دخل الجانب الغربي في مباحثات جنيف متأملاً اظهار الجانب الايراني «مرونة» استجابة للضغوط التي فرضت عليه لحمله على قبول الشروط الغربية. فأميركا توسلت، في الاشهر التسعة الماضية، المقاطعة الاقتصادية والمالية، على انواعها، ولوحت بالخيارات العسكرية. وتزامن التصعيد هذا مع الاضطرابات التي سببتها الفتنة الداخلية، والاغتيالات التي استهدفت العلماء النوويين. ولكن الجانب الايراني دخل المفاوضات وثقته راجحة في مقومات مقاومته وصموده. فإيران نجحت، في السنة والنصف الماضية، في استيعاب آثار اضخم خطة اميركية لتقويض النظام الايراني كان من المفترض أن تنفذ خلال فتنة 2009. وأفلحت طهران، كذلك، في استيعاب آثار المقاطعة الاقتصادية، وخصوصاً في مجالي النفط والغاز. ووقفت موقفاً حازماً ازاء التهديدات الاميركية والاسرائيلية. ولم تؤثر عمليات الاغتيال التي استهدفت العلماء النوويين في المواقف الايرانية. لذا، استطاع الجانب الايراني سحب المبادرة من الجانب الغربي. وبادر في الجولة الاولي من المباحثات الى تحميل الولاياتالمتحدة، واسرائيل وبريطانيا مسؤولية الوقوف وراء عمليات اغتيال العلماء الايرانيين. وفي الجولة الثانية، نجح المفاوض الايراني في حمل الغرب على قبول معالجة القضايا المطروحة في اطار رزمة واحدة، في وقت حاولت الدول الغربية، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، بحث كل موضوع على حدة. وسعت أميركا في مباشرة المباحثات حول الملف الافغاني، في وقت تتواصل فيه المباحثات حول الملف النووي. وهذا ما رفضته ايران جراء نوايا الجانب الاميركي الذي حاول الجمع بين الضغط في معالجة أحد الملفات وتقديم امتيازات في مفاوضات الملف الآخر. والخلاصة ان ايران لم تجلس علي طاولة المباحثات على أنها الطرف المتهم. واستطاعت اثبات ان القلق الدولي ازاء السلوك الغربي في مجالات مختلفة يفوق الادعاءات الموجهة الى ايران. ولم يتمكن الجانب الغربي من تحقيق اهدافه في هذه الجولة التي ارادها ان تكون صورية تنتهي الى تحديد موعد الاجتماع المقبل ومكان انعقاده. بل رضخ لمطالب الجانب الايراني في جدولة المباحثات اللاحقة. ولا بد من الاشارة الي نقطتين مهمتين أولها طلب ايران استبدال «الحوار من اجل الضغط بالحوار من اجل التعاون». وكان لها ما أرادت. والثانية استبعاد الملف النووي من الحوار حول «النقاط المشتركة». فالملف النووي ليس من «النقاط المشتركة»، بل هو من المزاعم الواهية التي تفقد اهميتها خلال مناقشة تلك النقاط. * معلق، عن «كيهان» الايرانية، 11 / 12 / 2010، اعداد محمد صالح صدقيان