أعلنت حركة «فتح» و «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أمس توصلهما إلى اتفاق حول عدد من القضايا السياسية والعلاقات الفلسطينية الداخلية وعلاقتهما الثنائية، أهمها التزامهما بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني. وجاء الإعلان في اختتام اجتماعات عقدها قياديون رفيعو المستوى من «فتح» و «الشعبية» في القاهرة في أعقاب توتر طرأ على العلاقة بينهما، إثر اتخاذ الأخيرة قراراً قبل ثلاثة أشهر يقضي بتعليق مشاركة ممثلها في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير نائب الأمين العام ل «الشعبية» عبدالرحيم ملوح في اجتماعات اللجنة التنفيذية. وكانت «الشعبية» علقت قبل ثلاثة أشهر مشاركة ملوح في اجتماعات اللجنة التنفيذية احتجاجاً على استئناف المفاوضات مع إسرائيل، وآلية اتخاذ القرار في المنظمة وعدم تطوير مؤسساتها وتفعيلها، ما أثار غضب الرئيس محمود عباس الذي أمر بوقف صرف مخصصاتها المالية من المنظمة. ورداً على سؤال ل «الحياة» إن كان هذا الاتفاق سيفتح الباب أمام عودة ملوح للمشاركة في اجتماعات اللجنة التنفيذية، قال عضو اللجنة المركزية في «الشعبية» جميل مزهر ل «الحياة» إن «الأمر منوط باللجنة المركزية للجبهة التي اتخذت قرار التعليق، وهي وحدها المخولة بالتراجع عنه أو استمرار العمل فيه». وأوضح مزهر أن «وفدين قياديين من فتح والجبهة اتفقا على التمسك بالبرنامج الوطني الفلسطيني وإعلان الاستقلال، الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988، ويؤكد حق الشعب الفلسطيني في النضال والمقاومة بكل الأشكال المتاحة، من أجل إنهاء الاحتلال، وممارسة حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على جميع الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى وطنهم وفقاً لقرار الأممالمتحدة الرقم 194». وأضاف مزهر أن الوفدين «اتفقا على عدم قبول أية محاولات لاستئناف المفاوضات بأي شكل من الأشكال، من دون الوقف الشامل لأعمال الاستيطان الاستعماري الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس، وعدم شرعية كل ما بناه الاحتلال من مستعمرات، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية». وأوضح أن الطرفين اتفقا أيضاً على «طرح قضايا كل الصراع أمام المحافل الدولية، بما فيها مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة»، ودعوة المجتمع الدولي إلى «تحمل المسؤولية لمواجهة المخاطر المترتبة على عدم انصياع إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالصراع الفلسطيني والعربي - الإسرائيلي، خصوصاً في ظل الانحياز الأميركي للموقف الإسرائيلي، وإدانة هذا الانحياز». وأضاف مزهر إلى أن الوفدين أكدا «ضرورة الإسراع في اتخاذ الخطوات العملية من أجل تفعيل إعلان القاهرة عام 2005، الذي أكد على تفعيل وتطوير وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وفي مقدمها آلية العمل في اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي وتعزيز المشاركة الفاعلة بهما والالتزام بقراراتهما»، فضلاً عن «بذل كل القوى والفصائل الفلسطينية جهودها من أجل إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بالانتخاب وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي حيثما أمكن ذلك». ولفت مزهر إلى أن الاجتماعات التي عقدت بين الفصيلين الأكبر في منظمة التحرير في مقر سفارة فلسطين في العاصمة المصرية الاثنين والثلثاء الماضيين «اتسمت بالمسؤولية العالية» وأن الوفدين شددا على «ضرورة العمل على الإسراع في إنهاء حال الانقسام في الساحة الفلسطينية من أجل تسهيل أوسع مشاركة في منظمة التحرير الفلسطينية من كل القوى والفاعليات الفلسطينية، باعتبار ذلك ضرورة أساسية من أجل تعزيز القدرة الفلسطينية على مواجهة المخاطر». وتابع أن الوفدين أكدا التزامهما الكامل «منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والتمسك بوثيقة الوفاق الوطني الموقعة من قبل كل القوى الوطنية والإسلامية عام 2006، والعمل على ضرورة إنجاز التفاهمات الفلسطينية والتوقيع على ورقة المصالحة المصرية حتى تنطلق مسيرة استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام». وأضاف أن وفدي «فتح والشعبية عبرا عن اعتزازهما بعلاقاتهما التاريخية المميزة على امتداد الثورة الفلسطينية (...) التي كانت باستمرار تشكل صمام الأمان للمحافظة على الوحدة الوطنية في إطار المنظمة»، علاوة على «تفعيل تلك العلاقات وعلى مختلف المستويات باعتبار ذلك يساهم في تعزيز وحدة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتعميق الوحدة الوطنية». واتفق الجانبان على استمرار التواصل والتشاور بينهما ومع القوى والفصائل كافة في الساحة الفلسطينية للعمل معاً وباستمرار على معالجة أية شوائب أو عراقيل أو خلافات في الاجتهاد، بما يساعد في تطوير العمل الوطني الفلسطيني وقدرته على تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني. وزاد أنهما «عبرا عن تقديرهما للدور المصري في العمل على تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية والتسهيلات التي قدمتها الجهات المصرية المعنية بإنجاح اللقاء». وذكر تيسير قبعة، نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني والقيادي البارز في «الجبهة الشعبية» وعضو وفدها للحوار مع حركة «فتح»، أن «هذا الحوار يندرج ضمن محاولات ترتيب البيت الداخلي، ومواجهة التحديات الصعبة التي تواجه شعبنا». ووصف الحوار مع «فتح» بأنه «أساسي ومهم، وبداية لورشة عمل حوارية ستتسع لتضم كل الفصائل الفلسطينية» مضيفاً انه «من الضروري أن يستمر الحوار مع حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، وتحديداً في هذه المرحلة الصعبة التي يواجهها شعبنا». وأشار إلى أن «الوضع الفلسطيني حساس في ظل عدم التزام إسرائيل بوقف الاستيطان، وتعثر المفاوضات، والدعم الأميركي اللامحدود، والانحياز الصارخ لإسرائيل، ما يتطلب التنسيق بين مختلف القوى الفلسطينية». وأضاف «علينا، نحن أبناء فلسطين، أن نبحث عن القواسم المشتركة وعناصر الوحدة ونعززها، لمواجهة المخاطر التي تحيط بقضيتنا». وذكر قبعة أن «الحوار ليس له ارتباط مباشر بتعليق الجبهة حضورها اجتماعات اللجنة التنفيذية» موضحاً أن «تعليق المشاركة كانت بمثابة صرخة: إلى أين نحن ذاهبون؟ وأدت مهمتها. والدليل أننا نلتقي مع الأشقاء في فتح بهذا الحوار». وتابع «من المهم أن نسعى جدياً إلى تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وهيكلتها، وتنشيط أجهزتها المختلفة، ووضع ضوابط للعمل، واحتواء الانشقاق والانفصال الناجم عن انقلاب حركة حماس في غزة، حتى نواجه المخاطر التي تواجه كل أبناء شعبنا».