في قرار يكشف مدى حجم الفساد وإهدار المال العام الذي تمارسه ميليشيات الحوثي في اليمن، أمر رئيس ما يسمّى «المجلس السياسي الأعلى» صالح الصمّاد، رئيس «حكومة الإنقاذ الوطني» (غير المعترف بها دولياً) عبد العزيز بن حبتور، بإعفاء 7 آلاف سيّارة ل «اللجان الشعبية»، التابعة للحوثيين، من الرسوم الجمركية. وطلب الصمّاد في الرسالة التي اطّلعت عليها «الحياة» من بن حبتور في الأول من نيسان (أبريل) الماضي التوجيه إلى وزارة المال في حكومة الانقلاب بتنفيذ اقتراح وزارة الداخلية واستكمال إجراءات إعفاء هذا العدد الضخّم من السيّارات «كي يتسنّى ترقيمها وعدم تعرّضها للأخطار أو التوقيف من حملات المرور»، إذ أمرت وزارة المال بدورها مصلحة الجمارك ب «تنفيذ التوجيهات». وقام مسلّحو «اللجان الشعبية والثورية»، الذين يسيطرون على المنشآت والمؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية ونقاط التفتيش والحواجز في صنعاء ومحافظات، بالاستيلاء على آلاف السيّارات من دار الرئاسة والقصور الجمهورية ومقرّ الحكومة والوزارات والمؤسّسات والمعسكرات ومنازل المعارضين لهم التي اقتحموها أثناء سيطرتهم على صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) 2014، فضلاً عن آلاف السيّارات التي أدخلوها إلى اليمن في شكل غير قانوني عبر المنافذ البريّة. وطلب وزير داخلية الانقلاب محمد عبدالله القوسي من وزير المال صالح شعبان في 12 نيسان الماضي «اتّخاذ الإجراءات اللازمة والتوجيه لمصلحة الجمارك بمنح سيّارات اللجان الشعبية وعددها سبعة آلاف سيّارة الإعفاءات الجمركية اللازمة». واقترح القوسي «منح السيّارات التابعة للجان الشعبية إعفاءات جمركية تقديراً لدورها، وحتى لا تتعرّض سيّاراتهم للحجز أو التوقيف أثناء تنفيذ خطة الوزارة لحملة التوعية والضبط»، مشيراً إلى مذكّرة بن حبتور الموجّهة له في هذا الشأن في 11 نيسان. وأعلنت مصلحة الجمارك الخاضعة لسلطة الحوثيين أنها حقّقت خلال فترة الخفض الجمركي لترسيم السيّارات، إيرادات فعلية من رسوم جمركية وضريبية وعائدات أخرى بلغت 12.8 بليون ريال (51.2 مليون دولار) من 34023 سيّارة. وأظهر قرار بتعيين شاب لم يتخطّ العشرين من عمره مستشاراً في رئاسة الجمهورية، مدى العبث الذي طاول الوظيفة العامة من قبل الحوثيين، في ظل الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتراجع الموارد المالية للدولة وأزمة السيولة النقدية. وعلى رغم توظيف الحوثيين عشرات الآلاف من أنصارهم في وظائف مدنية وأمنية وعسكرية، مخالفين شروط الوظيفة العامة والقوانين واللوائح المنظّمة، إلا أن قرار تعيين هاشم أحمد علي الحيفي (مواليد عام 1997)، مستشاراً في رئاسة الجمهورية استفزّ اليمنيين إلى حد بعيد، وأثار موجة غضب عارمة ونقد على مواقع التواصل الاجتماعي. وأصدر وزير الخدمة المدنية في حكومة الانقلاب طلال عقلان قراراً في 5 نيسان الماضي بتعيين الحيفي مستشاراً في مكتب رئاسة الجمهورية بدرجة مدير عام في المستوى الأوّل وبراتب شهري بلغ 77585 ريالاً (310 دولارات)، استناداً إلى مذكّرة مكتب رئاسة الجمهورية في 21 آذار (مارس) وقرار مدير مكتبها عبد القادر الجنيد. ولاحتواء صدمة اليمنيين من هذا القرار غير المسبوق بتعيين «فتىً» مستشاراً برئاسة الجمهورية، سارع الجنيد إلى إصدار قرار جديد في 23 نيسان يلغي قرار التعيين. وأعلن مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية في بيان أن «ما يدور من لغط في مواقع التواصل الاجتماعي في شأن قرار تم صدوره أخيراً، كان مجرّد خطأ إداري جرى تداركه بإلغاء القرار المشار إليه بعدما تبيّنت مخالفته للقانون والأنظمة واللوائح المرعيّة».