بذلت موسكو أمس جهوداً ديبلوماسية وعسكرية لإقناع واشنطن بأن اتفاق «خفض العنف» في أربع مناطق سورية يقع ضمن اقتراح الرئيس دونالد ترامب إقامة «مناطق آمنة»، ما وفّر أرضية لاستئناف العمل باتفاق «منع الاشتباك» بين الطائرات الأميركية والروسية في أجواء سورية. في الوقت ذاته سُجّلت في اليوم الأول لتنفيذ اتفاق آستانة خروق، خصوصاً في ريف حماة وفي حي القابون قرب دمشق الذي استثنته موسكو من الاتفاق، من دون أن تُهدد هذه الخروق بانهيار الهدنة الرابعة في سورية خلال سنتين. وانتخب «الائتلاف الوطني السوري» أمس هيئته الرئاسية الجديدة وضمت رياض سيف رئيساً وسلوى كتاو وعبدالرحمن مصطفى نائبين للرئيس، ونذير الحكيم أميناً عاماً. ويُحسب رياض سيف على التيار الليبيرالي، في حين أن منافسه الرئيسي رياض خوجة ينتمي إلى التيار الإسلامي. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن رئيسي الأركان الروسي فاليري غيراسيموف والأميركي جوزيف دانفورد اتفقا في اتصال هاتفي أمس، على استئناف كامل لتنفيذ بنود مذكرة مشتركة لتفادي حوادث جوية فوق سورية. وأضافت أنهما ناقشا اتفاق مناطق خفض التوتر، واتفقا على مواصلة العمل في شأن إجراءات إضافية لتجنّب اشتباك بين الطرفين في أجواء سورية. ووقع الجانبان مذكرة تفاهم في شأن السلامة الجوية في تشرين الأول (اكتوبر) 2015 بعدما بدأت روسيا قصف أهداف دعماً للقوات النظامية السورية، بالتزامن مع شن طائرات التحالف الدولي بقيادة أميركا غارات على مواقع ل «داعش». وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن مذكرة مناطق خفض التصعيد أخذت في الاعتبار الاقتراحات الأميركية السابقة حول «المناطق الآمنة». وزاد أن هذا الملف ناقشه الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره دونالد ترامب هاتفياً قبل بدء الجولة الرابعة من محادثات آستانة. وأوضح أن الخطوات الأخيرة التي اتُخذت، وبينها إقرار مذكرة المناطق الهادئة، تتوافق مع «المبادرات» التي اقترحتها الولاياتالمتحدة بداية هذه السنة، لإيجاد الظروف الملائمة لحماية المدنيين ووقف القتال بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة. وأجرى لافروف اتصالاً هاتفياً بنظيره الأميركي ريكس تيلرسون تناول ملف تخفيف التصعيد في سورية. وأعلنت الخارجية الروسية انهما بحثا في «تخفيف التصعيد وتحقيق استدامة نظام وقف النار وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب، إضافة إلى تنشيط المساعدة الخارجية في عملية التفاوض السورية»، علماً أن الوزيرين سيلتقيان في ولاية ألاسكا الأميركية خلال هذا الأسبوع. ونشرت الخارجية الروسية تفاصيل مذكرة إنشاء المناطق الهادئة، ونصت على إنشاء أربع مناطق ل «خفض التصعيد في سورية، وتشكيل فريق عمل مشترك من جانب الضامنين في غضون 5 أيام بعد التوقيع، لتحديد خرائط المناطق وحل المسائل التقنية، وضرورة أن يتخذ الضامنون التدابير اللازمة لاستكمال تعريف الخرائط حتى 22 أيار (مايو)». وأشارت المذكرة إلى أن مدة وقف النار في المناطق ستة شهور تمدد تلقائياً إذا ثبتت الهدنة. ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وقيادي من المعارضة بأن الاشتباكات بين القوات النظامية السورية وعناصر المعارضة هدأت أمس، بعد دخول اتفاق «خفض العنف» حيّز التنفيذ، على رغم استمرار المعارك على جبهة مهمة قرب حماة وفي حي القابون. وقال القيادي في المعارضة إن المستوى العام للعنف قلّ، لكنه أضاف أن محاولات النظام للتقدم في ريف حماة مستمرة. وذكر اللفتنانت جنرال سيرغي رودسكوي وهو مسؤول في وزارة الدفاع الروسية الجمعة أن منطقة القابون في الغوطة الشرقية مستثناة من الاتفاق، معللاً ذلك بأنها تضم مسلحين من جماعة مرتبطة ب «القاعدة» («جبهة النصرة»). وأشار «المرصد» إلى «تسجيل خروق تشهدها مناطق «تخفيف التصعيد»، الممتدة من الشمال إلى الجنوب، وتشمل محافظة إدلب وريفي حماة وحمص الشماليين، وغوطة دمشقالشرقية والجنوب، إذ نفذت الطائرات الحربية غارتين استهدفتا حي القابون بنحو 8 صواريخ، بالتزامن مع اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، والفصائل الإسلامية من جانب آخر، على محاور في محيط الحي ومحاور أخرى من أطراف القابون من جهة حي تشرين». وأضاف أن «قوات النظام تمكنت من تحقيق تقدم والسيطرة على كتلة منازل في المنطقة الواصلة بين القابون وحي تشرين». وكان علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية دافع عن اجتماع آستانة والنتائج التي تمخض عنها، معتبراً أنه خطوة مهمة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية. أما «الهيئة العليا للمفاوضات» التي تمثل المعارضة الرئيسية في سورية، فانتقدت اتفاق إنشاء مناطق «خفض التصعيد»، ووصفته بأنه غامض و «غير مشروع» وحذّرت من «تقسيم» البلد، في وقت رفض «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» الاتفاق بوصفه «تقسيماً طائفياً» لسورية.