أوكرانيا توافق على اقتراح أميركي بوقف فوري لإطلاق النار لمدة 30 يوماً مع روسيا    وزير الإعلام يُكرّم الفريق المنفذ لأول عملية زراعة قلب باستخدام الروبوت في العالم    6 إستراتيجيات أمريكية ضد عصابات المخدرات في المكسيك    السعودية تمنح روسيا وأوكرانيا فرصة جديدة للسلام    رمز الشموخ والعزة    أمير القصيم يزور دار الرعاية الاجتماعية للمسنين في عنيزة    الأولمبية والبارالمبية السعودية تعتمد تشكيل مجالس إدارة 24 اتحاداً ولجنة ومركز التحكيم الرياضي    المملكة تدين قطع الاحتلال الكهرباء في غزة.. وتُرحّب باتفاق الاندماج في سورية    الهلال يتغلّب على بختاكور برباعية ويتأهل لربع النهائي    ثقة عالمية    وزير الدفاع يستقبل وزير الدفاع التركي    السلمي والدباغ يزوران غرفة عمليات أجاويد ٣ بخميس مشيط    الهلال يتخطى عقبة باختاكور في دوري أبطال آسيا للنخبة    محرز يسجل ثنائية في فوز الأهلي على الريان    في يوم العلم السعودي طرق وميادين الطائف تتوشّح باللون الأخضر    وكيل محافظة الطائف يشارك أبناء جمعية اليقظة الخيرية الإفطار الرمضاني    مؤسسة الأميرة العنود تنظم ندوة "الأمير محمد بن فهد – المآثر والإرث" برعاية و حضور الأمير تركي بن محمد بن فهد    إفطار جماعي ومد لجسور التواصل    بلدية محافظة الشماسية تحتفي بيوم العلم السعودي    جامعة أم القرى تنظم مأدبة إفطار رمضانية للطلاب الدوليين بالتزامن مع يوم العلم    شارع الأعشى والسير على خطى محفوظ    بناء الجسور بين المذاهب من الحوار إلى التطبيق    %338 نموا بمشتركي الصناديق الاستثمارية    الفعاليات الرمضانية تشعل التنافس بين حواري بيش    العالمي أغرق الاستقلال بالضغط العالي    «كفو».. خارطة طريق لتسويق الأفلام الدرامية    انطلاق المنتدى الثقافي بأدبي حائل    صِدّ عنه وكأنك ماشفته!!    انطلاق دورة المرحوم "شايع جلادي" الرمضانية لكرة الطائرة في المدرك    2100 طالب في خدمة المحسن الصغير    نهاية دوام الأربعاء إجازة العيد بالمدارس    مدير عام حرس الحدود يتفقد القطاعات والوحدات البرية والبحرية بمنطقة جازان    7 أهداف تدخل العميد دوامة العثرات    النواخذة لقلب الطاولة أمام دهوك    وجبات للإفطار بمسجد القبلتين بإشراف هيئة تطوير    مجلس التعاون يرحب باستضافة المملكة للمحادثات الأميركية الأوكرانية    سعود بن نايف: مجتمعنا يتميز بالتكاتف والتعاضد    تطوير المساجد    أمير القصيم يشارك أبطال الصحة طعام الإفطار    الغياب الجماعي.. ظاهرة مُقلقة!    نائب أمير الرياض يطّلع على جهود وأعمال "الأمر بالمعروف"    شوارع وميادين مناطق المملكة تتزين بالأعلام احتفاء بيوم العلم    «صم بصحة» واحصل على جودة حياة    بلدية محافظة الشماسية تحتفي بيوم العلم السعودي    العلم السعودي .. راية التوحيد.. رمز العز والفخر    أمير تبوك يستقبل رئيس مجلس بلدية معان بالمملكة الأردنية الهاشمية    قطاع ومستشفى سراة عبيدة يُفعّل حملة "صُم بصحة" وحملة "جود"    غرفة المدينة تنظم منتدى"المستقبل المستدام للحرمين الشريفين"    "الحواسي" يستعرض مع قيادات تجمع القصيم الصحي فرص التحسين والتطوير    نمو اقتصاد اليابان بمعدل 6ر0% خلال الربع الأخير    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين قرارَ حكومة الاحتلال الإسرائيلي قطع الكهرباء عن غزة    المملكة تُرحّب باتفاق اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية السورية    مواصفات العلم السعودي عبر التاريخ    فخامة رئيس جمهورية أوكرانيا يغادر جدة    لتكن خيرًا لأهلك كما أوصى نبي الرحمة    "البصيلي": يلقي درسًا علميًا في رحاب المسجد الحرام    250 مظلة متحركة بساحات المسجد النبوي    المكملات الغذائية تصطدم بالمخاطر الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جزائريون يقاسون رعب «القلم المرفوع»
نشر في الحياة يوم 04 - 05 - 2017

قلة من نزلاء مصحات الأمراض العقلية في الجزائر يمكثون فيها فترة طويلة، ولسبب أو آخر، يُرغمون على التحوّل إلى شركاء للأصحاء في الشارع، في القطار والحديقة والسوق والساحات العمومية، مشكلين خطورة على سلامة الناس نظراً إلى مزاجهم السيئ. ولم تتمكّن الأجهزة المختصة من احتواء تهديدات عمن «رفع القلم عنهم» أى لا يساءَلون.
كثر هم الجزائريون الذين حوّلهم مختلون عقلياً إلى جثة هامدة بعدما وضعوا حداً لحياتهم بمختلف الطرق والأساليب، أو آخرون كانوا ضحايا اعتداء بآلات حادة سببت لهم عاهات دائمة، فضلاً عن التعنيف اللفظي والكلام النابي الذي لن يُخضع الجاني للعقاب بحكم أن «القلم مرفوع عنه» والقانون لا يعاقب من ثبت منهم ارتكابه جريمة مهما كانت خطورتها، بعدما أضحت الظاهرة جد مقلقة في المجتمع الجزائري من دون أن تجد من السلطات المختصة تدخلاً للاهتمام بفئة تمثل 5 في المئة من سكان البلاد وفق الإحصاءات الرسمية.
المتهم «جنون»
وتعج المحاكم بمئات القضايا لمتهمين من نوع خاص. فأخيراً، حاول مجنون قتل جاره إذ انهال على رأسه بمطرقة معتقداً أنه يرمقه بنظرات لا تعجبه، ف «تسلّح» بمطرقة وتعقبه لحظة خروجه من مسكنه واستفرد به في نفق، ولحسن الحظ نجا الضحية من الموت بأعجوبة.
وقد مثل المتهم أمام محكمة جنايات العاصمة الجزائر. وأوضح محاميه أن تصرفات موكله مردها إلى خلافات سابقة بين الطرفين بسبب اعتداء المتهم على ابن الضحية بالضرب عام 2012، وبعدها أصبح يخيل له أن الضحية ينظر إليه باستفزاز كلما التقاه، ما أدّى به إلى الاعتداء عليه بمطرقة، مشيراً إلى أن موكله يعاني من مرض «الفصام»، وطالب المحكمة بإرساله إلى مصحة عقلية بدل سجنه في المؤسسة العقابية التي يقبع بها منذ سنتين. وبعدما أظهرت فحوصات أن المتهم مصاب بالجنون، حوّلته المحكمة بعد المداولات إلى مصحة عقلية.
شاب آخر قتل على يدي مجنون طرحت قضيته أمام محكمة جنايات العاصمة، فقد ترصّده الجاني وطعنه في بطنه فأرداه قتيلاً. وجهّت إلى الجاني تهمة القتل عمداً مع سبق الإصرار والترصد، لكن ملف القضية أثبت إصابته باضطرابات عقلية، وكان يعالج في مستشفى دريد حسين للأمراض العقلية والعصبية. وغادره بناء على قرار من الطبيب المشرف شرط تناول الدواء بانتظام، لكنه لم يلتزم بذلك ما تسبب بإصابته بنوبات عصبية كان يعتدي خلالها على المارة من دون سبب. لكن خلفيات تعذّر تناول أدويته بانتظام سببها الوضع الاجتماعي الصعب لعائلته.
عموماً، يقر اختصاصيون بتفاقم الظاهرة خاصة في الصيف وخلال شهر رمضان في ظل غياب ضوابط واضحة لتفادي عواقب الاعتداءات من طرف هؤلاء المرضى عصبياً وعقلياً. في حين أظهرت آخر معطيات الصحة العقلية أن 30 في المئة من الأشخاص الذين لا مأوى لهم في الجزائر والذين ضاقت بهم شوارع العاصمة، مصابون بأمراض عقلية. لكن للظاهرة خلفيات وفق الهيئة الجزائرية لترقية الصحة وتطوير البحث، إذ إن البلد يعاني نقصاً فادحاً في الاختصاصيين في الأمراض العقلية من أطباء وممرضين، ما يدفع بالمستشفيات إلى رفض حالات خطيرة كثيرة مهدت لانتشار غير لا سابق له لتشرّد «مجانين» في الشوارع، وباتوا يشكلون تهديداً حقيقياً على سلامة المواطنين.
وتحصي الهيئة معاناة ثلث الجزائريين من ضغوط نفسية تتحوّل إلى اضطرابات عقلية بسبب انعدام ثقافة زيارة الطبيب النفسي، فالأمراض النفسية إذا لم تعالج تتحول إلى أمراض عقلية يستعصي على الاختصاصيين علاجها. ويوضح البروفسور تجيزة، رئيس قسم الأمراض العقلية في مستشفى دريد حسين، أن المؤسسة تسجل أكثر 20 ألف معاينة طبية سنوياً، ولا تستوعب إلا ألفي حالة فقط. والأمر ذاته تشهده المستشفيات والمراكز الأخرى في مختلف المناطق والتي ضاقت بمرضاها، خصوصاً أن هذه الفئة من المرضى تشكّل 5 في المئة من السكان أي ما يتجاوز 1,5 مليون مريض.
تساهل وجهل
ولا يخفي الطبيب جمال ملولي في مستشفى للإمراض العقلية في الجزائر العاصمة، إقدام المصحات على تقليص مدة استشفاء المرضى السابقين مع متابعتهم في وحدة العلاج الخارجي، إفساحاً في المجال لاستشفاء مرضى آخرين، علماً أن نصفهم يتبع نظاماً علاجياً دقيقاً مرتبطاً بوقت محدد لما له من تأثير هرموني وفيزيولوجي لا يمكن التلاعب به. وهي مسألة تتغاضى عنها أو تتساهل معها عائلات المصابين بأمراض عصبية أو عقلية، ويكون كثر من أفراد عرضة لاعتداءات من طرف أبنائهم المصابين، أدّت إلى مقتل بعضهم.
وساعد جهل عائلات مصابين تفضّل اللجوء إلى الرقاة بدل اختصاصيين في الأمراض العقلية، على التسبب في كوارث مميتة، إذ يصل إلى المستشفيات مرضى تعقّدت حالتهم بعدما أمرهم رقاة بالتوقف عن تناول الدواء. كما تؤدّي الرقية في حالات إلى وفاة مرضى. ويشدد خبراء على الاستعانة دائماً باختصاصيين كلما شعر الشخص المعني بضغط أو تعب أو حتى اكتئاب أو قلق، لأن التشخيص المبكر إلى العلاج السريع. وتتضاعف المأساة وسط تقاذف المسؤولية بين تراخي مسؤولي المستشفيات ومديرية النشاط الاجتماعي حول التكفّل بمصابين وانتشالهم من الشارع للعلاج. ولإنهاء الجدل تحتاج الجزائر إلى فتح مراكز خاصة بالطب العقلي على مستوى كل ولاية أي 48 مركزاً. فيما يقترح علماء الاجتماع استحداث «نقاط زرقاء» للصحة تمكّن الشباب والمراهقين الذين يعانون من البطالة والمشكلات الأسرية من الاتصال باختصاصيين نفسيين، ما يجنبهم الوقوع في فرائس الجنون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.