يجزم كثر بأن نزال الملاكمة المنتظر الذي يجمع الأوكراني فلاديمير كليتشكو والبريطاني أنطوني جوشوا على ألقاب عالمية للوزن الثقيل السبت المقبل في ستاد ويمبلي اللندني أمام 90 ألف متفرّج، سيشكّل جرعة إنقاذ ل «تكلّس» هذه الفئة و «ترقق عظامها» في الأعوام الأخيرة، حيث خطفت أوزان أدنى جزءاً كبيراً من الأضواء. هكذا يلخّص خبراء الموقعة بأن «الأفضل ينازل الأفضل» ما سيحيي «الوزن الأول» ويعيد إلى «الفن النبيل» ألقاً افتقده. والعلامات الإيجابية في هذا الإطار يجسّدها جوشوا (27 سنة) تحديداً، أو «الظاهرة المتفاقمة» التي حققت 18 فوزاً منذ احترافها بعد التتويج الأولمبي في «لندن 2012»، كلها بالضربة الفنية القاضية، ولم ينجح إلا ملاكمان اثنان فقط بالصمود في وجهها إلى ما بعد الجولة الثالثة. ويتوقّع أن تدرّ المباراة 48.7 مليون يورو، علماً أن جوشوا حقق عائداً من لقائه الأخير أمام المكسيكي إريك مولينا بلغ 2.3 مليون يورو (10 كانون الأول/ ديسمبر الماضي)، وقدّرت ثروته العام الماضي ب15.6 مليون يورو. ويعتقد الملاكم القديم سكوت وولش أن مواطنه جوشوا سيصبح أول ملاكم بليونير، ويوافقه الرأي مديره التجاري فريدي كاننغهام. والعلامات المضئية في مسيرة جوشوا أنه يلاكم في الوزن الثقيل، والذين سيطروا على الساحة في الأعوام الأخيرة أمثال الأميركي فلويد مايويزر (تقدّر ثروته ب720 مليون يورو) كانوا يتبارون في أوزان أدنى، ولم يجذبوا داعمين كثراً، على عكس جوشوا المتعاقد مع 10 أسماء إعلانية، وأطلق أخيراً وكالة تسويق خاصة لإدارة أعماله. كما يتميّز جوشوا بأنه «هالة محترمة» ويتمتّع بذكاء وشخصية جذابة على عكس الصورة النمطية المطبوعة في الأذهان عن الملاكمين. والمهم أن يوفق دائماً بنزالات من العيار الثقيل ليتمكّن من توظيف قدراته ومضاعفة مداخيله. ويلفت وكيل أعماله إيدي هيرن إلى أن الإقبال على المباراة فاق التوقعات، فحين طرحت الدفعة الثانية من التذاكر للبيع وعددها 30 ألف تذكرة في 16 كانون الثاني (يناير) الماضي، بيعت في أقل من 90 دقيقة. ويضيف: «يمكننا أن نملأ بسهولة سعة ملعبين بحجم ويمبلي». حتى سن الثامنة عشرة لم يكن جوشوا يفكّر مطلقاً بالملاكمة. لكنه التزمها تماماً، بعيداً من حياة المشاهير وقشورها. فعلى رغم ثروته لا يزال يعيش مع والدته مردداً «أنا مع الناس دائماً». وإذا كانت المصادفة قادته إلى رياضة «الفن النبيل» وفتن بها وبنجمها السابق المثير للجدل الأميركي مايك تايسون، فانتصاره الأكبر أنه لم يقلدّه في حياته خارج الحلبة، فبدا نقيضه الإيجابي. بتواضع، يتوقّع جوشوا مواجهة قاسية مع كليتشكو «الأكبر مني سناً لكنه قوي جداً. حمل 3 ألقاب عالمية دفعة واحدة (الاتحاد الدولي، المنظمة العالمية، والرابطة العالمية) ولم يخسر في 68 مباراة إلا 4 مرات (53 فوزاً بالضربة القاضية). وأسعى إلى تحويل نقاط ضعفي إلى قوة تسهّل تفوّقي». وكان البريطاني تايسون فيوري جرّد كليتشكو من لقبه في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، لكنه سقط بعد نحو عام في اختبار للمنشطات، فتقّدم جوشوا الأضواء ويتوسم الخبراء فيه «منقذاً»، خصوصاً أن أيام كليتشكو على الحلبة باتت معدودة نظراً إلى تقدّمه في السن، وإن فاز السبت المقبل. وتحضّر «الجبل الأوكراني» في جبال الألب النمسوية في فندق مترامي الأطراف وسط طبيعة ساحرة وأجواء محفّزة تساعد على التركيز، وذلك ليزيل «الصدأ» عن مفاصله بعد هزيمة صادمة قبل 17 شهراً وضعت حداً لاحتكار طال 11 عاماً، متوّعداً خصمه أنه نادراً جداً ما ينجح المرء في تسلّق قمة إيفرست مرتين.