أصدر المعسكران الليبيان المتنافسان بيانين منفصلين أمس (الأربعاء)، يتعهدان تهدئة التوترات في جنوب ليبيا ومكافحة الإرهاب من دون طرح طريق مشترك إلى اتفاق سياسي لتوحيد البلاد. جاء البيانان بعد يوم من ضغوط ديبلوماسية مكثفة أدت إلى اجتماع في أبو ظبي بين القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر، ورئيس الحكومة المدعومة من الأممالمتحدة في طرابلس، فائز السراج. ولم يذكر بيان السراج الخطط التي تحدثت عنها وسائل إعلام موالية لحفتر أول من أمس، لإعادة تشكيل قيادة حكومة الوفاق وإجراء انتخابات جديدة العام المقبل. وقال بيان مكتب السراج إن: «الاجتماع مع حفتر جاء سعياً لتحقيق تسوية سلمية للأزمة الليبية»، ودعا إلى «حوار مجتمعي موسع لترسيخ الثوابت الوطنية وتأصيل فكرة بناء الدولة الديموقراطية المدنية». وشدد البيان على ضرورة الحفاظ على مبادئ ثورة ال 17 من شباط (فبراير) 2011 التي أطاحت بالقذافي، إضافة إلى «وضع إستراتيجية متكاملة لتطوير وبناء الجيش الليبي الموحد والتأكيد على انضواء المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية». ودعا إلى «مكافحة الإرهاب وتهدئة الأوضاع في جنوب البلاد، واتخاذ التدابير كافة التي تضمن التداول السلمي للسلطة». وركز بيان نقلته وسائل إعلام موالية لحفتر على «ضرورة العمل على معالجة انتشار التشكيلات المسلحة وتنظيم حمل السلاح وحماية الجيش». وناقش الاجتماع إجراء تعديلات على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة الأممالمتحدة، والذي أدى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني في أواخر العام 2015، من دون إعطاء تفاصيل. ومثلما حدث مع اتفاق 2015، قد تواجه أي خارطة طريق يتفق عليها السراج وحفتر معارضة من الفصائل المسلحة والسياسية. وقال مصدر قريب من حكومة الوفاق الوطني الليبية، إن الجانبين حاولا في بادئ الأمر الاتفاق على بيان مشترك قبل أن يقررا إصدار بيانين منفصلين. وفي السابق أدت روايات متضاربة لاتفاقات مبدئية وتسريبات لوثائق لم يوقعها أي من الطرفين إلى إرباك الوساطة الدولية والمفاوضات الرامية لإنهاء الصراع في ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي. ويسيطر حفتر على فصائل في شرق ليبيا تعرقل الجهود الدولية لإنهاء الصراع الليبي وترفض التعامل مع حكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج، بعدما تشكلت في طرابلس العام الماضي. ويقود حفتر الجيش الوطني الليبي المتمركز في الشرق، ويرى في نفسه قائداً عسكرياً قادراً على إلحاق الهزيمة بالمتطرفين والسيطرة على الفصائل المسلحة في ليبيا. ويخشى معارضوه أنه يسعى لإعادة ترسيخ الحكم الاستبدادي في ليبيا ويقولون إنهم «سيناضلون من أجل الدفاع عن ثورة 2011». وتتجمع هذه الفصائل في تحالفات متغيرة ومعقدة، في وقت يتناحر فيه المعسكران المتنافسان على السلطة وثروة ليبيا النفطية على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.