تترقب الجزائر اليوم، خيار نحو 23 مليون جزائري مسجل في الهيئة الناخبة المعنية بالتصويت في الانتخابات الإشتراعية، بخاصة ما إذا كانوا سيدلون بأصواتهم أم يعتمدون خيار «المقاطعة» أو «العزوف» تعبيراً عن موقف مناهض لهيئة البرلمان ككل. ولا ينصّ القانون على إلغاء النتائج مهما كانت نسبة المشاركة لذلك يبدو فوز حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم و «التجمع الوطني الديموقراطي» متوقعاً بحكم «وفاء» مناضليهم. وتنظم الجزائر اليوم، سادس انتخابات برلمانية في زمن التعددية (دستور 1989) أمام تنافس القوى السياسية التقليدية نفسها في البلاد وتتشكل من التيار الوطني وتيار الديموقراطيين والتيار الإسلامي وبدرجة أقل اليسار والعلمانيين. وبلغ عدد الهيئة الناخبة المعنية بالاقتراع 23 مليون ناخب يختارون من بين 938 قائمة انتخابية 462 نائباً في «المجلس الشعبي الوطني» المقبل، وفق معطيات أوردتها وزارة الداخلية والجماعات المحلية. وسيتوزع هؤلاء الناخبون على 53 ألف مكتب اقتراع و 12 ألف مركز اقتراع عبر الولايات، إضافة إلى 4 مناطق خاصة بالجالية الجزائرية المقيمة في الخارج. وتتمنى الحكومة أن تتخطى نسبة المشاركة حدود ال 50 في المئة، وهي نسبة لا تبدو سهلة المنال أمام معطيات بارزة في الشارع. وبلغت المشاركة في الانتخابات الماضية حدود ال44 في المئة، وفي انتخابات العام 2007 حدود ال35 في المئة، التي عُدّت كأقل مشاركة في تاريخ التعددية. وفاز حزب «جبهة التحرير الوطني» قبل 5 سنوات بغالبية مريحة (221 نائباً من أصل 462) بواقع تصويت لم يتجاوز المليون صوت من أصل 21 مليون ناخب، لذلك يبدو هدف الحكومة من حضّ «الكتلة الصامتة» على المشاركة هو الحفاظ على «إخراج» يتيح صورة «الشعبية الجارفة» لمؤسسات الدولة، بما أن «العزوف» لا يحرم أحزاب الموالاة من الحفاظ على الغالبية. وسجلت الحملة الانتخابية استقطاباً واضحاً بين رجلين نافذين في الحكم، من جهة الحكومة عبدالمالك سلال، ومن جهة أخرى مدير ديوان الرئاسة، الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي أحمد أويحيى. وتحرك سلال في محافظات عدة في عز الحملة الانتخابية بصفته مسؤول الحكومة الأول، وبدت خطاباته رداً على انتقادات كانت تصدر من أويحيى حول خيارات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية. ودفعت هذه القطبية إلى صياغة خطاب متوتر بين الرجلين، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في العام 2019، إذ يشكل أويحيى واجهة لتيار قوي في السلطة، بينما يُعدّ سلال المحسوب على «جبهة التحرير الوطني» شخصية إجماع بين أغلب مراكز القرار. ويخوض الإسلاميون انتخابات اليوم، ضمن تحالفَين «الاتحاد من أجل العدالة والنهضة والبناء» و «تحالف حركة حمس وجبهة التغيير»، ويقول قادة هذين التحالفين إن «التزوير فقط ممكن أن يحول دون حصولهم على الغالبية». وعاد «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية»، الحزب العلماني ذو التوجهات البربرية، إلى المنافس الانتخابية، وقد يشكل تواجده في السباق مشكلة لغريمه «جبهة القوى الإشتراكية» بحكم تجذرهما في شكل كبير في منطقة القبائل. ومن الناحية الأمنية، أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني في وقت سابق أنها سخرت كل الوسائل المادية والبشرية لضمان تغطية أمنية للانتخابات الاشتراعية معلنةً عن تجنيد 44 ألف و500 عنصر أمني بصفة استثنائية لتأمين كل مكاتب ومراكز الاقتراع عبر الوطن.