بعد مرور 11 شهراً على تصويت الناخبين البريطانيين لمصلحة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت)، بدأت تتبلور مؤشرات إلى تصادم حتمي بين الاتحاد وبريطانيا حول فاتورة باهظة ل «طلاقهما». أتى ذلك في ظل تقارير عن سعي الأوروبيين إلى طلب مئة بليون يورو من المملكة المتحدة، «دفعة مقدمة» لتسوية التكاليف المتوجبة على لندن لقاء الانسحاب، وهو رقم سارعت لندن إلى التشكيك فيه. وقال الوزير المكلف ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ديفيد ديفيس أن المملكة المتحدة لن تدفع أكثر مما يستحق عليها قانوناً ووفق حقوقها والتزاماتها، مشيراً إلى أن هذا «لا يعني بالضرورة ما يريده الاتحاد الأوروبي». في الوقت ذاته، شدد ميشال بارنييه المكلف من جانب الاتحاد الأوروبي ملف التفاوض مع بريطانيا على وجوب تسديد الأخيرة حساباتها، نافياً أن تكون التسوية نابعة من رغبة في معاقبة المملكة المتحدة. وأثار تقرير لصحيفة «فايننشال تايمز» الجدل في هذا الشأن الذي سبق أن أثار مخاوف خبراء، إذ أشار التقرير إلى «رفع الاتحاد الأوروبي قيمة الدفعة المطلوب من بريطانيا تسديدها إلى مئة بليون يورو، وذلك لقاء تخليها عن عضويتها» في الاتحاد. وأشار التقرير إلى أن المواقف المتشددة التي تقودها فرنساوألمانيا، دفعت مفاوضي الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة حساباتهم، ورفع قيمة الالتزامات التي يرون أن على بريطانيا تسديدها، ومن ضمنها مدفوعات لدعم الزراعة ورسوم لإدارة الاتحاد لمرحلة ما بعد «بريكزيت» عامي 2019 و2020. وعلى رغم أن فاتورة بريطانيا للسنوات المقبلة أقل حجماً من مبلغ المئة بليون يورو، إلا أن النهج الأوروبي المتشدد معها، رفع في شكل كبير قيمة المستحقات عليها المقدرة بنحو 60 بليون يورو، والتي ذكرها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. ويعكس هذا التشدد تخلي دول الاتحاد، عن مخاوفها الأولية من أخطار سياسية لتكبيد بريطانيا تكاليف باهظة، واتجاه هذه الدول إلى مراكمة المطالب بهدف سد ثغرة مالية في الموازنة المشتركة للكتلة الأوروبية ستنشأ بفعل خروج بريطانيا. ودفعت فرنسا وبولندا في اتجاه تضمين المدفوعات الزراعية البريطانية السنوية في التسوية لمرحلة ما بعد «بريكزيت»، فيما عارضت ألمانيا منح بريطانيا حصة من الأصول العائدة إلى الاتحاد الأوروبي. يأتي ذلك في وقت تختلف التقديرات في شأن قيمة فاتورة «بريكزيت» في ظل افتراضات عدة تتعلق بموعد خروج بريطانيا من الاتحاد، إضافة إلى حصتها في المساهمات، والمرتجعات العائدة إليها ونوع الالتزامات التي يُتوقع أن تحترمها. وتشكّل الفاتورة الضخمة واحدة من أكبر العقبات الأولى أمام خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بسلاسة، لذا رفضت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي رفضاً قاطعاً فكرة فاتورة الخروج خلال عشاء جمعها مع يونكر أخيراً، قائلةً أن أي شروط مالية ستكون مرتبطة بتأمين صفقة تجارية مستقبلية مع أوروبا بحلول عام 2019. وفي مقابلة مع شبكة «بي بي سي»، نفى ديفيد ديفيس علمه بأي أرقام نشرت في وسائل الإعلام في شأن التكاليف التي قد تتحملها بريطانيا لدى مغادرتها الاتحاد الأوروبي. وقال أن بريطانيا «انتهت من دفع مبالغ سنوية ضخمة إلى الاتحاد الأوروبي». وسعى ديفيس إلى مساومة مع الأوروبيين، بقوله أن بريطانيا تعتزم مواصلة منح مواطني دول الاتحاد الأوروبي الموجودين في المملكة المتحدة، حقوقاً مشابهة لتلك التي يتمتعون بها الآن.