شنّت الشرطة حملة دهم متزامنة في المحافظات التركية ال81، وأوقفت أكثر من ألف شخص اعتبرتهم «أئمّة سريين» يعملون لمصلحة الداعية المعارض فتح الله غولن، واتهمتهم بتوجيه أتباع لرجل الدين في الشرطة. وأصدرت السلطات أوامر لاعتقال حوالى 2200 آخرين. وأعلن «حزب الشعب الجمهوري» المعارض انه سيطعن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بنتائج الاستفتاء على تحويل النظام رئاسياً في تركيا، فيما حضّت نائب أوروبية بارزة الاتحاد الأوروبي على أن يجمّد رسمياً مفاوضات عضوية أنقرة، إذا تبنّت التعديلات الدستورية التي أُقرّت في الاستفتاء. إلى ذلك، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن حملات الدهم استهدفت جماعة غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي. وأشار إلى أن الحملة طاولت كل المحافظات ال81، معتبراً أنها خطوة مهمة نحو تحقيق الحكومة هدفها في «إسقاط» الجماعة. وأضاف أن الموقوفين يعملون لمصلحة غولن ويُطلق عليهم «أئمّة سريين»، لافتاً إلى اتهامهم ب «اختراق الشرطة، ومحاولة قيادتها من الخارج، من خلال تشكيل هيكل بديل (للشرطة)، عبر تجاهل الدولة». وأفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بتوقيف 1013 شخصاً، في عملية اعتبرتها الأضخم ضد جماعة غولن في الشهور الأخيرة، وشارك فيها 8500 شرطي. وأوردت وسائل إعلام تركية أن الموقوفين جزء من 3224 شخصاً أمرت السلطات باعتقالهم. وأعلن صويلو توقيف أكثر من 47 ألف شخص منذ المحاولة الانقلابية، بينهم 10700 شرطي و7400 عسكري. كما عزلت السلطات أو أوقفت عن العمل 120 ألفاً، في الجيش والشرطة والتعليم والقضاء والقطاع العام. وأتت التوقيفات بعد 10 أيام على استفتاء أقرّ تحويل النظام رئاسياً في تركيا، ما يعزّز سلطات الرئيس رجب طيب أردوغان، علماً أن المعارضة ومراقبين أوروبيين تحدثوا عن مخالفات شابته. وأعلن «حزب الشعب الجمهوري» أنه يعتزم الطعن بنتائج الاستفتاء، أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إذ يتهم اللجنة العليا للانتخابات بقبول «بطاقات اقتراع غير مختومة»، استجابة لطلب قدّمه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم. واعتبر الحزب اليساري أن «نتيجة الاستفتاء غير شرعية»، مشدداً على «أولوية الدفاع عن حقوق جميع مواطنينا». يأتي ذلك بعد يوم على رفض المحكمة الإدارية والمحكمة الدستورية العليا في تركيا، طلب المعارضة درس طعونها بنتائج الاستفتاء الذي أثار «مخاوف جدية» لدى الاتحاد الأوروبي، في شأن المعايير الديموقراطية في أنقرة، كما قال فالديس دومبروفسكيس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية. واستدرك في إشارة إلى تعاون الجانبين في ملف اللاجئين والمهاجرين: «لدينا مخاوف جدية، ولكن في الوقت ذاته هناك مجالات يجب أن نعمل فيها معاً، والأمر متروك لتركيا لتوضيح نياتها تجاه الاتحاد وفي ما يتعلّق بعملية العضوية». في السياق ذاته، رأت كاتي بيري، وهي نائب هولندية تنتمي إلى يسار الوسط، ومقرّرة لجنة خاصة بتركيا في البرلمان الأوروبي، أن أنقرة ستُغلق الباب أمام انضمامها للاتحاد، إذا طبّق أردوغان التعديلات الدستورية التي أُقرّت في الاستفتاء. وأضافت: «بما أنه لا يمكن لتركيا، في ظل هذا الدستور، أن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي، فليس منطقياً أيضاً مواصلة مناقشات الاندماج مع الحكومة الحالية. على الاتحاد أن يجمّد رسمياً محادثات العضوية، في حال تطبيق التعديلات الدستورية بلا تغيير». واستدركت بيري أن تجميد المفاوضات يجب ألا يحدث إلا لدى صدور الدستور «الاستبدادي» الجديد، بعد انتخابات رئاسية ونيابية مرتقبة في تركيا أواخر العام 2019. وشددت على وجوب إبقاء تركيا «دولة مرشحة» لعضوية الاتحاد، لكي لا يخذل شعبها. وكان أردوغان اعتبر أن «الاتحاد يغلق أبوابه أمام تركيا»، ملوحاً بتنظيم استفتاء على عضويتها فيه.