وصل وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس إلى السعودية أمس، وكان في استقباله رئيس هيئة الأركان السعودي عبدالرحمن البنيان، في بدء جولة إقليمية، ستركز وفق مصادر وخبراء تحدثوا إلى «الحياة» على تعزيز هيكلية التعاون العسكري و «ردع التهديدات الإيرانية»، والبحث في خطط ما بعد تحرير الأراضي السورية والعراقية من «داعش». وقال ماتيس للصحافيين قبل وصوله إلى الرياض إن بلاده تدفع لإجراء مفاوضات بإشراف الأممالمتحدة لإنهاء النزاع في اليمن «في أسرع وقت ممكن». وشدد على أن الصواريخ التي يطلقها الحوثيون باتجاه الأراضي السعودية، «إيرانية»، مضيفاً «يجب أن تتوقف». وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن هناك قلقاً أميركياً خاصاً، لأن تنظيم «القاعدة» في اليمن يستخدم «مساحات غير خاضعة للرقابة» لتخطيط الهجمات على الولاياتالمتحدة. وماتيس، أحد الوجوه الأكثر نفوذاً في الإدارة الأميركية ومن أبرز المقربين إلى الرئيس دونالد ترامب، بدأ جولته الإقليمية من السعودية ويتوقع أن يجتمع، للمرة الثانية خلال شهرين، مع ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان. وأكد الخبير الدفاعي في «مركز الأمن القومي الأميركي» نيكولاس هيراس ل «الحياة» أن محطتي السعودية وقطر «هما الأهم في زيارة ماتيس بسبب تطلع إدارة ترامب لكسب دعم دول الخليج في مرحلة ما بعد داعش في سورية والعراق وفي التصدي لنشاطات إيران الإقليمية». ويحمل ماتيس إلى الشرق الأوسط أولويات الإدارة الجديدة، علماً أن هذه هي الزيارة الثانية له إلى المنطقة بعد زيارته دولة الإمارات العربية المتحدةوالعراق في شباط (فبراير) الماضي. إلا أن هذه الرحلة تتقاطع مع اكتمال فريق ترامب الدفاعي والخارجي، الذي يحظى فيه الجيش الأميركي بحضور فاعل ودور استثنائي من خلال ماتيس ومستشار الأمن القومي الجنرال المتقاعد هربرت ماكماستر. وأكدت مصادر ديبلوماسية أن واشنطن بدأت البحث مع الشركاء العرب في خطط إعادة الإعمار في مناطق يتم تحريرها من «داعش» وإعداد خطط إدارية ولوجيستية بعد تحرير هذه المناطق، منعاً لإعادة سيطرة الإرهابيين أو خصوم واشنطن عليها. ويحمل ماتيس أيضاً إلى العواصم التي يزورها التزامات «تعزيز الروابط الدفاعية» كما أكد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية «بنتاغون». وتلفت مصادر ديبلوماسية خليجية إلى جهود إدارة ترامب، وبخلاف إدارة باراك أوباما، في التمهيد لاستئناف مبيعات الأسلحة إلى السعودية والبحرين وبعدما كان عطل جزءاً منها الرئيس السابق بسبب حرب اليمن. وأبلغ وزير الخارجية ريكس تيلرسون الكونغرس بالمباشرة بالخطوات الإدارية لتمرير صفقة الأسلحة مع السعودية، كما رفعت إدارة ترامب جميع الشروط التي كان وضعها أوباما على بيع الأسلحة إلى البحرين. ومن السعودية سيتجه ماتيس إلى مصر، حيث سيزور قبر الجندي المجهول، وسيجتمع بالقيادات المصرية ومن هناك سينتقل إلى إسرائيل الخميس حيث سيلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان. وبعد تل أبيب، سيتوجه ماتيس السبت إلى قطر، حيث سيتناول البحث في هيكلية تعاون دفاعي أفضل بين شركاء أميركا في المنطقة. ومن قطر سينتقل إلى جيبوتي للاجتماع برئيسها عمر غويليه، كما سيزور قاعدة عسكرية حيوية لأميركا على البحر الأحمر، وهي محورية في الحرب على «القاعدة» في اليمن و «حركة الشباب» في الصومال. ولمس مسؤولون عرب زاروا واشنطن أخيراً استعداداً وجدية أكبر لدى إدارة ترامب في محاربة الإرهاب واحتواء نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار. وتحدثوا عن نوع من «الوضوح في العلاقة» و «تفهم أكبر لحاجات شركاء الولاياتالمتحدة وأصدقائها الحقيقيين في المنطقة». وهذه الزيارة هي الأشمل لأي مسؤول من إدارة ترامب للمنطقة، علماً أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون كان زار تركيا، فيما توجه صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر إلى العراق منذ أسبوعين. ونقلت وكالة «رويترز» عن خبراء ومسؤولين أميركيين قولهم إن «ماتيس سيبلغ الدول التي يزورها عن تطور سياسة ترامب تجاه سورية»، إضافة إلى الأساليب التي ستستخدمها الإدارة في الحرب ضد «داعش» واستعدادها لاستخدام القوة العسكرية على نحو أكثر مما فعله أوباما». وقال مسؤولون في الإدارة إن «الاستراتيجية الأميركية في سورية، المتمثلة في هزيمة داعش، تتلازم مع استمرار المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وهي الرسالة التي من المتوقع أن يؤكدها ماتيس». ويرى المسؤولون أن الولاياتالمتحدة تبحث في تعميق دورها في اليمن من خلال تقديم مساعدة مباشرة على نحو أكبر لحلفائها الذين يقاتلون الحوثيين المدعومين من إيران. وتأتي إعادة النظر في احتمال تقديم مساعدات أميركية جديدة تتضمن دعماً في مجال الاستخبارات وسط أدلة على أن إيران ترسل أسلحة متقدمة ومستشارين عسكريين إلى الحوثيين. ويقول خبراء إن المسؤولين المصريين سيطلبون على الأرجح المزيد من الدعم خلال زيارة ماتيس، من أجل قتال الإرهاب في شبه جزيرة سيناء. وذكر في القاهرة أن ماتيس، سيلتقي الرئيس عبدالفتاح السيسي، ووزير الدفاع صدقي صبحي، للبحث في مستقبل المساعدات العسكرية لمصر، والحرب على الإرهاب. وستتركز المحادثات على دعم الجيش المصري في مواجهة التنظيمات الإرهابية، وتأمين المعدات التي طلبتها مصر لا سيما لضبط الحدود، كما ستتطرق إلى استئناف التمرينات المشتركة بين الجيشيْن المصري والأميركي (النجم الساطع)، والتي كان أوقفها الرئيس السابق باراك أوباما».