زار رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أمس، مدينة أوديسا جنوب البلاد، معتبراً أن المجزرة التي شهدتها الجمعة الماضي وأوقعت اكثر من 40 قتيلاً من مؤيدي روسيا، هي «مأساة» لكل أوكرانيا. وأعلن فتح تحقيق في شأن «تقصير» الشرطة، لكنه اتهم موسكو بتدبير الحادث، في إطار «خطة لتدمير أوكرانيا». وأطلقت الشرطة في أوديسا 67 انفصالياً، بعدما اقتحم مئات من أنصار روسيا مركزها أمس. وكانت السلطات اعتقلت حوالى 170 انفصالياً إثر مقتل 42 شخصاً، بعضهم برصاص، ولكن معظمهم توفوا اختناقاً في مبنى النقابات في أوديسا، بعدما تحصّنوا فيه، فأطلق مؤيدون لكييف قنابل مولوتوف على المبنى. وأعتبرت الاشتباكات في أوديسا التي تقع على البحر الأسود ويسكنها خليط من الناطقين بالأوكرانية والروسية، الأكثر دموية منذ إطاحة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في شباط (فبراير) الماضي، والأكثر عنفاً خارج حدود شرق البلاد حيث يحتل مؤيدو موسكو 10 مدن ويرفضون سلطة حكومة كييف. وزار ياتسينيوك المدينة، وأعلن عزل كل القادة البارزين في الشرطة، إذ اتهمهم بالتقصير، معتبراً أنها كانت أكثر اهتماماً بجني ثمار الفساد، بدل حفظ النظام. لكنه رأى أن «ما حصل في أوديسا هو جزء من خطة أعدّتها روسيا لتدمير أوكرانيا ودولتها، إذ أن هدفها هو أن تكرر في أوديسا ما يحصل في شرق البلاد». وتابع: «إنها خطة يموّلها وينظمها محترفون تلاعبوا بأناس عاديين، لكن البلد سيتوحّد وسيتصالح لئلا يمنح الإرهابيين الذين تدعمهم موسكو إمكان تقسيم شعبنا». في الوقت ذاته، أعلن وزير الداخلية الأوكراني أرسين أفاكوف تنفيذ «عملية لمكافحة الإرهاب» في مدينة كراماتورسك شرق البلاد، مضيفاً: «لن نتوقف». أما رئيس مجلس الأمن والدفاع القومي اندري باروبي فقال إن القوات المسلحة ستوسّع «مسرح عملياتها» في مدن أخرى، بعد كراماتورسك وسلافيانسك، حيث «ينفذ متطرفون وإرهابيون نشاطات غير قانونية». وأوردت صحيفة «بيلد أم سونتاغ» الألمانية أن عشرات من عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) ومكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) يساعدون السلطات الأوكرانية، في كييف فقط، على إنهاء التمرد في شرق البلاد وإنشاء هيكلية أمنية فاعلة، مستدركة انهم لا يشاركون مباشرة في قتال الانفصاليين. وأشارت إلى أنهم يساعدون كييف أيضاً على رصد ثروة يانوكوفيتش ومكافحة الجريمة المنظمة. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اتصل بنظيره الأميركي جون كيري، مطالباً واشنطن باستخدام نفوذها لدى كييف لوقف «حرب أوكرانيا على شعبها». أما وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير فدعا، في اتصالات هاتفية مع كيري ولافروف ونظيرته الأوروبية كاثرين آشتون ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، إلى عقد مؤتمر دولي ثانٍ في جنيف، لمحاولة تسوية الأزمة في أوكرانيا. إلى ذلك، أفادت وكالة «فرانس برس» بأن عشرات الطائرات الروسية، بينها مقاتلات استراتيجية ومن طراز «ميغ-29» وللنقل العسكري، شوهدت في سماء شبه جزيرة القرم التي سيزورها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة المقبل، للمرة الأولى منذ ضمّها إلى موسكو. ورجّح خبير عسكري أن تكون موسكو تنوي «تعزيز وجودها العسكري في القرم».