لفت مراقبون الى استقبال رسمي أقامه رئيس عمر ألفا كوندي لنوري بو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام في ليبيا، وخليفة الغويل رئيس «حكومة الإنقاذ» التابعة للمؤتمر، خلال زيارتهما العاصمة الغينية كوناكري بناء على دعوة رسمية من كوندي بصفته رئيساً للدورة الحالية للاتحاد الأفريقي. وأتى ذلك بعد اتفاق بين رئيس «حكومة الوفاق» فائز السرّاج وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر على خطوات لاحلال السلام في بلادهما، علماً أن السراج وحفتر يعتبران أبرز مناهضين ل «المؤتمر» و«حكومة الانقاذ». ويعد هذا الظهور الأول لبو سهمين منذ سنة تقريباً، بعد اختفائه من المشهد السياسي في طرابلس عقب سيطرة قوة تابعة ل «مجلس الدولة» المنبثق عن حكومة الوفاق على مقر المؤتمر الوطني في طرابلس. وأعلن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الدولة عبدالرحمن السويحلي، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي فصل بو سهمين من عضوية المجلس بتهمة «تواطئه في الاعتداء على مقره» في قصور الضيافة إلى جانب 23 عضواً شملتهم قائمة المفصولين من مجلس الدولة. كما فرض الاتحاد الأوروبي في نيسان (أبريل) 2016 عقوبات على رئيس المؤتمر الوطني، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس حكومة الإنقاذ في طرابلس. يذكر أن كوندي ومنذ استلامه رئاسة الاتحاد الأفريقي، قرر لقاء كل أطراف الأزمة الليبية. وعقد جلسات استماع بدأها مع عقيلة صالح الأحد الماضي، وذلك بهدف أن يكوّن فكرةً واضحة عن الوضع، للتوصل إلى حل جذري للأزمة الليبية. وغداة اجتماع في أبو ظبي بين حفتر والسراج رئيس الحكومة المدعومة من الأممالمتحدة، أصدر الفريقان بيانين منفصلين يتعهدان بتهدئة التوترات في جنوب البلاد ومكافحة الإرهاب لكن من دون طرح طريق مشترك إلى اتفاق سياسي لتوحيد البلاد. ولم يذكر بيان السراج الخطط التي تحدثت عنها وسائل إعلام موالية لحفتر لإعادة تشكيل قيادة حكومة الوفاق وإجراء انتخابات جديدة العام المقبل. وقال مصدر قريب من حكومة الوفاق الوطني، إن الجانبين حاولا أولاً الاتفاق على بيان مشترك قبل أن يقررا إصدار بيانين منفصلين. وكانت روايات متضاربة لاتفاقات مبدئية وتسريبات لوثائق لم يوقعها أي من الطرفين أدت في السابق إلى إرباك الوساطة الدولية والمفاوضات الرامية إلى إنهاء الصراع في ليبيا. وذكر بيان مكتب السراج إن الاجتماع مع حفتر جاء «سعياً لتحقيق تسوية سلمية للأزمة الليبية»، ودعا إلى «حوار مجتمعي موسع لترسيخ الثوابت الوطنية وتأصيل فكرة بناء الدولة الديموقراطية المدنية». وشدد البيان على الحاجة إلى «الحفاظ على مبادئ ثورة السابع عشر من فبراير» التي أطاحت بالقذافي، ووضع «إستراتيجية متكاملة لتطوير وبناء الجيش الليبي الموحد والتأكيد على انضواء المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية». ودعا البيان إلى مكافحة الإرهاب وتهدئة الأوضاع في جنوب البلاد و «اتخاذ كل التدابير التي تضمن التداول السلمي للسلطة». وركّز بيان الشرق الذي نقلته وسائل إعلام موالية لحفتر على حماية الجيش، ودعا إلى «ضرورة العمل على معالجة انتشار التشكيلات المسلحة وتنظيم حمل السلاح». وقال أيضاً إن الاجتماع ناقش إجراء تعديلات على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة الأممالمتحدة والذي أدى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني في أواخر عام 2015 من دون إعطاء تفاصيل. يُذكر أن أي خريطة طريق يتفق عليها السراج وحفتر قد تواجه معارضة من الفصائل المسلحة والسياسية على الأرض، مثلما حدث مع اتفاق عام 2015، الذي تم التوصل إليه في منتجع الصخيرات. وتتجمع هذه الفصائل في تحالفات متغيرة ومعقدة في الوقت الذي تناحر المعسكران المتنافسان على السلطة وثروة ليبيا النفطية على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.