مدريد - ا ف ب -انتهى الأمر بمنتخب إسبانيا لكرة القدم المرشح الدائم لاعتلاء أعلى درجة في منصة التتويج دون أن يتمكن من الصعود إليها، بإحراز كأس العالم لأول مرة في تاريخه في أول مونديال تنظمه القارة السمراء. وكرس اللقب العالمي جيلاً جديداً استثنائياً من اللاعبين الإسبان توجوا جهودهم قبل عامين (2008) باللقب الأوروبي في النمسا، لكن المعاناة والمشكلات بدأت بالظهور في مباراتين وديتين خاضهما منتخب «الروخا» أخيراً. وكان تشافي هرنانديز واندريس انييستا والحارس ايكر كاسياس وزملاؤهم المسلحون بلقب أوروبي ثمين عز عليهم طويلاً، المرشحين الأوفر حظاً لإحراز مونديال 2010 في جنوب أفريقيا، وقد نجحوا هذه المرة عملياً في تجسيد التوقعات التي رشحتهم بنسبة كبيرة. وصحيح أن المنتخب الإسباني في المونديال لم يكن جذاباً بنفس القدر الذي ظهر عليه في كأس أوروبا 2008، لكنه رد بالشكل المناسب بعد السقطة الأولى غير المتوقعة أمام سويسرا (صفر-1) وحقق الانتصار تلو الآخر حتى المباراة النهائية، إذ تغلب على نظيره الهولندي (1-صفر) بعد التمديد بعد أن جاء الفرج في الدقيقة 116 عن طريق الخجول والمجتهد في آن معاً انييستا الذي تحول من بديل استثنائي إلى نجم مطلق. وكانت الفرحة في إسبانيا عارمة تفوق الوصف، ورقصت البلاد كلها طرباً، وتناست لساعات طويلة نسبياً الآثار المدمرة للأزمة الاقتصادية التي تضربها في العمق. ويشكل اللقب في هذه اللعبة الأكثر شعبية في العالم خاتمة عقد رائع ومجيد في تاريخ الرياضة الإسبانية بعد النجاح غير المسبوق لنجم كرة المضرب رافايل نادال الذي استعاد هذا العام المركز الأول في التصنيف العالمي، وفرناندو الونسو (فورمولا واحد) والبرتو كونتادور (دراجات هوائية) وباو غاسول ورفاقه (كرة السلة) وثلاثي الدراجات النارية الذي احتكر الألقاب الثلاثة هذا الموسم والمؤلف من خورخي لورنزو (موتو جي بي) وطوني الياس (موتو 2، 600 سم مكعب) ومارك ماركيز (125 سم مكعب). ولم ينتظر رئيس وزراء إسبانيا خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو سوى ثوان معدودة على صافرة حكم المباراة النهائية، حتى صرخ بثقة كبيرة «في الرياضة، نحن في القمة، وهذا الفوز هو التجسيد العملي لذلك». من جانبه، تفاخر سكرتير الدولة (وزير) شؤون الرياضة خايمي ليسافتسكي «رياضتنا تعيش عصراً ذهبياً، هو الأفضل في تاريخها». وفاق عدد مستقبلي المنتخب لدى عودته باللقب إلى مدريد مليون شخص، بحسب أحد معلقي التلفزيون الرسمي الذي تحدث حينها عن «أكبر عيد في تاريخ البلاد». بدوره، توجه الملك خوان كارلوس إلى اللاعبين خلال استقبال كان يعد سابقاً للفاتحين بالقول: «أشكركم أيها الأبطال باسم إسبانيا وجميع المواطنين الإسبان». وبقي تركيز اللاعبين، رغم محاصرتهم من وسائل الإعلام والمعلنين الكثر، منصباً على التأهل إلى نهائيات كأس أوروبا 2012 في بولندا وأوكرانيا من أجل الدفاع عن اللقب الأوروبي، وحققوا 3 انتصارات متتالية في الجولات الثلاث الأولى من منافسات المجموعة التاسعة فتصدروا الترتيب من دون منازع. في المقابل، لم يظهر نجوم أوروبا والمونديال في المباريات الودية بمستوى الأبطال وتلقوا خسارتين مذلتين أمام الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي نجم برشلونة الإسباني (1-4)، ثم أمام البرتغال بقيادة كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد الإسباني أيضاً (صفر-4). ولم تمر الخسارة الثانية في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مرور الكرام بعد أن كان كل شيء مسموحاً بالنسبة إلى المنتخب الإسباني منذ تألقه في البطولة الأوروبية عام 2008، وضرب المدرب فيسنتي دل بوسكي بقبضة يده بقوة على الطاولة موبخاً اللاعبين «لا أعذار لدينا، لا يمكن أن نقدم أسوأ من ذلك». من جانبه، رأى مهاجم المنتخب وفريق اتلتيك بلباو فرناندو لورنتي «افتقدنا إلى الكثافة. افتقدنا إلى كل شيء في المباراة، وهذا أمر مقلق جداً». ولا تزال الفرصة سانحة أمام أبطال أوروبا والعالم لاستعادة الثقة، لكن عليهم أن يتعظوا من المثال الفرنسي بعد إحراز منتخب الديوك اللقبين العالمي (1998) والأوروبي (2000) قبل أن يتحول مشواره في مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان إلى كارثة. يجب أن يبقى ذلك في ذاكرة الإسبان كيلا يكرروا السيناريو ذاته في كأس أوروبا 2012 أولاً ثم في مونديال 2014 في البرازيل ثانياً.