استقبل الرئيس المصري حسني مبارك أمس في مقر رئاسة الجمهورية بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا شنودة الثالث، منهياً توتراً اكتنف العلاقة بين الدولة والكنيسة في الآونة الأخيرة بسبب غضب البابا من تعامل الدولة مع ملفات قبطية ما دعاه إلى الاعتكاف في دير وادي النطرون قبل أن ينهي اعتكافه لحضور الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) والشورى (الغرفة الثانية). والاعتكاف إجراء يقدم عليه البابا تعبيراً عن الغضب وعدم الرضا، إذ لا يغادر مقره في وادي النطرون ويلغي عظته الأسبوعية في مقر الكاتدرائية في القاهرة. وذكرت مصادر قريبة من الكنيسة أن البابا شنودة ظل غاضباً من تعامل السلطات مع تظاهرات الأقباط في منطقة العمرانية (في محافظة الجيزةجنوبالقاهرة) وهي الأحداث التي خلّفت قتيلين من الأقباط، فضلاً عن توقيف 154 قبطياً إثر قمع سلطات الأمن احتجاجات عنيفة للأقباط على وقف تحويل مبنى خدمي إلى كنيسة بسبب مخالفة شروط الترخيص. وقال البابا شنودة بعد هذه الأحداث إن «دم الأقباط ليس رخيصاً» ونفى اعتذار أسقف الجيزة لقيادات المحافظة على ما بدر من الأقباط من تصرفات أثناء احتجاجهم. وطلب بابا الأقباط إطلاق المحبوسين، وهو الطلب الذي استجاب له نسبياً النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، إذ أطلق 112 قبطياً على دفعات، فيما أبقى على حبس 42 منهم. من ناحية أخرى، أشارت مصادر إلى أن البابا شنودة لم يرق له اختيار القبطي جمال أسعد ضمن العشرة المعيّنين بقرار من رئيس الجمهورية في مجلس الشعب، إذ أن أسعد معروف عنه انتقاده الدائم للكنيسة والبابا ما سبب صدمة في الأوساط القبطية القريبة من الكنيسة وأعطى دفعة للتيار القبطي العلماني. وكانت وساطة القيادي في الحزب الحاكم عضو مجلس الشورى الدكتور مصطفى الفقي الذي زار البابا في دير وادي النطرون أثمرت إنهاء البابا اعتكافه، لكن مصادر كنسية لمحت إلى إمكان إلغاء البابا الاحتفالات بعيد الميلاد هذا العام والعودة إلى الاعتكاف مرة أخرى في وادي النطرون تعبيراً عن الاحتجاج على أحداث العمرانية. وكرر الرئيس مبارك في أكثر من خطاب تأكيده على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية بين عنصري الأمة ولمح في خطابه الأخير في الجلسة المشتركة لغرفتي البرلمان إلى أن هناك تدخلات خارجية لإيقاع فتنة في مصر من أجل الضغط على القاهرة في ملفات أخرى. وقالت مصادر كنسية إن «الرئيس مبارك ملاذ لكل المصريين في حال شعورهم بالغبن»، موضحة أن الرئيس أكد للبابا شنودة حرصه على الوحدة الوطنية في إطار تفعيل مبدأ المواطنة والمساواة بين المصريين بعيداً من التمييز بينهم على أي أساس ديني. وشدد على ضرورة تطبيق القانون على أي مصري بغض النظر عن أي انتماء ديني أو سياسي. وأضافت المصادر أن البابا عرض على رئيس الجمهورية بعض مطالب الأقباط ومنها الحاجة إلى إقرار قانون دور العبادة الموحد لوضع حد للخلافات التي تنشب بين حين وآخر بخصوص بناء الكنائس، كما أكد للرئيس مبارك تمسك الأقباط بمصريتهم واحترامهم المؤسسات الشرعية والقانون. على صعيد آخر، جدد حزب «الوفد» المعارض تأكيداته السابقة بعدم وجود نواب يمثلونه في البرلمان المصري، وقام الدكتور أحمد فتحي سرور بتلاوة رسالة رئيس حزب «الوفد» بتجميد النواب الوفديين الفائزين في الانتخابات البرلمانية وعددهم سبعة نواب، بينما مثّل المعارضة في البرلمان رأفت سيف ممثل حزب التجمع الوحدوي الديموقراطي. وانتهز نائب «الوفد» (السابق) حمادة منصور الفرصة وشن هجوماً حاداً على رئيس الحزب الدكتور السيد البدوي ورفض رسالته إلى البرلمان بتجميد عضويته، مؤكداً أنه ترشح كمستقل عن دائرة كرموز في الإسكندرية بعد رفضه الترشح تحت قائمة «الوفد». وقال: «لقد فزت في الانتخابات كمستقل، وجاء اليوم (رئيس «الوفد») يعلن تجميد عضويتي على رغم أنني مستقل»، ودعاه إلى الاستقالة من رئاسة الحزب لفشله في إدارة العملية الانتخابية. في غضون ذلك، سيطر الحزب الوطني الديموقراطي (الحاكم) على اللجان داخل مجلس الشعب؛ إذ احتفظ كل من أمين التنظيم في الحزب المهندس أحمد عز برئاسة لجنة الخطة والموازنة، والدكتورة آمال عثمان برئاسة اللجنة الدستورية والتشريعية، ومحمد أبو العينين برئاسة لجنة الصناعة والطاقة، وسعد الجمال برئاسة لجنة الشؤون العربية، وحسين مجاور برئاسة لجنة القوى العاملة. وفاز ماهر والي برئاسة لجنة الزراعة والري بدلاً من عبدالرحيم الغول، والدكتور أحمد سامح فريد برئاسة لجنة التعليم بدلاً من الدكتور شريف عمر الذي خسر المقعد النيابي، والسيد الشريف برئاسة اللجنة الدينية بدلاً من الدكتور أحمد عمر هاشم الذي لم يعين ضمن القرار الجمهوري، والدكتور أمين مبارك برئاسة لجنة الثقافة والسياحة والإعلام بدلاً من اللواء أحمد أبو طالب الذي خسر مقعده النيابي، والدكتورة مديحة خطاب برئاسة لجنة الصحة والبيئة والسكان بدلاً من الدكتور حمدي السيد الذي فقد مقعده النيابي، والمستشار انتصار نسيم برئاسة لجنة حقوق الإنسان بدلاً من المستشار إدوارد غالي الذي أعيد تعيينه، والمهندس هاني أبو ريدة برئاسة لجنة الشباب بدلاً من سيد جوهر الذي خسر مقعده النيابي. وفاز سامح محمد حسن برئاسة لجنة الإدارة المحلية بدلاً من اللواء ماهر الدربي الذي خسر العضوية النيابية، والدكتور محمود أبو زيد برئاسة لجنة الإسكان بدلاً من المهندس طارق طلعت مصطفى الذي انتخب لرئاسة لجنة النقل بدلاً من حمدي الطحان الذي رفض ترشيح نفسه للبرلمان، وهمام العادلي برئاسة لجنة الاقتراحات والشكاوى بدلاً من المستشار محمد جويلي الذي لم يترشح في الانتخابات، والدكتور سمير رضوان برئاسة لجنة الشؤون الاقتصادية بدلاً من الدكتور مصطفى السعيد الذي خسر مقعده النيابي، والسفير رؤوف سعد للجنة العلاقات الخارجية بدلاً من الدكتور مصطفى الفقي الذي عين في مجلس الشورى، واللواء أمين راضي للجنة الدفاع بدلاً من الفريق فاروق عبدالله. من جهة اخرى، أرجأت محكمة جنايات القاهرة، أمس، محاكمة جمال حسين أحمد (49 عاماً) المتهم بارتكاب حادث إلقاء مواد مشتعلة ومتفجرة (مولوتوف) من شرفة فندق مواجه للمعبد اليهودي في شارع عدلي بوسط القاهرة في شباط (فبراير) الماضي. وقررت المحكمة عقد الجلسة المقبلة في 15 كانون الثاني (يناير) المقبل للاستماع إلى المرافعات الختامية في القضية، ابتداء بمرافعة النيابة العامة (الادعاء العام) على أن تليها مرافعة الدفاع عن المتهم. وكشف تقرير المجلس القومي للصحة النفسية (مستشفى الأمراض العقلية والنفسية) أن المتهم لا توجد لديه أعراض دالة على وجود اضطراب نفسي أو عقلي في الوقت الحالي أو في وقت ارتكابه للجريمة، مؤكداً أنه قادر على الإدراك والتمييز والإرادة والحكم على الأمور، الأمر الذي من شأنه أن يجعله مسؤولاً عن الاتهام المسند إليه. وكان المتهم سبق أن أُودع مستشفى الأمراض النفسية والعصبية لمدة 3 أشهر تقريباً، بعد أن دفع منتصر الزيات المحامي عنه بعدم مسؤوليته عن أفعاله، مشيراً إلى أن موكله يعاني من اضطرابات نفسية عدة دفعته إلى ارتكاب ما هو منسوب إليه من اتهامات.