحسان» في المحافظة نفسها الدكتور حسن شبالة ان وجهة النظر هذه شخصية لا تعبر عن رأي كل التيارات السلفية، مضيفاً ان ما تضمنه البيان الختامي للملتقى هو «التجسيد الحقيقي لموقف عموم السلفيين في اليمن». وانتقد الإشارة إلى إمكان مشاركة المرأة في فعاليات السلفيين القادمة. من جهته، دعا مدير «مؤسسة روابي الخير» التنموية السلفية في حضرموت الشيخ عمر سالم باوزير إلى اصطفاف وطني مع شخص الرئيس علي عبدالله صالح للدفاع عن الوحدة، باعتباره «ولي الأمر الشرعي»، وليس مع الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام)، وهو الأمر الذي انتقده عليه سلفيون آخرون. كما وجه باوزير انتقادات شديدة لعناصر تنظيم «القاعدة»، الذين قال إن السلفيين منهم «براء». على صعيد آخر، استقبل الرئيس اليمني في تعز امس نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي اي) ستيفن كييس. واوضحت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) ان اللقاء تناول العلاقات الثنائية والتعاون في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب. ونسبت الوكالة الى كييس قوله ان «الولاياتالمتحدة تدعم وبقوة يمناً موحداً ومستقراً، وأن ذلك يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة» مؤكداً «دعم بلاده لقدرات اليمن في مجال التنمية ومكافحة الإرهاب»، فيما أكد علي صالح حرص اليمن على تعزيز علاقات التعاون والشراكة مع أميركا على مختلف الأصعدة. وقال الرئيس اليمني في مهرجان أقيم في محافظة تعز لمناسبة ذكرى الوحدة «سنحاصر المرتدين عن الوحدة بالشرفاء والمخلصين وبحراس الوحدة ولن نسمح لفيروس التآمر والتمزق أن ينال من وطننا. وكما تصدينا له في العام 1994سنتصدى له اليوم ونحن أكثر قوة وأكثر ثباتاً».