تصاعدت دعوات الدول المنتجة للنفط والطاقة أخيراً بضرورة الاستفادة من تراجع أسعار النفط عالمياً من خلال توجيه مزيد من الاستثمارات نحو الدول المستهلكة، للاستفادة من اقتصاداتها عبر الدخول في مشاريع استثمارية جديدة ذات عائدات مجدية، مثل الاستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة وغيرها من القطاعات الحيوية، بمستويات متوسطة وطويلة الأجل. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «نفط الهلال» إلى أن «هذا التوجه سيؤدي إلى نتائج إيجابية في اقتصادات منتجي النفط، وسيرفع العائدات التي تساعدها على الاستمرار بمستويات التقدم ذاتها في المستقبل». ولفت إلى أن «أسعار وتحركات أسواق النفط أثبتت أن ليس من السهل التحكم بأداء أسواق النفط والطاقة العالمية، نتيجة وجود حزمة من المؤثرات الضاغطة عليها من مصادر متعددة معروفة وغير معروفة، إضافة إلى عدم قدرة المنتجين على التحكم بمسارات الأسعار التي جاءت دون التوقعات، فضلاً عن بقاء اقتصاديات الدول المستهلكة ضمن مسارات ثابتة، وفي منطقة العجز، وتزايد أعباء المديونيات الخارجية التي تضاعفت خلال فترة تجاوز أسعار النفط حاجز 100 دولار للبرميل الواحد، ما عكس مؤشرات سلبية عن جاذبية تلك الأسواق، وجعلها تتبنى استثمارات متوسطة وطويلة الأجل في الفترة التي بدأت بها الدول المنتجة للنفط مواجهة تحديات مماثلة تتعلق بتسجيل عجوزات في موازناتها تتطلب وقت طويل لتجاوز تبعاتها والتحديات التي أحاطت بها». وأضاف التقرير أن «الدول المنتجة للنفط أصبحت أقل استعداداً ورغبة في الإنفاق على المشاريع التي تتطلب مزيداً من البحث، وتحتاج إلى تقيم مردودها وجدواها الاقتصادي، إضافة إلى أنها باتت تتجه نحو سد الفجوات الناتجة عن التحديات المحيطة بعائداتها النقدية، وتبحث عن المشاريع ذات التدفقات النقدية السريعة وقصيرة الأجل التي تؤمنها الاستثمارات الخاصة بتصدير النفط والغاز عن طريق اقتراح استثمارات تتمتع باسترداد رؤوس الأموال خلال فترة معينة محددة الزمن». وأشار إلى أن «استثمارات الدول المنتجة للنفط التي تجني العائدات من دون ضمان استمرارية تدفقها عند الحدود المستهدفة، قد تتعرض للتقلبات السوقية والتحديات المالية والاقتصادية، إذ اتجهت الدول النفطية نحو رفع قيم الاستثمارات وحولتها إلى اقتصادات الدول الأكثر تقدماً، إضافة إلى أنها ركزت في استثماراتها على القطاعات الحيوية والأكثر قابلية للتسييل من دون تحمل أخطار غير متوقعة». وأكد التقرير أن «كثيراً من الدول النفطية نجحت في جذب مزيد من الاستثمارات الخارجية إلى قطاعاتها الرئيسة، خصوصاً القطاعين العقاري والصناعي، فيما تبذل حكومات الدول مزيداً من الجهود لضبط الإنفاق الحكومي وترشيد الاستهلاك، وإعادة هيكلة الأولويات الاستثمارية وفقاً لمعايير الجدوى والعائدات المتوقعة وتدفقاتها». وختم بأن «اقتصادات الدول المنتجة للنفط شهدت العديد من القرارات التي تفرض مزيداً من الضرائب على المستوردات وفق معايير مدروسة، فيما عملت دول المنطقة الخليجية على رفع استثماراتها الاقتصادية لتوفير مزيد من فرص الاستثمار التي تتناسب وخطط الدول والأفراد على حد سواء، والتي يتوقع أن تتواصل وبغض النظر عن مسارات أسواق النفط والأسعار السائدة والمتداولة». واستعرض التقرير أبرز الأحداث في قطاع النفط والغاز خلال الأسبوع في الخليج، ففي السعودية أعلنت مصادر في قطاع النفط أن شركة الهندسة والإنشاءات الكندية «أس أن سي لافالين» فازت بعقد من «أرامكو السعودية» لتولي الأعمال الهندسية الأولية والتصميم لتوسيع محطة فصل الغاز عن النفط في حقل البري. وكانت مصادر أعلنت في شباط (فبراير) الماضي أن أرامكو ستزيد تدريجاً طاقة إنتاج النفط الخام من حقل البري بمقدار 250 ألف برميل يومياً، ربما عبر بناء جزر حفر صناعية في الخليج. ودعت «أرامكو» الشركات إلى التقدم بعروضها للمخططات الهندسية الأولية وأعمال تصميم المشروع الذي يقدر أحد المصادر كلفته بستة بلايين دولار، كما أن كلفة توسعة محطة الغاز تبلغ نحو 1.7 بليون دولار. وأعلنت مصادر أن الصين تعكف على تشكيل كونسورتيوم يضم شركات نفط عملاقة ومصارف مملوكة للحكومة وصندوق الثروة السيادي للبلاد، سيكون مستثمراً رئيساً في الطرح العام الأولي ل»أرامكو السعودية». ومن المقرر إدراج «أرامكو السعودية»، وهي مُصدّر رئيس إلى الصين إلى جانب «روسنفت» الروسية، العام المقبل عبر بيع حصة قد تبلغ قيمتها 100 بليون دولار، يُتوقع أن يكون الأكبر في العالم حتى الآن. وفي العراق، أعلنت شركة «نفط ميسان» أن العراق بدأ المرحلة الثالثة والأخيرة من توسيع حقل الحلفاية النفطي، جنوب البلاد، بهدف مضاعفة طاقته الإنتاجية عام 2018 إلى 400 ألف برميل يومياً. وستعمل الشركة على تركيب منشآت إضافية لفصل النفط الخام عن الغاز الطبيعي في إطار توسيع الحقل، الذي تديره «بتروتشاينا» الصينية، وينتج 200 ألف برميل يومياً من إجمالي إنتاج الشركة الذي يصل إلى 380 ألف برميل يومياً.