أثار المدرب الوطني (القدير) عبداللطيف الحسيني، في برنامج الجولة مع الزميل (العزيز) وليد الفراج، موضوعاً مهماً للغاية يصب في عالم الاحتراف ويتعمق فيه بشكل دقيق ويكشف في الوقت نفسه المسافة الطويلة بيننا وبين الاحتراف الحقيقي، الذي نأمل أن يأتِ اليوم الذي يكون لدينا احتراف يتوازى مع الطموحات، وما أثاره الحسيني يتناول صعوبة احتراف لاعب كرة القدم لدينا بسبب المجتمع الذي يعيش فيه، وهذه الخصوصية تمنع من صناعة لاعب كرة قدم محترف على الوجه الأكمل، لأن المجتمع من خلال عاداته وتقاليده وتركيبته لا يمكن أن يفرز لاعباً محترفاً كما في الغرب أو في بعض الدول المتقدمة، وضرب الحسيني مثالاً على ذلك بالنوم والأكل، فاللاعب لا يمكن أن ينام باكراً لأنه محاط بمجتمع هو في الأصل لا ينام باكراً، ولا يأكل وجباته اليومية وفق وقت محدد، إضافة إلى تنوع إشكال الوجبات بين اليوم والآخر. ففي وقت سابق، كان في الصين رياضة متخصصة، ولكن لم تكن محترفة شأنها شأن الدول في شرقي أوربا، ونظراً لأن لدى اللاعبين ما كان يقلقهم دائماً، ترك بعض اللاعبين الممتازين من المستوى الرفيع حياتهم الرياضية في ذروة حياتهم الرياضية، ومن أجل تغيير هذا الوضع، سارت كرة القدم الصينية على طريق الاحتراف في الدول المقدمة، ثم جرى إصلاح الاحتراف في مجال كرة السلة وكرة الطائرة وكرة الطاولة وغيرها من الألعاب إلى أن وصلت إلى القمة بفضل البيئة التي يعيشون فيها، فهم لا يسهرون في الليل وينظمون ساعات الأكل ما ساعد في تكوين قاعدة صلبة للاحتراف قفزت بالرياضة الصينية إلى أعلى المراتب في وقت قصير جداً، وهذا يندرج بالطبع على كل بلدان شرق آسيا، بدءاً من كوريا مروراً بماليزيا وصولاً إلى اليابان. أما لدينا فإن الحال مختلف، نحن في حاجة إلى احتراف يختلف عن البقية، في حاجة ماسة إلى احتراف يفي بالغرض من دون أن نقحم فيه مسألة السهر أو انتظام وجبات الطعام، أو أن ينفصل اللاعب أو الرياضي عن عادات وتقاليد المجتمع (وهذا مستحيل)، لذلك سيظل الرياضي لدينا يمارس احترافاً ناقصاً لا يمكن أن يصنع منه نجماً دولياً تتخاطفه الأندية الأوربية، كما نتابع بالنسبة للاعب الياباني أو الكوري وحتى الصيني، ونظامنا الاحترافي في حاجة إلى درس ذي ركائز محددة لا تعزل اللاعب عن مجتمعه، لكنها في الوقت نفسه ترتقي به إلى الدرجة الدنيا من الاحتراف الذي يساعده على أن يثبت قدرته على التكيف مع المجتمع، وفي الوقت نفسه مع عالم الاحتراف، ونجزم أن هناك حلولاً كثيرة، فالمعسكرات قد تؤدي إلى إيجاد حلول موقتة ربما أفضت في النهاية إلى أن يتحمل اللاعب عبأها في سبيل التفرغ لمهنته فترة من الزمن، فلدينا طلاب ضحوا بالكثير من أجل تحصيل العلم في دول تختلف كلياً عن مجتمعنا وعادوا إلى الوطن وهم ناجحون وبدرجة امتياز، اليوم نحن بحاجة إلى إيجاد طرق أكثر سهولة من واقعنا لصنع لاعب محترف بالمعنى الحقيقي للاحتراف، لكن وضعنا الراهن لا يمكن أن يصنع لاعباً واحداً يمكن أن نرى فيه اللاعب الأمثل في تطبيق الاحتراف، فنجومنا أكثرهم محترفون، لكن عند تجديد عقودهم فقط، إذ لا يعلوا صوت على لغة المال. [email protected]